غابت السياحة والرقابة فتحول الخفير إلى مرشد سياحى.. ومحافظ قنا: صدمتنى حالة المعبد فقررت رعايته بالجهود الذاتية باحثة أثرية: الأجهزة الحديثة وسيلة البعثات لنهب ميراث الفراعنة.. والأهالى: التنقيب مستمر عن كنوز الأجداد بمساعدة الدجالين والمغاربة. على بعد 5 كيلو مترات على الشاطئ الغربى للنيل وغرب مدينة قنا، تستقبلك قرية دندرة ومعبدها العتيق، المعروف لدى علماء الآثار بمعبدالإلهة حتحور إلهة الحب والجمال والأمومة عند قدماء المصريين، والذى يتميز بفن معمارى فريد، غنى باللوحات والنقوش، كما توجد على جدرانه نقوش هيروغليفية، وتغطى الجدران والأعمدة تماثيل محفورة بالغة الدقة والجمال. ما مر كان الأصل فى الصورة، لكن ما رصدته «الشروق» بين جنبات المعبد كان «شبح الصورة» لا «ظل الصورة».. «على جانبى الطريق مساحات شاسعة من الاراضى الزراعية، ومطبات وحفر وعرة، وأسفلت محطم، وغبار كثيف تثيره العربات المارة.. هنا معبد دندرة. يذهلك مدخل معبد دندرة، ليس لاحتفاظه بعراقته الفرعونية، وسحر هندسته الذى أبهر العالم، بل تذهل حيث تستقبلك الكلاب الضالة، والحشائش ويختفى الأثريون من جنبات المعبد، علما بتعامد الشمس على أعمدته تماما كما يحدث بمعبدالكرنك، لكن أغلب الظن أن شمس دندرة وتعامدها لم تجذب إليها عيون مسئولى الآثار. تخطو خطوات تجاه حجرة الملكة تجد تمثالين كبيرين من البازلت يرقدان على الارض، مهشم جزء من جسدهما.. ترى حوائط مزخرفة بالنحت الفرعونى، طمست الأجيال الجديدة معالمه بالتخطيط بالاقلام فوق الرسومات بكلمات غرامية على طريقة (أحمد بيحب منى) وقلوب تخترقها السهام. جابت «الشروق» أرجاء المعبد، لم تجد كاميرات مراقبة داخله، فى حين تبلغ مساحته حوالى 80 فدانا، يحيط المعبد سور أثرى للعصر الرومانى، انهار جزء كبير منه بسبب تسرب المياه الجوفية إليه، حيث كان يبلغ طوله حوالى 15 مترا أصبح لا يتعدى طوله حاليا ال7 أمتار.. تغزوه الحشائش فى جميع أركانه المحيطة به. قال برعى محمد صابر، خفير المعبد، إنه يعمل مرشدا سياحيا أيضا للاجانب اثناء زياراتهم للمعبد، واوضح ان المياه الجوفية أثرت على جدران المعبد وانتشار الحشائش ادى إلى هروب السياح. واشار إلى أن أحد الاجانب أكد له أن المصريين لا يدركون قيمة الآثار لذلك لا يهتمون بها، مؤكدا ان معظم السائحين يقومون بتصوير الحشائش وانتشار الكلاب داخل المعبد اكثر من تصويرهم لجدران المعبد وما تحويه من حضارات عريقة. وبسؤال أحد امناء الشرطة على باب المعبد عن مدى اهتمام وزارة الاثار قال: «احنا مش بنشوف اصلا حد من الوزارة هنا». وأشار إلى أن عدد زوار المعبد قليل جدا بسبب غياب المسئولين عنه، وعدم إدراجه ضمن الخريطة السياحية وتنفيذ برامج سياحية به لجلب السياحة. واندهش من ان المعبد به 24 عمودا أثريا، كل عمود تتعامد الشمس عليه بشكل تدريجى فى السنة، ولا يوجد به اهتمام كمعبد الكرنك بالاقصر. وأثناء تجولنا بالقرية سمعنا حكاوى، وقصصا عن استخراج الاهالى لبعض القطع الاثرية من الارض نتيجة التنقيب عن الاثار. وأكد عدد من الاهالى أن بعض الدجالين يشتركون فى عملية استخراج الكنز حيث يعتمد المنقب عن الاثار على «شيخ» أو «قسيس» فى عملية استخراج الكنز ويجلب له «البخور»، وذلك لتحضير الجن ليدلهم على مكان «اللقية» وأن من أمهر المشايخ فى عملية استخراج الاثار هم القادمون من المغرب لأن لديهم قدرات خارقة يستطيعون إخراج الكنز بكل سهولة. وأكدت منى فوزى، باحثة فى الآثار، أن أهالى دندرة يستخرجون الكنز الاثرى بطريقتين: الطريقة الاولى تتمثل فى قيام بعثات عن طريق الاعتماد على الاجهزة والتقنيات الحديثة للكشف عن المعادن وعمرها. والطريقة الثانية يعتمد عليها لصوص الاثار عن طريق استخدام المشايخ الذين يستعملون السحر والجن فى عملية الاستدلال واستخراج الكنز. اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا، قال انه فى احدى زياراته لمعبد دندرة فوجئ بانتشار الحشائش بالمعبد، فقرر فورا ازالة الحشائش، وعدم الاعتماد على وزارة الاثار، وقام بتكليف عمال النظافة وبعض العاملين بالمحافظة بذلك، مشيرا إلى أن العمل استغرق اسبوعا كاملا فى ازالة الحشائش، وناشد وزارة الاثار الاهتمام بالمعبد لانه بوابة قنا السياحية. وحاولت «الشروق» التواصل مع كل من على الأصفر، وكيل وزارة الآثار، وأيمن هندى، مسئول المعبد بقنا، لكنهما رفضا التعليق.