وسط هذا التخبط الذي يشوب انتخابات رئاسة الجمهورية ظهرت دراسة من منظور علمي بحت قامت بتطبيق أسس البحث العلمي لتقييم مرشحي رئاسة الجمهورية بمصر و هي من إعداد أحمد خليل الضبع الخبير في الشئون التنموية والاستراتيجية وتحمل عنوان "كيفية تقييم المرشحين لانتخابات الرئاسة المصرية " والتي حصلت صوت الامة علي نسخة منها والسطور التالية تحمل ما تضمنته الدراسة نصاً "تؤكد نتائج أهم استطلاعات الرأي والمناقشات التي تدور في وسائل الإعلام والعديد من الآراء علي صفحات الفيس بوك وحسابات التويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي أن نسبة لا بأس بها من المواطنين البسطاء سيختارون مرشحهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة وفق معيار واحد فقط أو عدد محدود من المعايير دون إدراك لخطورة هذا الأمر ونتائجه علي المواطن نفسه والبلد بشكل عام. وفي هذا السياق تأتي أهمية اتباع السبل العلمية والموضوعية لتقييم المرشحين المتقدمين لانتخابات الرئاسة في مصر وضرورة اعتماد الناخبين وعددهم نحو 50 مليون مواطن مصري لهم حق التصويت علي عدد كبير من المعايير عند قيامهم بالمفاضلة بين المرشحين ال 13 المتوقع خوضهم الانتخابات الرئاسية المقرر اجراء جولتها الأولي يومي 23 و24 مايو 2012. وبالنظر إلي أن المؤسسات الحكومية والخاصة تضع شروطا لشغل الوظائف سواء كانت مهمة أم عادية وخصوصا في سلك القضاء والداخلية والقوات المسلحة والسلك الدبلوماسي وغيرها، ولذا فإن الضرورة تحتم أن نطبق هذا المنهج عند اختيار الناخبين لرئيسهم المقبل مع الأخذ في الاعتبار ان تكون تلك الشروط منطقية وعادلة وتحظي بالقبول العام.. ونحن هنا نؤكد علي أن الدراسة لا تستهدف الدعوة أو الترويج لمرشح بعينه ولكن تسعي لإقناع جموع المواطنين والناخبين باتباع الأسلوب الموضوعي في الاختيار من بين المرشحين وبالتالي تدعو كل مواطن لأن يصمم جدوله الخاص بمعاييره الخاصة وان يعطي لكل مرشح درجة في كل معيار علي أن يتبع أقصي درجات الموضوعية في التقييم وتقدير الدرجات حتي يصل إلي نتيجة تكون اقرب إلي الصحة والدقة والموضوعية. ضوابط وضع معايير التقييم استندت الدراسة في وضع معايير تقييم المرشحين علي ثلاثة ضوابط رئيسية هي ؛ 1 - أبرز المعايير المعتمدة عالميا في اختيار الشخصيات القيادية للمؤسسات والمواقع القيادية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. 2 - دراسة الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي للمجتمع المصري، وابرز احتياجاته الداخلية والخارجية في الفترة المقبلة وكذلك خصوصيته وطبيعة تركيبته الدينية والعرقية والاجتماعية والجغرافية. 3 - أهداف ثورة 25 يناير 2011 والتي يمكن استنتاجها من الشعارات التي رفعها الشعب المصري في ميدان التحرير وهي؛ (عيش - حرية - عدالة اجتماعية). أربع مجموعات للمعايير: توصلت الدراسة في ضوء دراسة الضوابط الثلاثة السابقة لوضع المعايير وكذلك من قراءة أولية لأبرز المعايير التي يطرحها الشعب المصري عبر وسائل التواصل إلي أربع مجموعات من المعايير هي.: 1-السمات الشخصية. 2- التوجهات السياسية. 3-الخبرة الدولية. 4-الخبرة المحلية. المعايير المتبعة وآليات التقييم: تضم المجموعات 20 معيارا للتقييم بإجمالي 100 درجة بواقع 5 درجات لكل معيار وهي كالتالي: أولا: السمات الشخصية 1 - السن: تم اعتماد السن المثالي 50 عاما وذلك للجمع ما بين حيوية الشباب وخبرة العمل وحتي يكون المرشح قادرا علي العطاء بكامل طاقته ل 8 سنوات مقبلة بفرض اختياره لمدتين وبالتالي كلما ابتعدنا لأعلي أو لأسفل عن هذا السن المثالي ستقل الدرجة عن الدرجة القصوي وهي 5 درجات. 2 - المؤهلات العلمية واللغة والمهارات: الدرجة القصوي يتم منحها لحاملي شهادة الدكتوراه مع الحصول علي تقدير دولي رفيع مثل جائزة نوبل مع امتلاك مهارات أخري ضرورية مثل التحدث باللغات الاخري علي ان يتم خصم نصف درجة لكل مستوي تعليمي أدني لنصل إلي 3.5 درجة للشهادة الجامعية. 3 - السمات القيادية والكاريزما: تم وضع الدرجات وفق احكام تستند إلي الشكل العام للمرشح وكذلك استطلاعات الرأي العام الأخيرة ومواقع التواصل الاجتماعي والتقدير الشخصي. 4 - الرؤية والبرنامج الانتخابي: تم التقدير من تحليل أحاديث المرشح ومدي شمولها وعمقها وكذلك من دراسة أولية لمحاور برنامجه الانتخابي ودقته وموضوعيته وقابليته للتنفيذ العملي. 5 - العدالة والإخلاص والكفاءة: وهي مطالب شعبية وضرورات يجب توافرها في القيادة وتم تقدير درجات كل مرشح من واقع ممارساته السابقة بالاسترشاد بتوجهاته الحالية تجاه القضايا المثارة علي الساحة. 6 - القدرة المالية والحضور الاعلامي: وتم تقدير هذا العنصر استنادا لمعلومات أولية عن المراكز المالية لكل مرشح وقوة وضخامة حملته الاعلامية وما تم انفاقه علي الحملة من ميزانية المرشح أو المؤسسات الداعمة له، فضلا عن قدراته ومهاراته في التواصل مع وسائل الاعلام المختلفة خصوصا مع الدور المتنامي للإعلام في التأثير علي قرار الناخب. ثانيا: التوجهات السياسية 7 - إعلاء قيم الوطن وتقاليده: أعطيت درجة أعلي للمرشحين المعروف عنهمالدفاع عن كرامة وقيم الوطن والتمسك بعادات وتقاليد المجتمع المصري، كما تم التقدير بالنظر للمواقف السابقة والتصريحات والبرامج السياسية لكل مرشح اضافة إلي ادخال عناصر الالتزام الديني والأخلاقي. 8 - الايمان بالحرية والديمقراطية: أعطيت درجة أعلي للمرشحين الذين كانوا محسوبين علي المعارضة ودرجة أقل لمن عملوا في ظل النظام السابق مع إدخال الحكم الشخصي المستند إلي متابعة آراء وأفعال كل مرشح بشأن قضايا الحريات وتداول السلطة. 9 - درجة الاستقلال عن النظام السابق: في اعقاب ثورة شعبية لابد من إدراج هذا المعيار بل ومن الممكن اعطاؤه وزنا اكبر من وزنه الحالي وقد تم منح المحسوبين علي النظام السابق بالطبع درجات أدني بحسب درجة الانتماء والعكس بالنسبة للمرشحين الذين كانوا محسوبين علي المعارضة، وجاء التقييم وفق المواقف العملية والتوجهات السياسية والآراء التي كان يتبناها كل مرشح في فترة النظام السابق فضلا عن المشاركة الفعلية في أحداث ثورة 25 يناير في كل مرحلة من مراحلها. 10 - درجة الاستقلال عن المؤسسة العسكرية : نظرا لخضوع مصر تحت حكم المؤسسة العسكرية لنحو ستة عقود والتوجه العام للتحول إلي حكم مدني حقيقي فقد تم منح العسكريين السابقين أو المحسوبين علي المؤسسة العسكرية درجات أقل مقابل درجات اعليللمرشحين المدنيين. 11 - درجة الاستقلال عن المؤسسة الدينية: بعد فوز الاخوان المسلمون والتيار السلفي بغالبية مقاعد مجلسي الشعب والشوري، يعتقد انه من الحكمة أن يتم منح المحسوبين علي هذين التيارين درجات اقل وبنسب انتمائهم الفعلي وذلك من باب تحقيق قدر أكبر من التوازن بين القوي السياسية وللتقليل من احتمالات احتكار السلطة. ثالثا: الخبرة الدولية 12 - الخبرة السياسية الدولية: حيث تم التقدير علي اساس الخبرة في العمل الدبلوماسي ومختلف مجالات العلاقات الدولية والإلمام بشكل عام بالملفات الخارجية المصرية. 13 - قبول المجتمع الدولي: حيث سيكون للمرشحين من ذوي الخلفية الاسلامية قبول اقل نسبيا ولاسيما في عموم العواصمالغربية الكبري، فيما سيحظي ذوو الخلفية الليبرالية والمسئولين السابقين بقبول اكبر. 14 - قبول المجتمع العربي: تم تقدير درجات كل مرشح من واقع قراءة أولية لعلاقات وتحركات المرشحين في الدائرة العربية وانتماءاتهم السياسية وبرامجهم. رابعا: الخبرة المحلية 15 - الخبرة السياسية المحلية: تم إعطاء درجات أعلي لمن اشتغلوا بالعمل العام المحلي ولاسيما العمل الحزبي وكذلك لمن سبق لهم العمل في مناصب وزارية وقيادية في الحكومة. 16 - الخبرة الادارية التنفيذية: تم اعطاء درجات اعلي لمن عملوا في مناصب ادارية عليا في الحكومة وخارجها، وخصوصا من نجحوا في وضع الخطط والبرامج وتنفيذها وتحويلها لمشاريع بنجاح علي ارض الواقع. 17 - القدرة علي محاربة الفساد: تم اعطاء درجات اعلي للمعارضين السابقين ومن كانت لهم رؤي وأفكار وبرامج عملية واضحة عبر وسائل الاعلام وخصوصا المنتمين لأحزاب كبري لها قواعد جماهيرية يمكن أن تساعد المرشح علي تنفيذ مخططاته. 18 - القدرة علي النهوض بالاقتصاد: تم تقييم المرشحين علي حسب خلفياتهم العلمية وبرامجهم الانتخابية وتوجهاتهم السياسية وخبراتهم السابقة والدعم الداخلي والخارجي المتوقع لهم ولبرامجهم. 19 - التواصل مع الجماهير والقبول العام: تم تقدير درجات كل مرشح وفق تاريخه في التواصل مع الجماهير عبر مختلف الاساليب المباشرة وغير المباشرة وعدد المؤتمرات الجماهيرية التي عقدها ضمن حملته الانتخابية وحجم الحضور فيها، فضلا عن درجة قبوله العام في أوساط الجماهير. 20 - الانحياز الحقيقي لمحدودي الدخل: تم الاحتكام لسابقة اعمال المرشح وتصريحاته والطبقة التي ينتمي لها وأفكار برنامجه الانتخابي وقدرة المرشح علي تحويل الافكار والمطالب إلي اليات تنفيذية بمساعدة فريق عمله وقواعده الشعبية وتم منح درجات اعلي لمن ينتمون لكتل سياسية مهمة. نتائج التقييم: مع تطبيق20 معيارا للتقييم علي أبرز 6 مرشحين للرئاسة حلوا في المراتب الأولي في ابرز استطلاعات الرأي واعتمدت مقاييس واضحة وموضوعية لإعطاء الدرجات لكل مرشح في كل معيار إلي النتائج التي تظهر تفصيلا في الجدول المرفق كما يلي . 1 - المركز الأول : المرشح المستقل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عبد الهادي أبو سعد الامين العام السابق لاتحاد الأطباء العرب والعضو السابق بمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين بحصوله علي 74 درجة من إجمالي 100 درجة. 2 - المركز الثاني: المرشح المستقل حمدين عبد العاطي عبد المقصود صباحي الرئيس السابق لحزب الكرامة بحصوله علي 70.5 درجة. 3 - المركز الثالث: المرشح الحزبي الدكتور محمد محمد مرسي عيسي العياط رئيس حزب الحرية العدالة وعضو سابق بمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين بحصوله علي 69 درجة. 4 - المركز الرابع : المرشح المستقل عمرو محمود أبو زيد موسي الامين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق بحصوله علي 67 درجة. 5 - المركز الخامس: المرشح المستقل الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس جمعية مصر للثقافة والحوار بحصوله علي 65 درجة. 6 - المركز السادس: المرشح المستقل الفريق الدكتور أحمد محمد شفيق زكي رئيس الوزراء السابق ووزير الطيران الأسبق بحصوله علي 64 درجة. وفي الختام نؤكد علي أن نتائج الدراسة لا تعكس بالضرورة النتائج المتوقعة للانتخابات الرئاسية أي ليس بالضرورة أن تأتي نتيجة الانتخابات بصاحب المركز الأول في التقييم كرئيس لمصر.. وفي هذا السياق نقترح علي الناخبين من ذوي الميول العاطفية والشخصية والانطباعية في حكمهم أن يقوموا بوضع بند التقدير الشخصي ضمن المعايير، وفي هذا المعيار يكون للناخب الحرية في وضع تقدير لكل مرشح حسب رؤيته الشخصية والتي قد تكون نتاج عوامل موضوعية أو عاطفية أو الاثنين معا . وبهذا يتم تحجيم دور الحكم الشخصي للناخب علي المرشح في نسبة محددة فقط من مجمل تقييمه. تصل إلي 2.5% إذا ما قدرنا لهذا البند 5 درجات من إجمالي 100 درجة. نشر بالعدد رقم 595 باريخ 5/5/2012