في سالف الزمان كان هناك ملك ديكتاتور.. أذل البلاد والعباد.. اجتمع حوله حشد من المنافقين وحملة المباخر الذين يحيطون بكل السلاطين.. وكانت الحاشية المحيطة بجلالته تعيث في الأرض فسادا وظلما.. حتي عم الفساد والظلم أرجاء البلاد.. وساد الرعب والذعر في نفوس العباد. وفي يوم من الأيام.. شعر الملك الجبار بالملل والزهق من الثياب التي يرتديها.. فطلب المنادي وطلب منه أن يجوب البلاد.. ويعلن عن جائزة مالية خرافية لمن يبتكر زيا جديدا لجلالة الملك،ولكن المنادي أخبر الشعب بأن «الخياط» الذي سيفشل في حياكة الزي الذي يعجب مولانا سيتم قتله فورا! ونظرا لضخامة مبلغ المكافأة تسابق الخياطون من كل أنحاء البلاد في صنع الثياب لمولانا، ولكنهم جميعا فشلوا في صناعة زي ينال رضاء السلطان.. فإذا أعجب الملك بالخياطة لا يعجب بالقماش، وأحيانا يعجبه نوع القماش ولكن جودة الحياكة لا تروق لجنابه.. وفشل الجميع في صناعة زي السلطان، وقد نالوا جزاءهم وقتلوا جميعا! ولم يبق في البلاد إلا خياط وحيد كان داهية.. حاد الذكاء.. فذهب الي قصر السلطان وأخذ مقاسات الطول والعرض لمولانا ثم طلب إمهاله أسبوعين لإنجاز الزي الذي يروق لمولانا.. وقد حذره السلطان بأن مصيره سيكون نفس مصير السابقين إذا فشل في مهمته.. فطمأن الخياط جلالة الملك ووعده بأن يصنع له زيا لم تشهد له الدنيا مثيلا ولم يرتد بشر مثله في روعته وجماله ورونقه.. فسرّ الملك ووعد الخياط بالجائزة الكبري إذا تحقق المراد من رب العباد، وأنجز مهمته.. وخرج الخياط من قصر الملك وهو يفكر في الأمر فأي خطأ سيكلفه حياته.. وبعد مرور عدة أيام توصل الخياط لفكرة عبقرية لا تخطر علي بال بشر.. فرفع يديه وكأنه يحمل شيئا ما، في حين أنه يحمل الهواء ويداه خاليتان من أي حمل.. وذهب لقصر الملك وهو بهذه الهيئة فأدخله الحراس علي جلالة الملك فألقي علي جلالته التحية والسلام.. وأردف قائلا: لقد وعدتك يا مولاي بصنع زي معجزة.. لم يرتده أحد من البشر قبلك.. وها أنا أنفذ وعدي الآن!! فنظر الملك للخياط وقال في تعجب ودهشة.. هل جننت يا رجل أين الزي الذي صنعته؟ فأجاب الخياط ها هو بين يدي يا مولانا! فرد الملك ولكني لا أري شيئا بين يديك يا رجل؟ ولكن الخياط الخبيث قال للملك أنت لا تراه مولاي لأنه مصنوع من الهواء.. فتهلل وجه الملك.. ورد بدهشة من الهواء!! فرد الخياط نعم يا مولاي هو زي من الهواء.. فأبدي الملك تعجبه ودهشته وهنا تهلل المحيطون بالملك ورجال حاشيته وبدأوا في إعلان إعجابهم بالزي الجديد للملك وجماله وروعته فقام الخياط بإلباس الملك الزي الخرافي المصنوع من الهواء.. فازداد إعجاب الحاشية وهللوا! وأشادوا بجودة الثياب وبقدرة وكفاءة الخياط وتباري كل واحد منهم في الإشادة بالزي الملكي الجديد، وعلي الفور أمر الملك بالمكافأة المجزية التي وعد بها الخياط بل وأجزل له العطاء تقديرا لموهبته الفذة. وخرج الملك من قصره يسير عاريا «بلبوص» كما ولدته أمه وأهل المدينة ينظرون له بإعجاب ودهشة ويشيدون بالزي الوهمي الذي يرتديه جلالته وهو يسير في خيلاء وتكبر، ويشاء الله أن يمر الموكب الملكي أمام أحد الأطفال، الذي استغرق في الضحك من منظر الملك العاري.. فاندهش الملك وسأل الطفل: لماذا تضحك يا بني؟ فأجابه الطفل لأنك عارٍ يا مولاي. فاندهش الملك وتحسس جسده فوجد نفسه عاريا فعلا بلا أي ثياب تستر عورته، فعاد مسرعا الي قصره، وطلب من حراسه إحضار الخياط الماكر، حيث أعدمه علي الفور بعد أن اكتشف خداعه، وكذلك أعدم حاشيته التي نافقته ولم تخبره بالحقيقة العارية وظلوا يتبارون في الإشادة بجمال الثوب الملكي! والآن تري كم ملكا عاريا يسير في الطرقات تنافقه الحاشية.. ويخدعه هتاف المنافقين.. دون أن يدرك جلالته منظره «المسخرة» وتستمر في سيره حتي يقابله الطفل المعجزة الذي يصارحه قائلا: ولكن جلالتك عاري يا مولاي!!