انقلبت صورة أزمة السكر فى مصر، فبعد أن كانت المشكلة تكمن فى زيادة الواردات بصورة حادة نتيجة لهبوط الأسعار العالمية (مما أدى إلى تراكم المخزون لدى الشركات المحلية المنتجة له من البنجر)، توقف الآن المستوردون عن جلبه، على إثر ارتفاع أسعاره عالميا مقارنة بالسوق المحلية، «ونستهلك حاليا فى المخزون من المستورد والمنتج»، كما قال عبدالحميد سلامة، رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر. وكان سعر السكر عالميا قد اتخذ اتجاها تصاعديا منذ بداية العام الحالى، نتيجة لعدة أسباب أهمها العجز الشديد فى إنتاج الهند هذا الموسم من كل من قصب السكر والبنجر، وهى الزراعات التى تستخدم فى صناعته، خاصة أنه، كما قال سلامة، إن تكلفة استيراد طن السكر الخام تصل إلى 3 آلاف جنيه، وإلى أن يصل إلى المستهلك قد يبلغ سعره إلى 3.5 جنيه فى حين أن سعر الكيلو محدد من الدولة ب 3 جنيهات بالنسبة لإنتاج الشركات التى تمتلكها وأهمها شركة السكر والصناعات التكاملية، مما يعنى أن المستورد سيتعرض للخسارة فى حالة جلبه، لذلك توقفت الشركات عن الاستيراد. وأضاف سلامة أن «السكر الفائض حاليا لن يغطى العجز ما بين الاستهلاك والإنتاج سوى 6 أشهر فقط»، كما جاء على لسانه موضحا أنه بحلول العام المقبل ستواجه مصر مشكلة فى تلبية هذه الاحتياجات، خاصة أنه من المتوقع أن يواصل سعر السكر ارتفاعه فى الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن حجم الإنتاج سنويا يصل إلى 1.7 مليون طن فى حين أن الاستهلاك يصل إلى 2.7 مليون طن سنويا. وحتى تتجنب الدولة وجود أزمة فى سعر السكر مع بداية العام الجديد، يرى سلامة ضرورة لبدء استيراد كميات مناسبة من السكر الخام خلال الأشهر المقبلة، وتخزينها «لتلبية الاحتياجات عند صعود الأسعار بنسبة كبيرة»، كما قال ناصحا بأن تعطى الحكومة الضوء الأخضر للمستوردين من خلال الإعلان عن سعر للسكر فى السوق المحلية يغطى التكلفة، ويسمح بوجود هامش ربح لهم. وكان انخفاض الأسعار فى الربع الأخير من العام الماضى، بسبب الأزمة المالية العالمية والركود الاقتصادى، قد أدى إلى زيادة السكر المستورد، وهو ما هدد إنتاج الشركات المحلية، وأدى إلى تراكم المخزون لديها، والتى طالبت بفرض رسوم إغراق على الواردات حتى لا تشهر إفلاسها. ولم تنعكس تلك الأزمة على أداء شركات إنتاج السكر من البنجر فقط (حيث تراجعت أرباحها بصورة حادة)، ولكنها امتدت أيضا إلى نشاط الشركة حيث توقفت عن تنفيذ توسعات كانت قد خططت لها فى وقت سابق، وكان من المتوقع أن يؤدى الإنتاج الجديد لهذه التوسعات إلى سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك فى مصر. ويرى سلامة أن فكرة قيام الشركات بتنفيذ خطط للتوسع فى الوقت الحالى تم تأجيلها «إلى وقت غير مسمى»، مشيرا إلى أنه برغم أن ظروف السوق حاليا مناسبة، لكن الأزمة أنهكت الشركات وقضت على فرص توفر سيولة لديها لتمويل توسعات جديدة (توقع أن تنهى الدلتا عام 2009 بدون أرباح، وتمنى ألا تكون هناك خسائر)، مشيرا إلى أن إنشاء مصنع للسكر يستغرق ما لا يقل عن عامين، «وقد ينخفض سعر السكر حينها، ونكرر ما واجهناه من قبل» بحسب تعبيره مؤكدا عدم التفكير حاليا فى أى توسعات. وكانت لجنة للسكر قد تشكلت فى أبريل الماضى تضم وزيرى الاستثمار محمود محيى الدين، والصناعة والتجارة، رشيد محمد رشيد، واجتمعت ثلاث مرات، واتخذت قرارا بالسماح بتصدير الشركات للمخزون لديها.