خلف دوى القنبلة التى فجرها فاروق القدومى «أبو اللطف» فى وجه رئيس السلطة أبو مازن متهما إياه وقيادات أمنية فلسطينية سابقة على رأسها محمد دحلان بالتآمر مع إسرائيل فى القضاء على الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات سحبا كثيفة من الدخان فى الشارع السياسى الفلسطينى. فبينما تظاهرت حركة فتح بأنها لم تبال بالأمر واعتبرته فى بيان صادر عن قيادتها المركزية، خيال مريض لرجل أعياه السن عد كثيرون البيان باعتباره أول وسائل إدانة حركة فتح، التى لم تجتمع قيادتها المركزية لإصداره وإنما صدر عن أحد شخصين، فوفقا لأنباء تداولتها وسائل الإعلام الفلسطينية. فقد كان كاتب البيان هو أحد شخصين من مكتب الرئيس أبو مازن، ورجحت وسائل الإعلام إما أن يكون حكم بلعاوى وإما ياسر عبدربه، لافتة إلى أن البيان لم يطرح أى تحقيق مع أبو اللطف بينما قال إن لديه وثيقة بخصوصه، كما لم يقطع الطريق على ما أورده من أقاويل بتقديم ما يفند ذلك من أدلة. ويبدو أن حركة فتح حاولت تدارك الهجوم سريعا عليها، أيضا، حيث قال عباس زكى، عضو اللجنة المركزية، إن اللجنة المركزية للحركة بصدد عقد اجتماع عاجل لبحث التصريحات المنسوبة لأمين سر الحركة، مضيفا فى تصريحات إعلامية أن الاجتماع سيعالج الموقف. وأن تلك الاتهامات لن يكون لها أى تداعيات على مستقبل ووحدة حركة فتح، غير أنه لم يحدد موعد عقد الاجتماع العاجل، وتابع: إن «الرئيس الفلسطينى محمود عباس يفضل عدم الرد على تلك الاتهامات فى هذا الظرف، وأن حركة فتح ليست فى حاجة إلى «نشر الغسيل كى يتشفى الآخرون». وفى سياق متصل قال ماهر مقداد الناطق باسم المجلس الثورى لحركة فتح ل«الشروق» إن القدومى دأب على تكرار تصرفات من هذا القبيل وهذه ليست هذه هى المرة الأولى التى يقوم فيها القدومى بمثل هذا التصرف، ثم يتراجع فى جلسة تالية، بل ويظهر وهو يصافح من أطلق بحقهم هذه التصريحات ويعد بإطلاق تصريحات إيجابية ومعنى هذا التصرف أنه يفرغ أى كلام له من مضمونه، وبالتالى فهو مجرد كلام سطحى. لم نكن بحاجة إلى أكثر من بيان الرد عليه ولا ريب فى أن يصدر بمكتوب عن بلعاوى أو ياسر عبدربه مادام الرئيس هو الذى كلف به». وكانت تسريبات قد ترددت خلال الآونة الأخيرة عن أن أبو اللطف الذى يتخذ من المهجر مقرا له بصدد عقد صفقة فى الكواليس مع الرئيس محمود عباس قد تسمح له بالقفز على مقعد رئيس الحركة، وأن الرئيس عباس كان متجاوبا رغم انتقادات من كثيرين على ترضية أبو اللطف بدعوى تجاوز الظرف الصعب. ولم ينف مقداد تلك التسريبات لكنه شدد على فشل كل محاولات الترضية التى ساقها أبو مازن لأبو اللطف، وظهرا معا فى عمان قبل شهر وهما يتناقشان فى تفاصيل عقد المؤتمر. وكشف مقداد عن أن أبو اللطف أراد أن يعقد مؤتمرا موازيا فى الخارج لكنه فشل فى ذلك ولم يقنع حتى أنصاره بتلك الفكرة ومن ثم حاول قلب الطاولة على الجميع. وأضاف مقداد: «نعلم فى فتح أن أبو اللطف لديه علاقات مع طهران ودمشق، وعلاقات أكثر من جيدة مع حماس التى قدم لها بهذه القنبلة التى انفجرت فى وجهه قميص عثمان». خلف الانقسام بين فتح وحماس، قبل ذلك، حكومتين فى الضفة ورام الله، أما الآن فالخلاف داخل فتح يخلف انقسام فتح نفسها، فأبو اللطف لديه وفق تقديرات مراقبين ثلث أصوات الحركة فى الخارج وهى كتلة تصويتية يحسب لها ألف حساب خصوصا فى ظل مخاوف أخرى من أن تمنع قيادات حماس فى غزة خروج نحو 400 من قيادات فتح من المشاركة فى مؤتمر فتح السادس، المنتظر عقده الشهر المقبل فى رام الله، وبالتالى يكون المؤتمر قد فشل، على الرغم من أن وصف من قيادات فتحاوية ومن بينها عزام الأحمد رئيس الكتلة النيابية لحركة فتح بأنه «نقلة نوعية فى حياة فتح بين حياتين قبل المؤتمر وبعده». ومن ناحية أخرى، قال بلال القاسم القيادى فى جبهة التحرير الفلسطينية ل«الشروق» إنه «لم يكن يحق لأبو اللطف أن يجرح فى زملاء له بعد كل هذا التاريخ فى الحركة وفى هذا الوقت الذى من المفترض أننا بصدد الاجتماع على كلمة سواء لوضع حد لحالة الانقسام الفلسطينى الداخلى ليظهر وهو يشق صف فتح وهى أحد التنظيمات الرئيسية فى العمل الوطنى الفلسطينيى». وأضاف: «نعتبر أن ما بدر منه هو أمر مؤسف وليس فى وقته وكان عليه إن لم تكن له مآرب أخرى أن يقوله قبل ثلاث أو أربع سنوات أما الآن فلم يعد مقبولا، وهو الذى التقى أبو مازن قبل شهر فى عمان يبحث معه أمر عقد المؤتمر فى الداخل والخارج». وفى هذا السياق قال مقداد إن «مسألة التحقيق فى وفاة الرئيس ياسر عرفات فإن التقارير التى سلمتها المستشفى الفرنسى الذى توفى فيه الرئيس الراحل أبو عمار، لم تقدم ما يفيد على أن هناك شبهة جنائية فى الوفاة. وكذلك اللواء توفيق الطيراوى رئيس جهاز الاستخبارات حينئذ، لم يطعن بأى شكل فى تلك التقارير، وهو كان من أقرب المقربين لأبوعمار خلال فترة محبسه وحتى وفاته وأضاف « وأنا كقيادى فتحاوى لدى قناعة أن الرئيس لم يمت بشكل طبيعى لكن لا يوجد لدى دليل على ذلك».