محافظ القاهرة يشهد احتفال وزارة الأوقاف بمناسبة العام الهجري الجديد    وزيرة التنمية المحلية: متابعة يومية مع المحافظين لتطورات الملفات الخدمية    حماس: الاستهداف الممنهج لمدارس إيواء النازحين تحدٍ لقوانين حماية المدنيين    ركلات الترجيح تؤهل إنجلترا إلى نصف نهائي يورو 2024 على حساب سويسرا    عاجل ورسميا.. فتح رابط بوابة مركز المعلومات نتيجة الدبلومات الفنية 2024 emis.gov.eg خطوات الاستعلام عنها خطوة بخطوة    تفاصيل قرار إخلاء سبيل إمام عاشور في واقعة التعدى على فرد أمن    رئيس المركز القومي للسينما ينعي مدير التصوير عصام فريد    شولتس يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء البريطاني الجديد    المقاومة الفلسطينية تعرض مشاهد من أبرز عملياتها لقنص الجنود اليهود    ننشر أقوال إمام عاشور بواقعة تعديه على فرد أمن مول بالشيخ زايد    من مسجد السيدة زينب.. بدء احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد    ارتفاع واردات السيارات المستوردة بنسبة 5.3% فى مصر خلال أول 5 أشهر    من مقلب نفايات لمعلم عالمي.. صندوق التنمية الحضرية: حدائق الفسطاط ستكون الأجمل بالشرق الأوسط    إعلام إسرائيلي: زعيم المعارضة يائير لابيد يشارك في مظاهرة تل أبيب    جميلة عوض تشارك متابعيها لقطات تلقائية من «شهر العسل» مع أحمد حافظ (صور)    حمدوك: يمكن الاستمرار في جهود وقف الحرب بالتوازي مع العملية السياسية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. أجمل رسائل وصور التهنئة بالعام الجديد    هل تعرض أحمد رفعت لانتكاسة جديدة بسبب الضغوط النفسية؟ طبيب اللاعب يوضح    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    حفيد محمود ياسين ناعيًا أحمد رفعت: «زعلان عليه ومبسوط بحب ربنا فيه»    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    توطين مليون يهودى فى الضفة «مخطط الشر» لإنهاء حل الدولتين    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    رانيا المشاط.. الاقتصادية    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    قافلة طبية مجانية.. الكشف على 706 مواطنين فى إحدى قرى قنا ضمن «حياة كريمة»    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    وزير التموين: نعمل على ضبط الأسعار بطرق مبتكرة ليصل الدعم للمستحقين    عماد الدين حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسى    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    وزير الإسكان يتفقد مشروعات تنموية ببرج العرب بالإسكندرية    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    «استحملت كلام كتير».. رد ناري من جمال علام على خروج إبراهيم عادل من معسكر المنتخب الأولمبي    تسنيم: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الانتخابات الرئاسية الإيرانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبل الخروج من مجتمع مريض
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 03 - 2014

هو عنوان كتاب شهير لايريش فروم (عالم اجتماع ودارس للتحليل النفسى وممارس له، عاش بين ألمانيا والولايات المتحدة والمكسيك وسويسرا، 19001980) يتناول به معاناة الإنسان فى المجتمع الحديث التى يراها ناتجة عن استغلاله الاقتصادى والاجتماعى المستمر من قبل المصالح الكبرى، وعن القمع المباشر وغير المباشر لحرياته المدنية والسياسية، وعن اغترابه عن ذاته وعن المحيطين به بفعل سيطرة السلطة على حياته اليومية وتوجيهها المباشر وغير المباشر لتصرفاته.
ثم يقدم فروم فى الجزء الأخير من كتابه مجموعة من الأفكار لاستعادة التماسك النفسى للفرد وللمجتمع وللخروج من المعاناة وللتخلص من أمراض العنف والقتل والفوضى والانتحار تدور (بلغة اليوم، فلغة فروم تعود إلى النصف الثانى من القرن العشرين و«سبل الخروج من مجتمع مريض» صدرت نسخته الألمانية فى 1960) حول التمكين الاقتصادى والتحرير الاجتماعى والسياسى للإنسان على نحو يحد من الاستغلال ومن الاستتباع للمصالح الكبرى ومن الاغتراب عن الذات والمجتمع (يستخدم فروم هنا مفهوم الاشتراكية التعاونية للتدليل على إمكانية الوصول إلى هذه الأهداف العليا).
تمثل أفكار فروم، وتأثيرها لم يقتصر أبدا على علماء الاجتماع والتحليل النفسى المنتمين لليسار كفروم بل تجاوزهم إلى الاتجاهات الليبرالية ودراسات التنمية الإنسانية / البشرية والكتابات السياسية، فرصة للاقتراب من الوضع المصرى الراهن على نحو قد يباعد بيننا وبين الطبيعة التكرارية للنقاش العام (الصراع على الحكم والسلطة والسياسة كقضية كبرى وحيدة) من جهة وبيننا وبين اختزال الموقع / الموقف من الوقائع المصرية إما فى ثنائية تأييد الحكم فى مقابل الرفض والمعارضة أو فى ثنائية الدفاع عن العوائد / المصالح الخاصة فى مقابل الدفاع عن المبادئ العليا والصالح العام.
دعونا، أولا، نعترف أن مجتمعنا مريض وأن الإنسان فى مصر يعانى بسبب 1) شبكة استغلال اقتصادى واجتماعى طاغية تتداخل مصالحها الكبرى مع المصالح الكبرى الحاضرة فى الحياة السياسية (الرباط العضوى بين المصالح الاقتصادية والمالية وبين مؤسسات الدولة القوية والنافذين بها)، 2) القمع المباشر وغير المباشر للحريات المدنية والسياسية والقيود المفروضة على وجود المواطن فى المساحة العامة إن باسم القانون أو بقوة الأمر الواقع والذى لم يغير به حراك السنوات الماضية شيئا يذكر، 3) اغتراب الإنسان عن الذات وعن المحيطين به بفعل سيطرة السلطة على حياتنا واستتباعها لنا عبر مقايضة الخبر بالحرية أو مقايضة الأمن بالحرية وبفعل الاستغلال فى المساحة الخاصة (مساحة العلاقات الشخصية والأسرية) الذى ينتهك كرامة المرأة وحقوقها وحريتها ويتغول على الضعفاء والفقراء وكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة.
دعونا، ثانيا، نعترف أن علاج المجتمع المريض واستعادة التماسك النفسى للإنسان لن ينجحا إذا واصلنا اختزال الأمر فى السياسة وفى الصراع على الحكم والسلطة، وبالقطع إذا تمادينا فى تجاهل شبكات الاستغلال الاقتصادى والاجتماعى المتحالفة عضويا مع الحكام. فالمجتمع المريض، وكما يسجل فروم، يسهل تزييف وعيه الجماعى ودفعه إلى تأييد الفاشية التى تقايض الخبر والأمن بالحرية أو الدفاع باستماتة عن بقاء رأسمالية متوحشة تستتبعه إلى حد القضاء على كرامته واستقلاليته. والإنسان المريض يتماهى مع الديكتاتور أو النخبة الفاشية أو المصالح الاقتصادية والمالية الكبرى وهم جميعا يقمعونه يوميا وهو يغترب بلا فكاك عن ذاته والمحيطين به ويتحول إلى رهينة لممارسة العنف والقتل والفوضى والانتحار الفردى والجماعى.
ليست، إذن، بدايات العلاج والتغيير الإيجابى فى السياسة ولا فى صراعاتها، وليست أيضا فى حروب المواقع والمواقف فى المساحة العامة وفى تنازعات المدافعين عن المصالح الخاصة وأصوات المبادئ والصالح العام. فالتاريخ الإنسانى، قديما وحديثا، يدلل بوضوح على أن صراعات السياسة وحروب المواقع والمواقف يحسمها دوما الأقوياء وتنتصر بها النخب والمجموعات التى تمارس الاستغلال والقمع والسيطرة دون عظيم تفكير فى الصالح العام أو فى المبادئ والقيم العليا. بل البداية الحقيقية الممكنة فى تمكين الإنسان من الخروج من شبكات الاستغلال والقمع والسيطرة عبر نشاط اقتصادى واجتماعى وفكرى وثقافى وتنموى يهدف إلى تحرير جسد وعقل وعمل الإنسان وينطلق من بيئته المحلية المباشرة قبل أن يبحث عن موطئ قدم فى المساحة العامة بسياستها وصراعاتها وحروبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.