إلى جانب الإسهام الاجتماعى المتوقع لمبادرة وزير الدفاع المصرى، المشير عبدالفتاح السيسى، فى بناء مليون شقة منخفضة التكلفة، بالتعاون بين أرابتك الإماراتية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اهتمت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية العالمية بطرح تساؤلات حول المعنى السياسى للدعم الإماراتى فى هذا المجال ومدى اتساق هذه المبادرة مع التطلعات الاستثمارية لأرابتك، إلى جانب إمكانية تنفيذ هذا المشروع الطموح فى ظل الإمكانات المتاحة. «أكثر الأمثلة الدرامية حتى الآن على استخدام دول الخليح المصدرة للنفط لقدراتها المالية لدفع مصالحها السياسية فى البلاد فى وقت من انعدام اليقينية الشديد»، كان توصيف صحيفة فاينانشال تايمز لصفقة إنشاء الوحدات منخفضة التكلفة والتى تصل تكلفتها إلى نحو 40 مليار دولار بحسب بيان أرابتك. وكانت الإمارات تعهدت منذ يوليو الماضى بتقديم مساعدات بحوالى 7 مليارات دولار، ضمن حزمة مساعدات خليجية بلغت 15.9 مليار دولار. وتشير وول ستريت جورنال فى فقرة ثانية من تقريرها عن المشروع المصرى إلى أنه دول الخليج الداعمة للنظام الذى أطاح بحكم الإخوان المسلمين فى مصر يخشون من «تكرار الثورة فى مصر التى أطاحت بمرسى من السلطة». ويأتى المشروع العقارى الضخم متماشيا مع تطلعات أرابتك الاستثمارية، وهو ما قد يفسر انعكاس الإعلان عن إيجابيا على سهم الشركة أمس الأول، حيث ذكرت وكالة بلومبرج الإخبارية أن السهم المقيد فى بورصة دبى قد أنهى تعاملاته أمس الأول على صعود بنسبة 1.7%، الأعلى منذ 25 فبراير الماضى. واعتبرت تقرير لموقع صحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية أن المشروع المصرى يمثل «حجر زاوية لأرابتك. سيكون مشروع الشركة الأول (تعمل فيه) كمطور منذ إعلانها مخططاتها فى ديسمبر للنمو بشكل متجاوز لجذورها (نشاطها الاساسى) كمتعاقد». ويعد من أشهر مشروعات أرابتك الذى تعمل فيه «متعاقد» متحف لوفر أبوظبى وبرج خليفة، وفقا للصحيفة الإماراتية. وكانت أرابتك قد أعلنت فى ديسمبر الماضى عن الدخول فى مناقشات مع الحكومة المصرية للعمل فى مجال الإسكان «غير المكلف للفئات منخفضة الدخل»، وتقدر أرابتك أن هناك عجزا ب3.6 مليون شقة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» الأخبار (الخاصة بالمشروع المصرى «هى الأخيرة فى إعلانات أخيرة من أرابتك عن تطلعاتها لتنويع أعمالها بعيدا عن نشاط سوق الإنشاءات الإماراتى»، كما تضيف ذا ناشيونال. تمويل المشروع كان من القضايا التى شغلت الصحافة العالمية فى ظل التكلفة الضخمة المرصودة له، والتى تقدر بالعملة المحلية ب280 مليار جنيه، ونقلت وول ستريت جورنال عن أرابتك أن أعمال التطوير سيتم تمويلها من بنوك محلية وأجنبية وأن البنوك أبدت اهتمامها بتمويل المشترين المصريين للعقارات لآجال تصل إلى 20 عاما. وذكر حسن اسميك الرئيس التنفيذى لأرابتك لرويترز أنه سيكون هناك اتفاق مع نحو 40 بنكا فى مصر لتوفير التسهيلات التمويلية للمشترين للعقارات من محدودى الدخل. ونقلت وكالة بلومبرج عن اسميك ان المشير السيسى «أصر» على تقديم الأراضى للمشروع مجانا، ونقلت رويترز عن نفس المصدر «ستقدم الإمارات التمويل المبدئى اللازم للمشروع فيما ستوفر الشركة بعد ذلك التمويل عبر الدفعات المقدمة والأقساط» مؤكدا أن «الحكومة المصرية لن تتحمل أى أعباء». وبالرغم من مصادر التمويل المتعددة التى تم إعلانها، أشارت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية إلى أن قانون التمويل العقارية فشل فى توسيع الملكية العقارية فى المجتمعات الفقيرة بمصر ودفع جهود التنمية، ونقلت عن خبير فى المجال العقارى أن مشكلات التمويل العقارى ممكن حلها إذا «تواجدت الإرادة السياسية». وأثارت الفاينانشال تايمز قضية أخرى حول المشروع تتعلق بإمكانية تنفيذه، حيث ذكرت أن خبيرا فى الإنشاءات على علم باحاول السوق المصرية أبدى «تشككه فى نطاق المشروع» «الأرقام تمثل تحديا.. تستلزم إعمالا سنويا فى المتوسط بقيمة 8 مليارات دولار، وهو ما يمثل تحديا من حيث الإدارة والإمكانية»، كما يقول الخبير متسائلا: «من فى مصر لديه القدرة على توفير هذه التدفقات؟». «أرابتك».. من سوق الإمارات إلى بيزنس محدودى الدخل تعد ارابتك اضخم شركة تعمل فى المجال الانشاءات مقيدة ببورصة دبى، وقد بدأت اعمالها منذ عام 1975 مستفيدة من فرص السوق الاماراتية الناشئة، وحققت نجاحا فى مشروعات ضخمة فى مجالات الاعمال العقارية والبنية الاساسية. وفى يوليو الماضى تمكنت الشركة من جمع مبلغ 2.4 مليار درهم، من خلال عملية إصدار حقوق الاكتتاب لتمويل استراتيجية الشركة والتى تستهدف بشكل رئيسى التوسع وتنويع نشاطها إلى مجالى الغاز والبترول ونشاط الاسكان منخفض التكلفة، ويندرج مشروع المليون وحدة عقارية فى مصر ضمن النشاط الاخير الذى تستهدفه الشركة. وتتمتع شركة مملوكة لحكومة ابوظبى، ابار للاستثمار، بأكبر مساهمة فى ملكية الشركة بحصة وذلك منذ مايو 2012، بحصة تبلغ 21% من ملكية الشركة. وعن تواجد ارابتك فى مصر، كانت الشركة الاماراتية قد أسست فى عام 2010 شركة ارابتك مصر للإنشاءات بالشراكة مع عامر جروب، حيث تمتلك الاخيرة 55% من الشركة بهدف ان تكون «مقاولا رائدا فى النمو الجارى بقطاع الانشاءات والبنية الاساسية فى مصر» بحسب موقع الشركة، وكان اول مشروع تفوز به الشركة فى مصر «الحدائق المعلقة» على مرتفعات السخنة، ومشروع فيللات المراسى بالساحل الشمالى. كما اعلنت ارابتك القابضة فى بيان لها فى مارس الماضى عن توقيع عقد لبناء ابراج النيل وهو مشروع سيضم فندق هيلتون وشققا فاخرة فى منطقة المعادى. كانت ارابتك القابضة الاماراتية من الشركات الدولية التى أكدت استمرار اعمالها فى مصر فى ظل الاضطرابات السياسية التى تلت عزل الرئيس السابق محمد مرسى، حيث اعلنت على موقع سوق دبى فى اغسطس الماضى عن استمرارها فى تنفيذ مشاريعها حسب الجدول المقرر لها، وقال الرئيس التنفيذى للشركة فى البيان انهم سيسعون إلى «تأسيس حضور قوى فى مصر».