قبل أن يمضى قطار العيد.. عيد الإعلاميين.. قبل أن يرحل بعيدا.. على أن يعاود المجىء فى العام المقبل.. هذا إذا شئنا.. قبل رحيل العيد اشتاق لبعض الملامح القيمة لإعلامنا الذى فات.. وهذا ليس تباكيا ولكن تأكيدا ومعى كل الناس على قيم مهنية قيمة كانت تميز الأداء الإعلامى.. كانت لدينا مساحات لبرامج تهتم بالعلم والعلماء.. وبالجديد من الابحاث وقيمتها وأهميتها للمجتمع.. كانت أكاديمية البحث العلمى نجمة الاعلام المرئى والمسموع.. وأذكر هنا مشاركتى فى إحدى ندواتها العلمية.. جلست بجوار نخبة من كبار العلماء يرحم الله من رحل منهم ويطيل فى عمر من على قيد الحياة حينما جلست على المنصة معهم.. تذكرت نفسى وأنا بعد مذيعة صغيرة تحبو.. فأشار على الراحل الجليل والصحفى الكبير الاستاذ صلاح جلال وكان رئيسا للقسم العلمى بالاهرام ورئيسا لنوادى العلوم.. أشار على أن تكون الاكاديمية المدرسة التى تثقفت فيها مما جعلنى أنضم للنخبة الاعلامية العلمية وعلى رأسها الاستاذة الدكتورة أميمة كامل.. وذلك فى الاهتمام بالبرامج العلمية.. حيث الاسلوب العلمى والموضوعات القيمة التى ترسم اسس التفكير والبحث العلمى.. اين العلم وبرامجه فى الاعلام الآن؟ اندثرت.. أيضا الطفولة وبرامجها وشخوصها التى كانت توصل للطفل المعلومة عن طريقها.. فيتم تصحيح السلوك والنهى عن الخطأ وتعليم فن الحياة.. وكان لبرامج الاطفال نجومها.. مامانجوى، ماما سامية.. أبلة فضيلة.. عمو حسن.. بابا شارو.. وكان من أشهر أصدقاء الاطفال العروسة «بقلظ» وكان هناك البرنامج العربى التربوى الذى أذيع على جميع المحطات العربية برنامج «عالم سمسم» أين هذا العالم الآن..أين؟ هل كبر الاطفال فجأة ولم يعودوا فى حاجة لمن يهتم بهم؟.. حتى حينما يأخذون العروسة من عالم الاطفال.. يأخذونها مشوهة قبيحة المنظر والسلوك والكلام.. لا يضحك منها حتى الكبار.. أبلة «فاهيتا» الذين يدللون على نجاحها بعدد من شاهدها على مواقع التواصل.. هل هذا مقياس نجاح حقيقى؟ ماذا جرى لعالم طفولة أولادنا؟.. يا سادة أولادنا فى حاجة إلى من يأخذ بيدهم فهم بعد لم يكبروا. أيضا الأمية تضرب معاولها فى جسد المجتمع.. فيزداد الجاهل جهلا.. حياتينا وسلوكيا وتعليميا.. ويستمر نزيف التسرب من التعليم..وتزداد نسبة الامية بشكل لم يسبق له مثيل.. أين الاعلام من هذه الجزئية المهمة فى حياتنا.. لماذا اندثرت برامج محو الامية؟ لقد كان هناك فى الاذاعة المصرية برامج لمحوالأمية من أشهرها برنامج للراحل «عبدالعظيم قمحاوى» وكان أشهر من أى إعلامى فى مصر لخفة ظله فى تعليمه وجذب الصغار والكبار الراغبين فى التعليم ليستمعوا.. للراديو والبرنامج كان باسم «يا أهل القرية».. وكان هناك تعاون بين جهاز محو الأمية والاعلام ببرامج ودورات تعليمية فى الريف والحضر.. لماذا انحسر هذا الدور هل كل الناس تم تعليمها وقضى على الأمية تماما؟ يمكن. ومن الملامح المهمة التى يفتقدها الإعلام بشكل مهنى أصيل فى التناول برامج المنوعات.. وبرامج المنوعات فى مضمونها ليست هى برامج السخافة فى الافكار.. والفجاجة فى الحوار مثال وتزوجتى كام مرة؟ فلانة اتجوزت.. وفلانة اتطلقت.. وراقصة معتزلة تقدم برنامجا ومخرجة متقاعدة تقدم برنامجا آخر.. ناهينا عن هجمة المحللين والمعلقين والمقدمين للبرامج.. حتى لو كان الواحد منهم لا يعرف يكتب اسمه.. طبعا ليست هذه هى برامج المنوعات.. لقد كانت إدارة المنوعات فى شبكة إذاعية أهم من مثيلاتها فى كل الاذاعة والتليفزيون وكان رئيسها يرحمه الله. يفجر طاقات من يعمل معه بأن يسابقهم فى تقديم الجديد والمثير والمبهر من البرامج المنوعة.. أذكر برنامجا من برامج ما بعد الافطار فى رمضان.. وكانت تسمى البرامج الخفيفة.. البرنامج كان اسمه «مقاعد خالية» وكان ضيف الحلقة أحد الوزراء سئل لو عرضت عليك ثلاثة مقاعد فى ثلاثة مجالس.. مقعد فى مجلس هارون الرشيد وآخر فى مجلس مصطفى كامل والثالث فى مجلس ابن سينا، أى المجالس تختار؟ أجاب الضيف الوزير: اختار مقعداً فى مجلس الخليفة هارون الرشيد.. هذا الخليفة المفتئت عليه وتحقق هنا فى الكلمة.. المفتئت عليه.. وهذا نموذج لبرنامج رمضانى خفيف بعد الافطار وتقدمه واحدة من ناس الاعلام المفتئت عليهم.. لا مقدمين برامج مطربين شعبيين ولا راقصات معتزلات ولا كابتن كورة.. برامج المنوعات تقدم فيها السهرات الغنائية والموسيقية..وسهرات الحوارات الفنية مثل منتهى الصراحة وأضواء على الجانب الآخر وحديث الذكريات وقصاقيص والعالم من خلالهم وسهرة الاحد.. كانت هذه برامج منوعات.. أين نحن منها الآن؟ من هذا التنوع البرامجى؟ غير موجود الآن.. ونتمسك به وننادى ببحث اسباب غيابه وعودته اثراء للاعلام وكذلك استعادة المسلسلات الكوميدية والتى كانت دائما بدايتها وانتشارها وذيوعها فى الاذاعة.. ثم تقدم بعد ذلك فى السينما أو التليفزيون مثال «شنطة حمزة» بطولة صفاء أبوالسعود وأمين الهنيدى و«أخطر رجل فى العالم» فؤاد المهندس وشويكار وشنبو فى المصيدة.. مسلسلات تقدم ضحكا راقيا ونجوما عشقهم الجمهور وتابع اعمالهم بحب وتقدير فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولى، الخواجة بيچو، أبولمعة، ضحك.. ضحك..وفن وليس ما نحن فيه الآن من مسلسلات البلطجة والادمان وتجار القمامة والشذوذ والانحراف.. هنا يتحول ضحكنا.. ليصبح.. ضحك كالبكاء. ■ لا تنسوه اسمه البراء جمعة محمد.. طفل موهوب خارق الذكاء نسبة ذكائه 155٪.. درس برغم سنه الصغيرة الكيمياء والفيزياء والاحياء.. وقام بتصنيع سيارة تسير بقوة الرياح.. ورشح ليخوض مسابقة لصناعة إنسان آلى فى أمريكا.. الطفل فى السنة الاولى ابتدائى.. لا تبدون الاعجاب اللحظى وقت قراءة الخبر.. فلنفكر جميعا كيف نحافظ على هذه الموهبة.. ونجعلها متوهجة ولا نلقى بالجريدة بعد قراءتها وننسى.. فمن طبع الإنسان.. النسيان