لم تكن الانفجارات التي تعرضت لها كنيسة العذراء بالزيتون هي الحادث الوحيد الذي أصاب الأقباط هذا الأسبوع.. واقعة أخري سبقت هذا الحادث بخمسة أيام وكانت حديث الثغر ومحور غضب الأوساط القبطية بالإسكندرية.. حيث فوجئ العشرات من أعضاء المجلس المحلي للمحافظة في ندوة عقدت بالمجلس بالشيخ محمد هداية الداعية الإسلامي وعضو مجمع البحوث الإسلامية- يشن هجوماً عنيفاً علي الديانة المسيحية تطاول فيه علي الكتاب المقدس بشقيه - التوراة والانجيل - زاعما أنهما من صنع البشر وليس الإله! - علي قول هداية - فالتوراة محرفة والانجيل من صنع البشر بدليل إطلاق أسماء متعددة عليه مثل يوحنا ومتي.. الخ. تصريحات هداية غير المسئولة لاقت غضباً شديداً من الأوساط القبطية بالإسكندرية خاصة في داخل أروقة المجلس المحلي ذاته الذي استضاف اللقاء الذي يضم بين أعضائه العديد من الشخصيات القبطية البارزة بالثغر.وفي أول رد فعل هدد جوزيف ملاك - أحد محامي الكنيسة بالإسكندرية - ونائب رئيس منظمة الكلمة لحقوق الإنسان والمعنية بالشأن القبطي - بتقديم بلاغ للنائب العام ضد الدكتور محمد هداية واتهامه بازدراء الأديان في حال عدم تقديمه اعتذاراً رسمياً للكنيسة عن تصريحاته بمحلي الإسكندرية. الغضب وصل أيضاً إلي الكنيسة المرقسية - المقر البابوي للبابا شنودة الثالث بالثغر ومكان القائه لعظاته بالمدينة - «صوت الأمة» التقت القمص يوحنا نصيف راعي الكنيسة الذي أبدي استياءه الشديد من تصريحات «هداية» وقال: «هذه أقوال ساذجة ولا يمكن أن تصدر عن علماء أبداً..» واتهام الشيخ «هداية» للكتاب المقدس بأنه محرف ليس له أي سند علمي ولو كانت كتبنا محرفة فأين ذهبت الكتب الأصلية إذن؟!» وأسأل الشيخ هداية متي وأين وكيف تم تحريف كتبنا وما هو دليله علي مثل هذا الكلام؟! أم أن الأمر إلقاء بالاتهامات فقط؟!» وأشار نصيف إلي أن طعن هداية في الكتاب المقدس يعد طعناً علي القرآن الذي احترم العقيدة المسيحية وذكر المسيح والعذراء وكان ذلك في القرن السابع الميلادي - وقت نزول القرآن - فمتي إذن تم التحريف؟!» ووجه حديثه لهداية قائلاً: يؤسفنا أن يتعرض علماء مسلمون بأسلوب غير لائق وبأقوال غير صحيحة لأصحاب الديانات الأخري. أما الدكتور كميل صديق نائب رئيس المجلس الملي بالإسكندرية وعضو المجلس المحلي فيقول: إن ثبت لنا ما قاله محمد هداية فسوف يكون لنا موقف آخر.. ملمحا بأنه قد يقدم استقالته من المجلس المحلي في حال عدم تقديم هداية اعتذار رسمي مشترك مع المجلس الذي قال هذا الكلام تحت قبته.. الغريب أن الشيخ مرزوق عبيد - رئيس اللجنة الدينية - بمحلي الإسكندرية كان مؤيدا لهداية واعتبره لم يخطئ ولم يهاجم الأقباط.. لأن ما قاله أن القرآن هو الذي سيشهد علي المؤمن يوم القيامة باعتبار أنه الكتاب الحق الوحيد الذي لم يحدث به تبديل أو تزييف بخلاف الأناجيل القبطية المختلفة التي تعرضت للتحريف عبر العصور.. والأكثر غرابة أن مرزوق - وهو مدير مديرية الأوقاف السابق بالثغر - كشف عن لغط آخر أثاره هداية خاص بالمسلمين حين أفتي بعدم جواز قيام الأبناء بالحج أو العمرة عن والديهم المتوفين وهو الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً توجه علي أثره عدد من أعضاء المجلس لمفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة والذي جدد الفتوي المعروفة بجواز قيام الأبناء بأداء الحج والعمرة عن آبائهم.. وهو ما يعني عدم صحة ما قاله هداية بشأن المسلمين أيضاً!!. أي أن الشيخ هداية - هداه الله - يثير الفتن بين المسلمين قبل الأقباط، فكيف يتأتي لشيخ داعية أن يفتي عكس فتوي صادرة واضحة من دار الافتاء المصرية؟.. ألا يجعلنا هذا نعتقد في شيوخ الفضائيات أنهم فقط يهتمون بالإثارة الإعلامية ولو علي حساب الثوابت الدينية.. ولكن عندما يتطور الأمر وينذر بحريق بين طرفي الأمة فيجب هنا التعامل مع مثل هؤلاء الشيوخ بحسم حتي لا تكون المصالح الشخصية فتيلا يحرق به الوطن.