المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    بعد عطل شبكة فودافون.. مواطنون: رقم خدمة العملاء مرفوع مؤقتًا من الخدمة- صور    قوات الاحتلال تعتقل 60 فلسطينيا خلال حملة في المنطقة الشرقية (فيديو)    طلب جديد لإيقاف القيد.. محامي حسام حسن يكشف تفاصيل صادمة بشأن أزمة المصري    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    تحالف الأحزاب المصرية ينعى اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    "زيلينسكي" يؤكد أنه سيعرض على الرئيس الأمريكي "خطة النصر الأوكرانية"    ماكرون: على أوروبا إعادة النظر في علاقاتها مع روسيا    نائب رئيس البرلمان الألماني يتنبأ بتفكك الائتلاف الحاكم بسبب خلافات الاقتصاد والهجرة    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    ملف يلا كورة.. منافس الأهلي.. مدرب المنتخب.. وموعد قرعة دوري الأبطال    "بالتوفيق يا فليبو".. صلاح يوجه رسالة لأحمد فتحي بعد اعتزاله    انتشال جثة عامل غرق بترعة الإبراهيمية في سوهاج    180 ألف راكب دراجات نارية يتجمعون عند ضريح فاطيما لمباركة خوذاتهم في البرتغال (فيديو)    أول تعليق من سامو زين بعد تعرضه لوعكة صحية    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    رئيس غرفة صناعة الدواء: كل الأدوية تحتاج تعديل أسعارها بعد تعويم الجنيه    شعبة الأدوية توضح كيفية الحصول على الدواء الناقص بالأسواق    عاجل.. آخر تطورات إصابة تير شتيجن    برلمانية أوكرانية: خسارة أوكرانيا لمدينة أوجليدار مسألة وقت    «البحوث الزراعية» تكشف أسباب ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس (فيديو)    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    ارتفاع درجات الحرارة وأمطار.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الإثنين    «بسبب علامة غريبة على وجه ابنته».. زوج يتخلص من زوجته لشكه في سلوكها بمنطقة بدر    اقتحامات واشتباكات وإصابات.. ماذا يحدث في الضفة الغربية؟    بالمدفعية.. حزب الله يستهدف جنود إسرائيليين في موقع جل العلام    رانيا يوسف: فيلم التاروت لم يكن يوما ممنوعا.. وحصل على موافقة الرقابة    رامي صبري يطرح أغنية «أهلي أهلي» تتر «تيتا زوزو» بطولة إسعاد يونس (فيديو)    «مراتي بقت خطيبتي».. أحمد سعد يعلق على عودته ل علياء بسيوني (تفاصيل)    صراع ثلاثي على ضم لاعب الزمالك هذا الصيف (تفاصيل)    جدول مواعيد مباريات اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    اليوم.. فصل الكهرباء عن 5 قرى بمدينة نقادة بقنا    مصدر مطلع: مؤتمر صحفي لوزير الصحة من أسوان الاثنين    ماذا سيعلن وزير الصحة من مؤتمره الصحفى بأسوان اليوم؟.. تفاصيل    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد افتتاح مهرجان حصاد أرز الجفاف"عرابي 3"    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    هل يلوث مصنع كيما مياه النيل؟.. محافظ أسوان يجيب    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة»    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    أحمد نبيل باكيا: "تعرضت لأزمة وربنا رضاني بصلاة الفجر"    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين «بيع وشراء» بالمصنعية (تفاصيل)    وكيل «صحة الشرقية» يجتمع بمديري المستشفيات لمناقشة خطط العمل    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 82 مليونا و359 ألف خدمة مجانية في 52 يوما    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    النواب يترقب قرارا جمهوريا بالدعوة للانعقاد في الدور الخامس والأخير    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الاستعباط السياسى
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 08 - 2009

هذه صدفة خير من أى ميعاد. إذ فى اليوم الذى نشر لى فيه تعليقى على ظاهرة التدخل الرسمى فى نتائج الامتحانات لرفع نسبة الناجحين، أعلنت نتائج استطلاع الرأى الذى أجراه الحزب الوطنى فى مصر. ولم تخيب النتائج الظن والرجاء. وإنما جاءت مؤكدة على أن الحزب أمتن مما نتصور وأن الإعلام المصرى «زى الفل»، وأن أغلب المتفائلين بمستقبل البلد امسكوا الخشب هم من الفقراء والمطحونين والأميين (!).
ليس فيما ذكرته شىء من الهزل والمبالغة. لأن بعض صحف الأربعاء 29/7 نشرت هذه المعلومات على صفحاتها الأولى باعتبارها خبرا مهما، هلل له حملة المباخر قائلين ما معناه هكذا تكون الاستطلاعات وإلا فلا. أما الصحف «المستقلة» فلم ألحظ أنها أوردته ضمن رسومها الكاريكاتورية أو فى باب العجائب والطرائف، ولا حتى تحت عنوان «صدق أو لا تصدق». وإنما قالت الصحف بكل جدية إن المجلس الأعلى للسياسات بالحزب الوطنى عقد اجتماعا برئاسة جمال مبارك. وفيه تمت مناقشة نتائج استطلاع الرأى الذى أجراه الحزب وتناول أداء الحكومة والشأن السياسى العام. ومن النتائج التى أثارت الانتباه فى الكلام المنشور أنه فى الإجابة على سؤال تعلق بثقة المواطنين فى الأحزاب كانت النتيجة كالتالى: الحزب الوطنى احتل المرتبة الأولى ووصلت نسبة الواثقين فيه إلى حوالى 58٪. أما حزب الوفد فإن حظه من الثقة لم يتجاوز 4٪، وحزب التجمع «فاز» بنسبة 3٪. أما المستقلون (الذين يدخل فيهم الإخوان) فلم تزد نسبة الثقة فيهم على 2٪. من النتائج التى لفتت الانتباه أيضا فى ذلك الاستطلاع أن نسبة عالية من المتفائلين بمستقبل البلد (64٪) ينتمون إلى طبقة الفقراء والأميين فى مصر.
هذه النتائج تثير على الفور السؤال التالى: إذا كان الحزب الوطنى بهذه القوة والمتانة فى الشارع المصرى، فلماذا يستعين بالأمن وبجهاز الإدارة للتزوير وترهيب المنافسين فى الانتخابات النيابية والمحلية، وإذا كانت تقارير اللجنة العليا للانتخابات، والدراسات التى أصدرها المتخصصون فى مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام قد أكدت أن نسبة التصويت للحزب الوطنى فى انتخابات مجلس الشعب لسنة ألفين كانت 38٪، وإن هذه النسبة تراجعت فى انتخابات عام 2005 بحيث لم يتجاوز 32.5٪، فكيف يقال فى 2009 إن نسبة الثقة فى الحزب فى حدود 58٪؟
عندى تفسير من واقع الخبرة العملية التى أكدتها معلومات مقالتى التى تصادف نشرها فى نفس اليوم. خلاصة ذلك التفسير أن النسبة كانت كما هى عليها فى الانتخابات الأخيرة، ولكن الذى حدث أن القائمين على أمر الاستطلاع رفعوها إلى 58٪. ذلك أنه إذا كان من أهل السلطة من تجرأ ورفع نسبة النجاح فى الثانوية العامة، وإذا كان أحد العمداء لم يتردد فى رفع نسبة نجاح طلاب الهندسة من 60 إلى 80٪، فما الذى يمنع من رفع نسبة الثقة فى الحزب الوطنى من 32 إلى 58٪؟ وألا يعد ذلك إعمالا للعرف السائد والتزاما بالتقاليد المرعية فى الشأن العام؟
ربما اعتبر الذين حددوا تلك النسبة أنهم تواضعوا وجعلوها 58٪ فقط. رغم أن البلد كله مرهون للحزب ومكتوب باسمه. ولكن ذلك التفاوت الهائل بين حظ الحزب وحظوظ الأحزاب الأخرى يدين النظام القائم ولا يحسب له. لأن من حق أى باحث أن يتساءل قائلا: أية ديمقراطية هذه التى جعلت من الحزب الحاكم فِيَلاً بعد 30 سنة من ممارسة التعددية السياسية فى حين أن الأحزاب الأخرى لا يتجاوز حضورها حجم النمل أو الصراصير؟ وألا يذكرنا ذلك بالحياة الحزبية المغشوشة فى الدول الشيوعية؟
بقية النتائج المعلنة أثبتت أن خبراتنا فى تزوير استطلاعات الرأى أضعف منها فى تزوير نتائج الانتخابات، بما يجعلنا نشك فى أن الاستطلاع تم تحت إشراف مباحث أمن الدولة ولم يقم به خبراء قياس الرأى العام. وإلا كيف يقال إن قناتى التليفزيون الأولى والثانية هما الأعلى مشاهدة؟ وهل يعقل أن يقال إن أغلب الفقراء هم المتفائلون بالمستقبل؟ وكيف يقال إن 40٪ فقط لم يسمعوا بالأزمة الاقتصادية العالمية، فى حين أن 80٪ تطحنهم الأزمة ولم يعرفوا غيرها طيلة حياتهم. إن أخطر ما فى الاستطلاع الذى تم، أن نتائجه دلت على أن الحزب مُصّر على ألا يعرف شيئا عن الواقع المصرى، الأمر الذى يرشحه بجدارة لأن يكون شهادة تفوق فى الاستعباط السياسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.