· هل نسي الجزائريون أن مصر هي التي ساهمت في بناء الجيش الجزائري وأمدته بالسلاح والعتاد وأكفأ ضباطنا لتدريب ضباطهم وجنودهم · ماذا كان الحال لو فازت مصر علي الجزائر.. من المؤكد أن المصريين كانوا سيتعرضون لمذبحة حقيقية بكل همة وعزيمة، أقامت الجزائر بدعم رئاسي جسرا جويا إلي السودان لنقل 35 ألف جزائري، يحملون السكاكين والسيوف والمطاوي لذبح المصريين، والثأر لمنتخبهم الذي تلقي هزيمة علي يد المنتخب المصري في استاد القاهرة يوم 14نوفمبر .. لماذا يكره الجزائريون مصر إلي هذا الحد.. ولماذا يكنون لنا العداء والحقد وبصورة لم يفعلوها مع الصهاينة الذين ابتلعوا فلسطين ودنسوا المسجد الأقصي .. نسي الجزائريون ماذا فعلت مصر من أجل تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي الذي انتهك أعراض الجزائريات.. نسي الجزائريون أن مصر هي التي ساهمت وشاركت بقدر كبير في بناء الجيش الجزائري أمدته بالسلاح والعتاد وأكفأ ضباطنا لتدريب ضباطهم وجنودهم.. ونسي الجزائريون أن إذاعة «صوت العرب» التي انطلقت من القاهرة عام 1953 كانت مهمتها الرئيسية هي تحقيق الاتصال بين قيادات المقاومة في الخارج وثوار الداخل.. ونسي الجزائريون أن مصر تكبدت أعمال فرنسا العدائية وكان من بينها اشتراكها في حرب العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 بسبب دعم مصر للجزائر. نسي الجزائريون كل ما قدمته مصر للجزائر، وخرجوا يحرقون العلم المصري، ويسبون مصر وشعبها.. وهنا يطرح السؤال نفسه.. إذا كان جيل الشباب الحالي في الجزائر مما شاهدناهم علي شاشات التليفزيون يهينون مصر، لا يدركون ما قدمته مصر للجزائر.. فهل نسي ذلك الرئيس الجزائري «بوتفليقة» وإذا كان بوتفليقة نسي هذا بحكم السن، فأين الصفوة وكبار المثقفين في الجزائر.. وأين رجال المؤسسة العسكرية التي تلقت تدربياتها وتعليمها علي أرض مصر. لا تلوموا حسن شحاتة.. ولا تلوموا المنتخب القومي.. ماحدث في القاهرة 14نوفمبر، والخرطوم 18 نوفمبر وما قبلهما وما بعدهما لا علاقة له بكرة القدم، ولا علاقة له بالرياضة.. هي مهزلة لا تصنع مباراة، بل بداية لنشوب حرب بين بلدين من المفترض أنهما عربيان!! لم أصدق نفسي وأنا أري بأم عيني كل هذا الجنون، وكل هذا الهوس الإعلامي، والشحن، والتحريض، والتطاول، والتضليل، والأكاذيب التي قادها الإعلام الجزائري.. ولم أصدق أن تنزلق مصر بمسئوليها وإعلامها إلي هذا المستنقع الجزائري الغبي.. لأن مصر أكبر من ذلك بكثير.. مصر عظيمة، وكبيرة، وعاقلة، وشامخة، ورائدة، ومعتدلة، وقوية بإعلامها وصحافتها.. وقوية برجالها وشبابها وعقولها وسواعدها.. مصر كان يمكنها أن تتجاوز الأفعال الصبيانية.. وكان يمكنها أن تضع الأمور في نصابها منذ البداية، لكن حدث العكس، وكانت النتيجة أن إعلامنا كان مبالغا.. ومبالغا جدا عندما شحن الجماهير وكأننا مقبلون علي حرب عسكرية سيتحدد فيها مصير أمة بأكملها .. لدرجة أن قنواتنا الفضائية والأرضية وصفت مجرد وصول منتخبنا القومي إلي كأس العالم - وليس الحصول علي الكأس - بأنه «حلم المصريين».. وكنا نخشي أن يتحول هذا الشحن الزائد في حالة الهزيمة إلي صدمة نفسية تؤدي إلي مزيد من اليأس والإحباط.. وهو ما حدث بالفعل بعد هزيمة منتخبنا.. لماذا لم يتدخل «مبارك» و«بوتفليقة» لاحتواء الأزمة من بدايتها، قبل أن تتحول إلي معركة يتراشق فيها إعلام البلدين بالألفاظ.. ثم إلي معركة بالسكاكين والسيوف والشوم في الخرطوم .. لماذا اختفي صوت العقل.. وأين هي حكاية العروبة ولقاء الأشقاء والأخوة، وهو كلام فارغ نسمعه عقب لقاءات الزعماء العرب.. لقد أثبت الواقع المؤسف والمؤلم، أن مشروع الحلم العربي، وهم.. وأن الوحدة العربية سراب، وأن علاقات الأخوة وعناق الرؤساء والملوك العرب أمام شاشات التليفزيون وكاميرات المصورين هي مجاملات هابطة، لا تعبر عن حقيقة الوضع العربي المخزي. الحقيقة، أن العرب جميعا منفصلون ومنعزلون ليس عن العالم المحيط بهم، ولكن عن أنفسهم أيضا.. لا يحترمون تاريخهم أو لغتهم أو مستقبل شعوبهم، أو حتي علاقات الدم. الهزيمة المعنوية التي تلقاها الشعب المصري عقب هزيمة المنتخب القومي في معركة الخرطوم.. يتحمل مسئوليتها النظام الحاكم في مصر.. لأنه لم يتدخل لوقف عمليات الشحن الزائدة عن حدها.. ولم يدرك أن المنتخب القومي يلعب مباراة كرة قدم.. وأن الكرة، فيها غالب ومغلوب.. وأن كل الاحتمالات قائمة.. صحيح أن كل مصري كان يتمني أن يفوز منتخبنا بالمباراة.. ويصعد للمونديال .. لكن إرادة الله الذي لا يعلم الغيب إلا هو، كانت أقوي.. فإذا كانت المباراة الفاصلة فاز فيها الجزائريون، ترتب عليها أن قاموا بمطاردة المصريين في شوارع الخرطوم وأم درمان بالمطاوي والسكاكين والسيوف، واعتدوا عليهم بالضرب ومن بينهم فنانون مصريون.. فماذا كان الحال لو فازت مصر علي الجزائر.. من المؤكد أن المصريين كانوا سيتعرضون إلي مذبحة حقيقية، وكان سيسقط منهم المئات بين قتيل وجريح.. نحمد الله أننا هزمنا، فدماء المصريين أغلي من الصعود إلي المونديال وأغلي من كأس العالم. وماحدث للمصريين في السودان علي أيدي الجزائريين البربر تتحملة القيادة السياسية في الجزائر.. فقد أصيب 178مصريا بسبب اعتداءات الجزائريين الهمجية.. وما كان للقيادة السياسية في الجزائر أن تصمت أمام أكاذيب تنشرها الصحف الجزائرية، وهي الأكاذيب التي أشعلت نار الفتنة، وحرضت جماهير الجزائر المخدوعة علي الانتقام من المصريين علي اعتبار أنهم وحوش وإرهابيون. ما حدث من الجزائر يجب ألا يمر مرور الكرام..وعلي القيادة السياسية في مصر أن تعيد حساباتها في إعادة كرامة المصري في كل البلدان العربية.. فالمصري مهان في كل مكان في العالم، وداخل الدول العربية أكثر من الأوروبية.. أعيدوا للمصري كرامته كما كان في السابق.