تحت عنوان «الملف الخطير برعاية الكبير» كتبت قبل أسبوعين أطلب من السيد الرئيس أن يتولي شخصيا إدارة هذا الملف ووضعه تحت رعايته.. فالخلافات أيا كان نوعها وحجمها يمكن حلها بالمفاوضات.. فإذا كنا نتفاوض مع العدو فالأولي أن نتفاوض مع الأشقاء والأصدقاء الذي يربطنا بهم شريان الحياة نهر النيل.. السياسة لها ألف باب وألف وجه وتحتاج إلي الصبر والقدرة علي إدارة المفاوضات!.. ويقيني أن القيادة السياسية لن تسمح أن يكون مصير هذا الملف مثل الملفات السابقة التي فشلنا في إدارتها! الملفات السابقة مثل ملف المونديال والأوليمبياد والاتحاد العربي لكرة القدم فشلنا فيها لأننا أدرناها بالفهلوة المصرية المعتادة! ولم نحسن استخدام الأدوات أوكلنا إدارة هذه الملفات لأشخاص ليست لهم خبرة بمثل هذه الأمور!.. في الملفات السابقة استخدمنا أدوات ووسائل ترويج خايبة.. في ملف المونديال قدمنا حافظة مستندات بقدرتنا علي تنظيم هذا العرس الكروي العالمي وكانت كالتالي: حفل غنائي راقص للفنانة المصرية روبي أو سيارات تطوف المحافظات المصرية تحمل لافتات مكتوب عليها مصر تنظم مونديال 2010! في نفس الوقت الذي كانت فيه جنوب أفريقيا يقدم ملفها لدول العالم رجل اسمه نيلسون مانديلا بتاريخه وجهاده الذي يعرفه العالم كله.. وبالطبع كانت النتيجة معروفة صفر وفضيحة لمصر والتنظيم واقامة كأس العالم من نصيب جنوب أفريقيا! وما حدث في ملف المونديال حصل في الأوليمبياد التي كان نصيب مصر منها ميدالية برونزية يتيمة حققها لاعب الجودو السكندري هشام مصباحَ وبعد صفر المونديال وخيبة الأوليمبياد هاجت الدنيا وماجت وفتحنا الملفات وكتبنا المقالات واشتعلت الصحف بالمانشيتات التي تطالب بمعاقبة كل من تسبب في إلحاق الفضيحة بهذا البلد! وبعد فترة هدأت الأمور وكأن شيئا لم يكن! نفس الوجوه التي نراها ونطالع تصريحاتها عن عظمة مصرومكانة مصر! حتي جاءت انتخابات الاتحاد العربي لكرة القدم وكان الفشل من نصيب ممثل مصر الذي لم يجد وسيلة للحديث عن الفشل إلا التهديد بمقاطعة مصر لكل البطولات التي ينظمها الاتحاد العربي! وأن مصر لن تخسر شيئا بانسحابها وانسلاخها من الاتحاد والعرب هم الذين سيخسرون طبعا كلام ساذج! في كل مرة نفشل فيها لانعترف أن السبب تقصير منا ولكن نبحث عن شماعات وتبريرات! ولا نحاول القضاء علي السلبيات أو تلافيها!.. في حالة الفوز أو النجاح وهو قليل يتسابق الكل للظهور في الصورة حتي ينال نصيبه من التورتة! وعند الفشل وهو كثير يتواري من كان يتباهي بالأمس بأنه أهم أسباب النجاح!.. هل رأيتم أو سمعتم عن مسئول مصري في التاريخ المعاصر فشل في موقعه اعترف بأنه مقصر!.. هل رأيتم أو سمعتم أن مسئولا مصريا فاشلا استقال من منصبه!.. المسئولون عندنا نوعية مختلفة من البشر لا يأتيهم والعياذ بالله الباطل من بين أيديهم أو من خلفهم! المسئول المصري دوما ملهم ويشع إلهامه علي من حوله! وتعليماته وتوجيهاته هي سبب النجاح!.. الملفات السابقة كوم وملف مياه النيل كوم آخر! هذا الملف لايحتمل أي نسبة للفشل! ملف مياه النيل يعني حياة شعب مصر والشعوب الأفريقية التي يأتي منها أو يمر فيها هذا النهر العظيم! وبالتالي مطلوب مزيد من التواصل والانفتاح علي هذه الشعوب وزيادة التعاون معها.. وقد أسعدني خبر استقبال الرئيس مبارك للرئيس الأريتري في شرم الشيخ.. وأتمني أن تكون هذه الزيارة بداية لمزيد من التعاون مع الدول الافريقية الأخري أوغندا وأثيوبيا وكينيا وتنزانيا وأتصور أن الكثير من المؤسسات داخل مصر وبالذات المؤسسات الدينية مثل الأزهر الشريف والكنيسة المصرية وشركات المقاولات الكبري مثل «المقاولون العرب» يمكن أن تلعب دوراً في تعميق الروابط والتعاون في مختلف المجالات مع هذه الدول الأفريقية.. وكفانا تجاهلا لهذه الدول وها نحن نجني الآن ثمار هذا التجاهل! مرة أخري الفشل مرفوض بالنسبة لهذا الملف الخطير. بقي شئ ينبغي التأكيد عليه وادراكه جيداً وهو أن من كان يحبو بالأمس نهض وأصبح قادرا علي المشي! فنحن مازلنا ننظر إلي الأشقاء علي أنهم لايستطيعون النهوض والتقدم بدون مساعدتنا! الأمور تغيرت، من كان صغيراً بالأمس أصبح كبيراً.. ومن كان فقيراً أصبح غنياً.. ومن كان متخلفاً أصبحت كل أدوات التقدم ملك يديه وطوع أمره كفانا إعجاباً بأنفسنا.. وتباهياً بقدرتنا وما ضينا التليد، علينا أن نتحرك قبل أن يدهسنا قطار الحياة، علينا أن نعالج عيوبنا قبل أن يعايرنا الأخ والصديق!