· تكتشف «منة» أن الحلاق العجوز كان له ماض مجيد في المهنة، فهو حلاق الطبقة الارستقراطية في حي جاردن سيتي الانجاز الوحيد والجديد في فيلم «الحكاية فيها منة» أن بشري «حلقت» للسفير الأمريكي شخصيا.. ولكن للأسف دون أي مبرر سياسي، ولا حتي درامي! يوهمنا فيلم «الحكاية فيها منة» في المشاهد الأولي بأننا أمام عمل خفيف وظريف يقوم علي حكاية بنت سكندرية من بنات البلد الجدعان، وأن الكوميديا هي أسلوب المعالجة في الحكي، وأن الغناء هو فاكهة هذا العمل، أليس إيساف مغنياً، وبشري لها تجارب مع الغناء.. وبالإضافة إلي هذا، فالفيلم يحمل توقيع مخرجة جديدة «ألفت عثمان» وهو أمر يستحق الترحيب!.. ولكن مع مرور الدقائق والثواني يسقط الوهم ونكتشف أن صناع الفيلم أنفسهم لايعرفون ما هي حكاية الست «منة» هذه! الحكاية ببساطة أن «منة» مات والدها، وأصبحت تعاني من الوحدة رغم أنها تعيش مع أسرتها الكبيرة في العمارة التي ورثتها عن والدها الراحلاً، وهي فتاة مشهورة بوصفها «كوافيرة» ماهرة، وتقرر أن تفتح محلا يحمل اسمها أسفل العمارة التي تملكها، وأثناء اعداد المحل يتم التخلص من بعض الأعمدة الخرسانية لزوم اقامة محل متسع وفاخر، فتسقط العمارة.. وتصبح «منة» متهمة، فتقرر الهرب إلي القاهرة، وبالصدفة تلتقي بحلاق عجوز «لطفي لبيب» لديه محل في حي شعبي ويعاني من عدم وجود زبائن، فتعمل معه وتصبح «كوافير» رجالي، مما جعل الزبائن يتوافدون.. ورغم أن وجود «فتاة» تقوم بالحلاقة للرجال يمثل مفارقة ومادة كوميدية لمواقف عديدة، إلا أن المؤلف محمد حافظ والمخرجة لم ينتبها لذلك، فخرجت المواقف ثقيلة ومزعجة.. ويتبني الحلاق العجوز الفتاة، وتعيش مع أسرته المكونة من الأم «عايدة رياض» والابن «إيساف» خريج كلية السياسة والاقتصاد والذي يسعي للعمل في وزارة الخارجية ولكن مهنة والده تقف عائقا، ثم الابنة «لارا» وهي طالبة.. ويصبح من الطبيعي أن يحب ابن الحلاق فتاة الإسكندرية. وبدون مقدمات تكتشف «منة» أن الحلاق العجوز كان له ماض مجيد في المهنة، فهو حلاق الطبقة الارستقراطية في حي جاردن سيتي، ولكنه ترك المحل مغلقاً بعد الإجراءات الأمنية والحواجز التي أحاطت بمبني السفارة الأمريكية والتي يقع المحل أمامها مما جعل تردد الزبائن عليه يمثل مشكلة لدخول وخروج الزبائن، وبإصرار تقرر «منة» إعادة فتح المحل، وتستطيع بما تملك من شجاعة وحسن تصرف أن تجعل الزبائن يعبرون الحواجز الأمنية!.. ويصل الأمر إلي درجة أن السفير الأمريكي شخصيا يصبح زبوناً «تحلق» له منة!.. وإلي هنا فإن المسألة نوع من الكوميديا اللطيفة، ولكن ولأن «منة» تريد لحبيبها ابن الحلاق أن يحقق أمنيته بالعمل في وزارة الخارجية، فإنها تطلب من السفير الأمريكي أن يتدخل لتعين حبيبها، وتتحقق الأمنية!.. ويا له من خطأ سياسي ودرامي لا يغتفر لصناع هذا الفيلم، ويفتقر إلي الوعي والحس السياسي الصحيح، ولا أريد أن أضيف في هذه المسألة لأن طبيعة دراما الفيلم نفسه من بناء مرتبك، وحدوتة مفككة، وأحداث تخلو من أي ملامح لشخصياتها، يجعل الزج بمثل هذا الأمر في الفيلم كان مجرد مفارقة، ولكنها للأسف تبين إلي أي مدي وصلت خفة وجهل صناع بعض الأفلام بالبديهات السياسية والثقافية التي يصبح مجرد الاقتراب منها نوعا من البلاهة!.. فلا السفير الأمريكي يمكن أن يطلب ذلك، ولا يمكن لوزارة الخارجية أن تستجيب (!!). وعلي نفس المستوي فإن فكرة وجود محل حلاقة مغلق أمام السفارة الأمريكية يعني أن صناع الفيلم لهم رأي ورؤية سواء سياسية أو اجتماعية في غلق المنطقة المحيطة بالسفارة الأمريكية، ولكن «الحكاية فيها منة» لايتوقف أمام ذلك، ويكتفي بالإشارة إلي أن «منة» بنت شاطرة لأنها أعادت فتح «محل الحلاقة»! والفيلم ينتهي بعودة «منة» للإسكندرية وزواجها من ابن الحلاق، وبالتالي لانعرف ما مصير محل الحلاقة الذي أوقعه حظه العاثر أمام السفارة الأمريكية. حكاية «منة» إذن فشنك وفشلت «بشري» للمرة الثانية أن تصبح بطلة تتحمل عبء فيلم سينمائي، أما «إيساف» فهو من كوارث هذا الفيلم، لاحضور ولا أي اجتهاد لمحاولة الأداء التمثيلي وهو لا يصلح للوقوف أمام الكاميرا، ولا العمل في وزارة الخارجية!! الفت عثمان مخرجة محدودة وبلا طموح، وتفتقر للحس الفني والإبداعي.. ونأتي لمؤلف الفيلم محمد حافظ الذي كتب سيناريو بائس، لا أعرف كيف تحول إلي فيلم!