منظر مزدوج من سجن طره..ينقسم المسرح إلى نصفين يمثل زنزانتين في مواجهة الجمهور .. الأولى زنزانة فاخرة جدرانها بيضاء ..بها سرير فاخر ومكتب أثري تعلوه لوحة زهرة الخشخاش الشهيرة ..الزنزانة كأنها غرفة فندقية لولا أن بابها عبارة عن قوائم متراصة من قضبان حديدية يفصل بينها وبين زنزانة مظلمة رمادية الجدران قذرة الأركان..على الحائط المواجه للجمهور كتابات طباشيرية ورسوم متشابكة أكبرها لإمرأة شبه عارية مكتوب تحتها"الحب المستحيل" يدخل سجينان بملابسهم الزرقاء يتحركان نحو باب الزنزانة المشرفة على الزنزانة الفاخرة ثم يذرعان زنزانتهما جيئة وذهاباً في خطوات قلقة مضطربة.. سجين 1 : حيجي إمتى؟ سجين 2 : على وصول ..الجناح السلطاني اتوضب زي ماشفت ..مالوش حجة أساحبي (ياصاحبي) سجين 1: هو انت فاكر انه حيأنسنا على طول؟ يومين وشرفك ويخرج للدنيا اللي بقالنا تلاتين سنة محرومين منها! سجين 2 : (منفعلا) يخرج ؟ ..التحقيق حيتفتح تاني وطالما جه هنا يبقى دي نهايته.. سجين 1: (في تهكم) حتى لو قعد هنا عمره كله ..مفيش أحلى منها قعدة .. الزنزانة بقت عاملة زي القصر. ..ده غير التكييف و المية الساقعة..والقمر الصناعي سجين 2: صبرك بلله ..كله حيتسحب منه ..كلها مناظر يعني عشان حبايبه برة البلد..شوية وحتلاقيه نايم معانا على نفس الفرشة (يضحكان ثم يصمتان فجأة لسماع وقع أقدام من الجهة المقابلة يدخل على أثارها عبيد في زي السفرجية يحملون صحافاً من الطعام والفاكهة يضعونها أمامهم على منضدة ثم يخرجون وسط ذهول السجينين ) سجين 1 (لأحد هؤلاء صائحاً) احدف لي حتة لحمة طيب ! (لزميله) شامم الكباب؟..كباب الشعب(ضحك ثم صمت قصير يُسمع خلاله ثلاث دقات منتظمة فيهرع الاثنان نحو الباب فيلتصقان به ) أصوات (بطريقة عسكرية ) اتفضل يافندم ..نورت يافندم..كله تمام يافندم ! ( تُسمع موسيقى عسكرية كأنها معزوفة حرس الشرف ولكن بتوزيع شرقي راقص..يدخل خلالها من يمين المسرح مجموعة من الرجال في أزياء مزركشة ولكن يدخلون القهقرى - بظهورهم –ثم يقفون صفاً تمهيداً لقدوم الشخص المنتظر) السجينان : (بصوت واحد) أهو ..هو بعينه.. ( يدخل عجوز يرتدي ملابس ملكية من القرن الثامن عشر ويضع تاجاً من الصفيح فوق رأسه تحته باروكة صفراء ..العجوز يتمشى مختالاً ببردته القرمزية بينما تنحنى له الحاشية ويرفع أحدهم عقيرته بالهتاف) أحد الحاشية : يعيش الملك لويس السادس عشر .. الحاشية ( في صوت واحد) يعيش ..يعيش ( يقوم الملك برد التحية ملوحاً بيديه و يتقدم ليجلس على كرسي المكتب الوثير ثم يتلفت حوله ) الملك :(حائراً) أين ماري ؟ أحدهم : مولاتي الملكة ماري انطوانيت ذهبت لتفقد قصركم الجديد بالتجمع الخامس يامولاي! الملك : امم ..والأميران ؟ أحدهم : الأميران في اجتماع مع العم سام لوضع لمسات أخيرة لحفل البراءة التتويج .. الملك : نعم تذكرت ذلك ..يا لهفي عليهما ..(للحاشية) الآن اذهبوا عني جميعاً فقد تعبت ..(بقسوة) هيا لا صحبتكم السلامة ..( ينحنون ويخرجون بظهورهم ويبقى الحاجب بالباب) الملك :(يحدث نفسه وهو ينظر للزنزانة باستهتار) سجن ولكن لابأس به ..سجن ولكن مؤقت ..بالأمس كنت في القصر و اليوم في السجن ..وغداً من جديد في القصر .. ( السجينان يتبادلان النظرات في ذهول تام وغيظ مكظوم ) الملك (يواصل) أكاد أسمع هتاف الشعب يرن في أذني يدعوني للعودة ..( يتمثل) ارجع ..ارجع ..(يضحك) رحم الله "ارحل ..ارحل" .بل أنتم الراحلون ..استعد ياشعبي وانتظر مولاك ! ( يعطي ظهره للجمهور) السجين 2: (يفقد أعصابه) الراجل ده بيخرف بيقول ايه ؟ ده مجنون ..ولازم يعرف انه مجنون !( يشمر متأهباً للهجوم على باب الزنزانة) حخلص الشعب منه ..واجيب حق اللي ماتوا كلهم ! السجين 1 : ( يمسكه) اعقل متوديناش في داهية ..اعتبره أبوك يااخي! السجين 2 : (يتخلص من قبضته )احنا رحنا ف داهية خلاص ..لكن طول ما دول على وش الأرض حنفضل احنا تحت الأرض ! (يتراجع خطوتين عن باب الزنزانة ثم يجري محاولا كسره بكتفه على طريقة الأفلام العربية ..ولكنه يصطدم بقضبانه الحديدية فيسقط على الأرض بلاحراك ، ينتبه الملك فجأة لصوت الارتطام ويقترب بحذر ليراقب الموقف ) السجين 1 : (يقبل على صاحبه ويهزه عدة مرات )ياما قلت لك اعقل ..مهما كان ده أبوك! السجين 2 : أبوك .؟ .أبوك السقا مات ! (يضحك ثم يموت) (يسمع الملك الحوار فيفهم كل شيء فيشير للحاجب بعصبية على مسمع من الحاشية في الخارج) الملك (يصرخ في هيستريا) اقبضوا على الخائن المتآمر عدو الشعب ..امسكوه ..اصلبوه ..اعدموه على الخازوق .. أصوات الحاشية: ( من الخارج تهتف) يسقط أعداء الشعب ..يسقط الخونة ..عاش الملك ..عاش ! (جلبة و أصوات أقدام تجري بينما يتمدد السجين على الأرض بجوار صاحبه الميت مستسلماً ) ستار هامش : لويس السادس عشر ملك فرنسا قامت في عهده الثورة الفرنسية 1789م وتم اعتقاله ثم حاول الفرار من فرنسا مع زوجته ماري انطوانيت ولكن قد تم القبض عليهما ، اقتيد وزوجته للمقصلة أمام جموع الشعب في باريس 1893م .