لا يوجد حدث مؤسف وقع هذه الأيام في الوسط الثقافي العالمي، أكثر من نبأ رحيل ستان لي المعروف بكونه ملك الكوميكس عن سن 95 عاما، أمس الاثنين، والذي كان بحق ملك فن الكوميكس، أو القصص المصورة، التي تربت أجيال على مطالعتها، وحبها، والذي ابتكر شخصيات كارتونية، وحولها من عالم الكوميكس، إلى عالم التمثيل والسينما الواقعية، وهي شخصيات "سبايدر مان" و"هلك" و"آيرون مان". ستان لي
أثرّ ستان لي بقوة خياله، وجموحه على أجيال، وساعدهم ليعثروا على أصواتهم بما قدمه من قصص خيالية، وربما تكون الشخصيات التي ابتكرها ستان لي، هي الأكثر انتشارا ربما أكثر من شخصية "سوبرمان" التي ابتكرها جيري سيجيل، في الثلاثينيات. وحسب مقال في الجارديان منشور أمس عن سيرة ستان لي، تعاون مع فناني الكوميكس والحكايات المصورة الآخرين مثل جاك كيربي، وستيف ديتكو، في تنشيط صناعة الكارتون، وابتكار الأبطال الخارقين، وصنع مغامراتهم، وفي سنة 1961، أسسوا شركة مارفل لنشر كتب الكوميكس، والتي كانت قد نشأت قبلها بعقود في شكل دار نشر تسمى تايملي للنشر، وفي الخمسينات عرفت باسم أطلس كوميكس، وفي عام 1961 تعاون ستان لي مع ستيف ديتكو وجاك كيربي، وابتكروا فانتستيك فور، أو الرائعين الأربعة، وتحول ستان لي ككاتب ومحرر، مكلف بالحفاظ على قصص متعددة في نفس الوقت، إلى الشخص الرئيسي الذي ضفر الأبطال الخارقين في قصة واحدة، حيث يمكن للرجل الحديدي "أيرون مان" أن يتحد مع الرائعين الأربعة، وكابتن أمريكا، ومنذ ذلك الحين، تحولت ثقافة الكوميكس في العالم، بفضل جهود ستان لي في شركة "مارفل" . ستان لي وسبايدر مان
وُلد ستان لي في مانهاتن، عام 1922، وعاش طفولته في فترة الكساد العظيم، وفي كتابه التي تناول فيه سيرته الذاتية، عام 2002، وصف لي كيف أن نضال والده لإيجاد وظيفة ثابتة، أثر عليه للأبد، يقول ستان لي: إنه الشعور بأن أهم شيء يفعله الرجل، أن يجد عملا يشغله، وفي سن السابعة عشرة من عمره حصل ستان لي على وظيفة في شركة نشر يملكها قريبة مارتن غودمان، وبدأ ستان لي كتابة نصوص لأفلام الكوميدية الخارقة، والغامضة، وفي عام 1941، أصبح ستان لي رئيس تحرير شركة النشر، وعمره 19 عاما فقط. بمجرد إطلاق "فانتستيك فور" أو الرائعين الأربعة في مطلع الستينات، أقبل عليها القراء بشغف وحب كبيرين، وحدثت ثورة في عالم الكوميكس، وخلال السنوات التالية، نشرت مارفل مئات الشخصيات التي شارك ستان لي في ابتكارها، وهي سبايدر مان، وهلك، وثور، وبدأ لي في السماح لشخصيات عديدة تدخل في قصص واحدة، مما خلق عالم خيالي عند القراء، حفزهم لاستكشاف ماذا سيحدث في القصص التالية، وجعلهم يتحمسون لشراء أعداد الكوميكس المتتالية، للحصول على القصة الكاملة. ستان لي صانع الخيال
بعد أن أمضى ستان لي أكثر من ثلاثة عقود كتابة نصوص هذه الشخصيات، كل يوم، تولى ستان لي دورا جديدا كناشر مارفل كوميكس، حيث وضع عينه على العالم الأوسع، وأخذ شخصيات مارفل لنشر سلسلة من الكتب، مصدرا رواية مصورة عام 1978، لسيفر سيرفر، أو الرجل الفضي الطائر على اللوح، وهي شخصية من شخصيات مارفل التي كانت تهدد الرائعين الأربعة أو فانتستيك فور. اللافت أن نزاعا قانونيا ظهر بين ستان لي وشركة مارفل للكوميكس عام 2002، حيث لجأ لي إلى القضاء في ذلك العام، قائلا إن الشركة حرمته من حقه في نسبة من الأرباح من الأفلام التي أنتجتها منذ نوفمبر 1998، من بيع حقوق إنتاج أفلام سينمائية وحلقات تلفزيونية تستخدم شخصيات الشركة. حينما سُئل ستان لي في حوار تلفزيوني مع بي بي سي عام 2012 عما إذا كان يتخيل إن كانت شخصياته التي ابتكرها والأبطال الخارقين الذين صنعهم، سيكتب لهم الخلود، والحب هكذا في القلوب، أجاب ستان لي: لم أكن أتخيل أبدا، أن شخصياتي ستعيش هذه الفترات الطويلة، وحينما سئُل كيف ابتكرها، أجاب: كل شخصية نبتكرها، يجب أن تحوي شيئا مميزا، يجعل الناس يحبونها، ويتتبعون أخبارها، ويقرأون الكثير عنها، وأخذت أفكر، هل يمكن لهذه الشخصية أن تطير؟ ثم أخذت أفكر هل أسميها: الرجل الحشرة؟ أم أسميها الرجل العنكبوت؟ فقررت أن يكون الرجل العنكبوت، وأن يكون مراهقا، وليس لديه المال الكثير، وليس لديه علاقات ناجحة مع النساء، والفتيات، وهذا ما سيجعله مرتبطا بالمراهقين، والأطفال الذين يحبونه.
