يبدو أننا على اعتاب عصر جديد من الاغتيالات السياسية، وتصفية النشطاء السياسيين، فبعد واقعة استشهاد الصحفى الشاب «الحسينى وأبو ضيف» و«جابر صلاح» الشهير بجيكا، شهد الأسبوع الماضى مقتل ثلاثة من الناشطين السياسيين هم «محمد الجندى»، و«محمد «كريستى»، و«عمرو سعد»، «صوت الأمة» حاورت خلال السطور القادمة أسر الشهداء الثلاثة، البداية كانت مع أسرة محمد الجندى، الذى لقى حتفه بمستشفى الهلال بعد اختطاف دام أربعة أيام، حيث قالت والدته ابنى من شباب الثورة خرج فى 25 يناير 2011 مطالبا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، رغم انه لديه عمل ثابت بمجال السياحة كمرشد سياحى، وهو خريج الجامعة الأمريكية، زار كل بلدان العالم وبدل المرة ثلاث وأربع، لكنه فوجئ بعد عامين من الثورة بأن الشعب لم يحصل على الحرية العدالة الاجتماعية، فخرج ليستكمل مشور الثورة، وآخر مرة شاهدته فيها كان قبل يوم 25 يناير، ووعدنى أنه سينتهى من يوم 25 يناير وسيذهب معى لاداء عمرة المولد النبوى، ويوم الأحد اتصلت به واخبرته بأن خاله توفى وعليه أن يأتى ليحضر جنازة خاله، وأخبرنى بأنه سيكون صباح الاثنين فى طنطا، وفى المساء اتصلت به لأخبره بان يبقى مكانه لان الجنازة تأجلت الى يوم الأربعاء، ومن وقتها وتليفونه مغلق، فقلقت عليه واتصلت بجميع أصدقائه وبحثنا عنه فى كل مكان، حتى أخبرنا بانه راقد في مستشفى الهلال، وقال لنا بعض أصدقائه أنه اشتبك مع ضابط من قسم شرطة الجبل الأحمر، بسبب سب الضابط له بى، فمحمد رفض ذلك، فتعنت معه الضابط واخذ يضربه ويسحله على الارض» وتابعت قائلةً: محمد ابنى مش بلطجى، كما تدعى الداخلية، مش محتاج عشان يبلطج، والده وكيل وزاره وأنا مدير عام وأخته دكتورة، محمد بالنسبة لى شريان حياة، زى النيل بالنسبة لمصر، أنا معنديش غير محمد وأخته، أنا مبقيتش قادرة أعيش بعده، مختتمة حديثها قائلة: «يارب أشوف ولاد مرسى مكان ابنى». وقالت أخته الدكتورة سارة : « المستشفى قالولنا إن محمد دخلها بسبب حادثة سيارة، وعندما سألناهم إذا كان اتى بسبب حادثة عربية لماذا لم يعمل له محضر، ولماذا لم تخبرونا، وعندما لا يجدون اجابة يقولون انه أتت به سيارة اسعاف من التحرير وتركته ورحلت، وعندما نبحث فى كشوف الاسعاف التى دخلت الى المستشفى لانجد اسمه، وأود أن أنوه إلى أنه تم اختطافه بعد لقاء كان له على قناة «سكاى نيوز»، وهذا يدل على أنه مستهدف لشخصه، عندما نظرت إلى محمد وجدت آثار سحب للحبال فى رقبته، كما ان جسمه ليس به خربوش واحد، ووجهه فقط هو الذى به الكدمات وآثار العنف، وهذا يدل على أنه لم يتعرض لحادثة، كما تدعى إدارة المستشفى، محمد حالة طبق الاصل لحالة خالد سعيد، وحقه فى رقبة رئيس الجمهورية ووزير الداخلية، وحق لن نتركه ولن نتهاون فيه. ومن جانبه قال» أحمد جمال عضو التيار الشعبى، والصديق المقرب لمحمد استطعنا التوصل الى محمد بعد رحلة بحث استمرت أربعة أيام كاملة، وعلى الرغم من أننا توجهنا بالسؤال لدى كل أقسام الشرطة والمستشفيات ومعسكرات الأمن المركزى، إلا أن كل هذه الجهات انكرت وجوده لديها، وبعد تصعيد الامر اعلاميا وتحميل رئيس الجمهورية ووزير الداخلية مسئوليته، فوجئنا يوم الخميس بإبلاغنا بوجوده فى العناية المركزة بمستشفى الهلال فى حالة صحية خطيرة، وبآثار واضحة نتيجة الاعتداء العنيف عليه، فتوجهنا إلى المستشفى، وسألنا عنه ففوجئنا بأن اسمه موجود ضمن كشفين منفردين معلق على حائط فى مدخل قسم الطوارىء والحوادث، وغير مدرج بكشوف الواردين، أو بأى من كشوف المستشفى سوى هذا الكشف المنفرد، وهذا ما أثار دهشتنا، وعندما سألنا ادارة المستشفى عليه قالوا انه فى العناية المركزة وأخبرونا بأنه أتى إلى المستشفى عن طريق سيارة إسعاف التحرير يوم 28 يناير، رغم أن لنا صديق كان اتصل بمحمد يوم 28 يناير، الأمر الأكثر غرابة أن محمد مسجل فى مستشفى الهلال باسمه الخماسى رغم أن إدارة المستشفى أخبرتنا أنه لم يكن معه سوى الفيزا وسلسلة يرتديها، والفيزا مدرج به اسمه الثلاثى فقط، فمن أين أتوا باسمه الخماسى، كما أن عنوانه مدرج فى تقرير المستشفى الطبى عنه، والفيزا ليس بها عنوانه، وعندما سألنا ادارة المستشفى لماذا لم تخبرونا منذ وصوله، قالوا آسفين على هذا الخطأ ونحن لن نترك حق محمد ونحمل رئيس الجمهورية ووزير داخليته الذى أتى به لتصفية الثوار مسئولية اختطاف الجندى وقتله». أما بالنسبة لأسرة الشهيد محمد «كريستى» فكانت الصدمة بالنسبة لها كبيرة، فرغم الأعداد التى ذهبت لتأبينه من أمام بيته، رفض والده المظاهرة، وكذلك لم يختلف الحال كثيراً عندما توجهنا الى منزله، حيث رفض الأب الحديث من شدة صدمته. وبجملة «عمرو مش بلطجى.. اللى قتلوه هما اللى بلطجية» افتتح محمد سعد شقيق عمرو سعد شهيد احداث الاتحادية حديثه معنا، وأضاف: «عمرو عمره ما بلطج على حد، عمرو كان أحن اخواتى، خرج من التعليم بسبب وفاة والدى، وعدم وجود مصدر دخل ثابت لنا، وعمل كمنجد أفرنجى لينفق على والدته واخواته الصغار، هو كان خارج فى مظاهرة سلمية للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، عمرو طلع يطلب حقه وحق اخواته اللى ماتوا فى الثورة، مطلعش للتخريب، وعمرو قتلته الداخلية، ولن اتهم أحدا سوى وزير الداخلية، فالداخلية هى التى قتلت شقيقى بالرصاص الحى بعد خروجه فى مسيرة سلمية من مسجد النور بالعباسية إلى قصر الاتحادية»، وسلمت لنا المستشفى تقريره الطبى الذى ثبت أنه أصيب فى مظاهرات الاتحادية بطلقتى رصاص حى فى القلب والرأس وأنه متوفى إكلينيكياً، وأضاف محمد: قال لنا أصدقاؤه الذين نقلوه للمستشفى إن الأمن المركزى قام بسحله بعد إطلاق الرصاص الحى عليه، وأنه أصيب باختناق شديد من قنابل الغاز، ولم يستطع الجرى مع أصدقائه ليصيبه رصاص الداخلية، وحسبى الله ونعم الوكيل فيه نشر بتاريخ 11/2/2013 العدد 635