مشهد الانتخابات الرئاسية كان حافلاً بكم هائل من المفارقات العبثية المضحكة!. فمرشح الإخوان المسلمين «الاحتياطي» الذي لا يعرفه أحد اكتسح الجولة الأولي، وبات قاب قوسين أو أدني من كرسي الرئيس! فحين أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عنه خلفاً لخيرت الشاطر، كان السؤال الذي واجهته أينما ذهبت هو: من هو محمد مرسي؟ أو مين مرسي أو مرسي مين؟ ونال «مرسي مين» أكبر نصيب من النكات علي صفحات التواصل الاجتماعي، باعتباره «الاستبن» وكان الشعار المستخدم هو فردة كاوتش! وهكذا أفرزت أول انتخابات رئاسية في جولتها الأولي مرشح غير معروف يكني بالدكتور مين! لكنها الانتخابات التي يجب ان نتقبل نتائجها صاغرين حتي لو دفعت بمصر إلي القرون الوسطي! لقد كانت تعبيراً حقيقياً عن إرادة الناخبين الذين نصفهم من الأميين الذين حرص النظام البائد علي أن يظلوا كذلك ليسهل انقيادهم في قطيع التأييد والمبايعة تحت ظروف الفقر والحاجة! والدكتور مين رجل طيب ولاشك في ذلك، ومخلص دون شك، لكنه يتلقي تعليماته من المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين دون أدني شك! وهي الجماعة التي راوغت الرأي العام حين أعلنت انها لن تتقدم لانتخابات الرئاسة في الدورة الأولي ونكصت بعهدها! وهي ذات الجماعة التي وافقت علي الإعلان الدستوري الذي يمنح لجنة الانتخابات الرئاسية حصانة إلهية مقدسة وتجعل قراراتها قرآنا كريماً، غير قابلة للطعن والإبرام! ومن مفارقات الانتخابات ارتفاع نجم الفريق أحمد شفيق فيما يشبه الظاهرة التي تحتاج لدراسة!. فنحن بصدد حالة استفزازية نموذجية، فالفريق شفيق هو آخر وزراء الرئيس مبارك الذي قامت ثورة 25 يناير لخلعه وهدم نظامه الفاسد المستبد!. وهو بحكم منصبه كرئيس للحكومة كان مسئولاً سياسياً عن «موقعة الجمل» التي وقع فيها مئات الشهداء والجرحي! وهو المرشح الرئاسي الوحيد الذي تعرض للقذف بالأحذية في لجنته الانتخابية! وهو المسئول الذي سجل الرقم القياسي في عدد البلاغات التي قدمت ضده للنائب العام تتهمه بالفساد وإهدار المال العام! وبما يعني انه يتمتع بحصانة سيادية ويضع فوق رأسه ريشة مقدسة، تحول دون التحقيق معه ولو من باب ابراء الذمة أمام الرأي العام ! أو من قبيل ذر الرمال في ععيون الحاقدين. وهو ذات المرشح الذي انتفضت النيابة العامة لأجله، بمجرد تعرضه لواقعة القذف بالأحذية، وأمرت بجمع تحريات وضبط المتورطين في هذه الجريمة، قبل الاجابة عن سؤال: لماذا اختاروا شفيق دوناً عن سائر المرشحين، لقذفه بالأحذية؟ ورغم ذلك كله حصد رئيس وزراء مبارك علي ملايين الأصوات ونافس علي المركز الثاني «حتي كتابة هذه السطور» وبات قاب قوسين أو أدني من انتخابات الإعادة. لقد خاض شفيق الانتخابات تحت شعار «عودة الأمن» بينما ترشحه في ذاته رغم أنف قانون اقصاء الفلول عن الترشح يبشر بموجات غضب ضده، ويهدد الأمن! ولا يمكن فهم النتائج بمعزل عن حقيقة نقص الوعي السياسي لدي ملايين الناخبين الذين أعطوا أصواتهم للدكتور مين؟ ولا بمعزل عن جهود المجلس العسكري الحثيثة والمضنية لاعادة اختراع العجلة، واعادة انتاج نظام مبارك. كما لا يمكن قراءة مشهد الحشود المؤيدة لآخر رئيس وزراء في عهد مبارك بمعزل عن آليات صناعة الاستبداد في أجهزة الدولة الأمنية والحكومية، التي ساندت شفيق جهاراً نهاراً لأجل اعادة اختراع مبارك! وهكذا وجدنا أنفسنا بصدد لعبة جديدة: الحزب الوطني في مقابل الإخوان المسلمين! أو هكذا أعادنا المشهد الديمقراطي لبداية من أول السطر!. وقدمت لنا أول انتخابات رئاسية، ما يمكن كنايته برئيس الغفلة!. [email protected]