الصيف هو الموسم الذهبى للسفر والانطلاق، وفى القارات الست وجدت كل دولة فى الطبيعة معلما يستحق التركيز أو حادثة تاريخية تستلزم التخليد، وكان ذلك باحتفالات يختلط فيها الترفيه بالتنافس، لتكون خليطا جاذبا للسائحين. ومن أغرب الحوادث التى قرر الناس تخليدها، المحاولة الفاشلة لذبح أحد الديوك!. فمنذ عام 1620 تحتفل ولاية كولورادو الأمريكية يومى 18 و19 من مايو كل عام، بمهرجان «الديك مايك ذو الرأس المقطوع»!. وتقول قصة مايك المقطوع الرأس أن مزارعا اسمه أولسن، كان يملك ديكا أسماه مايكن، وقرر ذات يوم ذبحه، لكنه فعل ذلك بطريقة غير سليمة، تسببت فى فقدان الديك لرأسه دون مفارقة الحياة !. واستغل أولسن الديك الذى صار بلا رأس، ولمدة 18 شهرا ظل يطوف به البلاد المجاورة، ويستعرضه أمام الناس مقابل المال. وفى نوع من التكريم للديك مايك وكل الدجاج، يجتمع المشاركون بالمهرجان فى قرية «فرويتا» التى ينتمى إليها المزارع، لينظموا حفلات راقصة للدجاج وسباقات جرى للمشاركين يحاكون فيها الديك مايك المقطوع الرأس، إلى جانب ألعاب للدجاج، وقبل ذلك كله، حفل استقبال للدجاج بالقرية. وبينما يشهد عدد من الدول العربية مهرجانات للزواج الجماعى فى أوقات مختلفة من العام، قرر الإسبان ممارسة طقس جماعى مختلف يوم 29 من شهر يوليو من كل عام، حيث يجرى تنظيم مهرجان للأشخاص الذين تعرضوا لحوادث أو أمراض جعلتهم يقتربون من الموت، خلال المهرجان يقومون بمحاكاة موتهم، وتخيل الأحداث التى كانت ستقع، ما لم تكتب لهم الحياة من جديد، فيقوم المشارك بالرقود فى كفن يتم أخذه إلى الكنيسة، ويبكى أقاربه الذين يعايشون جو الوفاة، ثم يحكى المشارك فى الكنيسة تجربته مع الموت. وبعد هذا الجو الحزين، يتحول المهرجان إلى جو احتفالى، ابتهاجا بعودة المشاركين إلى الحياة، وتنطلق الألعاب النارية والطعام والسباقات. ويقام هذا المهرجان فى مدينة «نيبيس» بإقليم جاليثيا، ويتزامن مع الاحتفالات بعيد القديسة «سانتا ماريا». ومنطقى أن يكون فى الحديث عن الموت ودخول الكفن طابع دينى، لكن ما يبدو غير مفهوم هو ذلك المهرجان المخصص للقفز فوق الأطفال، ويعتبره الإسبان مستوحيا من الكنيسة الكاثوليكية! المهرجان يحمل اسم «كالاتشو» ويقام فى إقليم «كاستييو دى مورثيا». وفيه يرتدى المشاركون ملابس تشبه هيئة الشيطان، كرمز للشر، ويقدم كل منهم قفزة واسعة، بينما يوضع على الأرض عدد من الأطفال حديثى الولادة، بحيث يكون المتسابق مضطرا لتوسيع قفزته بالدرجة التى تجعله يتفادى الوقوع على الأطفال. المثير أن أهالى هؤلاء الأطفال يوافقون على مشاركة أبنائهم فى المسابقة، وأحيانا يشارك بعضهم فى القفز! والغرض من ذلك هو تطهير الأطفال من الشر وكل من يرغب فى التطهر من الشر، يذهب لهذا المهرجان. وبينما ترحب إسبانيا بالمشاركين للقفز فوق أطفالها، تدعو فنلندا فى يوليو من كل عام إلى مهرجان آخر لتدعيم العلاقة بين الزوحين، يحمل فيه كل متسابق زوجته لمسافة 250 مترا، يعبر خلالها حمام سباحة، ويجتاز عدة حواجز. وشارك فى الاحتفال هذا العام أكثر من 35 زوجا من الولاياتالمتحدة وكندا وإستراليا واليابان. ولأن القفز أكثر الحركات تعبيرا عن الإنطلاق، لاقت الدعوة التى وجهها موقع «جادلج» الإلكترونى الأمريكى الشهير رواجا بين السائحين فى أنحاء العالم عام 2007، وطلب «جادلنج» المتخصص فى السياحة والسفر من زواره القفز لأعلى نقطة ممكنة فوق السرير فى الفنادق التى سيقيمون بها خلال سياحتهم الصيفية، ودعا الموقع المتسابقين إلى تصوير القفزة التى يمكنهم أن يؤدوها بمفردهم أو جماعيا، وتعهد «جادلج» بنشر أفضل صور هذه القفزات، وبالفعل! تلقى الموقع السياحى الشهير عشرات الصور وماتزال هذه الصور فى ازدياد. ويبدو القفز فوق السرير أمرا آمنا إلى حد كبير، لكن مهرجانا آخر فى «كوبر هيلز» فى اسكتلندا يتعرض بعض المشاركين فيه إلى إصابات تترواح بين شرخ العظام إلى ارتجاج المخ، ويظل مع ذلك جاذبا بدرجة جعلته يقام فى 28 مايو من كل عام منذ مائتى عاما حتى الآن، هو مهرجان «دحرجة الجبن»، وفكرته هى الجرى خلف قطعة جبن يتم رميها من منحدر مرتفع، والمتسابقون هنا هدفهم الوصول إلى قطعة الجبن التى تكون جائزة أول من يصل إليها. ويستحوذ الطعام على نسبة كبيرة من المهرجانات فى العالم، وفى الأربعاء الأخير من شهر أغسطس، يحتفل إقليم فالينسيا الإسبانى بمهرجان «حرب الطماطم» ليأتى 30 مليون شخص مشارك يقذف كل منهم الآخر بالطماطم الناضجة، وهى العادة المستمرة منذ عام 1944. ويستمر المهرجان فى شوارع فالينسيا لمدة أسبوع كامل يتم خلاله استهلاك 100 طن من الطماطم فى المتوسط، تهديهم بلدية فالنسيا للمشاركين. ولا يعرف على وجه التحديد أصل هذا المهرجان، ومما يقال إن بعض الشباب ألقوا بعضهم بالطماطم على سبيل الدعابة وتطور الأمر ليقذف الجميع بعضه بالثمار الحمراء، ويقال أيضا إن أصل حرب الطماطم هو إلقاء سكان مدينة «بانيول» فى فالنسيا الطماطم على المسئولين المحليين خلال الفترة التى حكم فيها الديكتاتور فرانكو. لكن الأمريكيين فى ولاية كاليفورنيا تعاملوا مع الطعام بشكل أكثر إيجابية، إذ تنظم مدينة «جيلروى» بالولاية مهرجانا للثوم، يتنافس خلاله المشاركون فى إعداد أطباق مختلفة من الثوم، كلها غير تقليدية، مثل آيس كريم الثوم وعصير الثوم ويلقى الطهاة دروسا فى الفوائد الصحية للثوم، ويحضر هذا المهرجان سنويا أكثر من 100 ألف زائر. و«جيلروى» يعدها البعض العاصمة غير الرسمية للثوم، ويشهد هذا المهرجان منذ نحو 30 عاما، استهلكت خلالها أكثر من 72 طنا من الثوم، وفقا للموقع الإلكترونى للمهرجان.