يبحث سكان مدينة حلب السورية عن ناجين ويتفقدون حجم الدمار المروع في مدينتهم من خلال إمعان النظر في أكوام الركام والمباني المنهارة وذلك بعد أن ألقت طائرات هليكوبتر تابعة للجيش السوري قنابل برميلية على مدى عدة أيام مضت. وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في مطلع الأسبوع ان هجمات القنابل البرميلية تسببت في مقتل عشرات المدنيين في حلب في الشهر الأخير. ووصف التقرير الهجمات بأنها غير قانونية مضيفا انها استهدفت مناطق سكنية وتجارية. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ان 42 شخصا على الاقل بينهم أطفال قتلوا يوم الأحد (22 ديسمبر) عندما ألقت طائرات هليكوبتر تابعة للجيش السوري تلك القنابل على مناطق في محافظة حلب بشمال البلاد. والقنابل البرميلية هي اسطوانات أو براميل نفط مملوءة بالمتفجرات. وعادة ما يتم دحرجتها لتسقط من الجزء الخلفي للطائرة الهليكوبتر دون محاولة إصابة هدف محدد لكنها تسبب خسائر بشرية واسعة النطاق واضرارا مادية كبيرة. ويظهر تصوير فيديو حصلت عليه رويترز صورا للمدينة وقد تحولت الى أطلال بعد تلك الهجمات. ولا يزال سكان المدينة متمسكون بموقفهم في تحد للنظام على الرغم من الدمار المنتشر على نطاق واسع. وقال شاب من أهل حلب "ما نشهده اليوم هو واحد من سلسة مجازر يومية. النظام بيحاول اليوم وأمبيرحة (أمس) واللي قبله. سلسلة متواصلة من المجازر ياللي بيرتكبها مفكر أنو رحننهزم بهاالمجازر . لأ ما رحننهزم. ما رحننهزم ورحنظل صامدين." وقال آخر ان بعض أفراد أسرته فقدوا بعد الهجمات. واضاف وهو يبحث تحت الركام عن ابنه وحفيدته بعد ان فقدهما في القصف "ابني وبنتي راحوا بهالمجزرة. الله يعوضنا بالأحسن. عبطلع عليهن طلعوا من القبوا أو ما طلعوا ما بأعرف." وتستخدم قوات الرئيس بشار الاسد التي تخوض قتالا ضد قوات المعارضة منذ أكثر من عامين ونصف العام قتل فيها أكثر من 100 الف شخص القوة الجوية والمدفعية ضد المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في انحاء البلاد. ولم تتمكن قوات الاسد من استعادة الاجزاء الواقعة في شرق ووسط حلب التي استولت عليها المعارضة في صيف 2012 لكنها طردت مقاتلي المعارضة من بلدات واقعة الى الجنوب الشرقي من المدينة في الاسابيع الاخيرة. وقال مقيم آخر في حلب "نشاهد في الفترة الأخيرة أن حلب تقصف بشكل عنيف من هذا النظام الفاسد المجرم. هو بيكرر نفس السيناريو الذي فعله في ريف دمشق ولكن الحمدالله ريف دمشق لم يركع. وهلق بيكرر نفس السيناريو بحلب. ونحن نطمأنه أن معنويات الناس بحلب ورغم كل المجازر ورغم كل البراميل المتفجرة التي أعدادها بالعشرات كل يوم وبيذهب ضحيتها آلاف الأبرياء وآلاف الشهداء وآلاف الأطفال بإذن الله المدنيين وكل مواطن وكل إنسان بالجيش الحر وكل مجاهد إن شاء الله رح يوقف قدام الطيران وكل دولة تساعده حتى يسقط النظام ويسقط كل من يساعده." وقال رجل آخر يدعى ابو فهد ان الهجمات الجوية الأخيرة علامة على ضعف الأسد. واضاف أبو فهد الذي كان إعلاميا مع الجيش الحر قبل ان يفقد ساقيه في معركة الشهر الماضي "كان يضربنا بالمدافع ويطالع علينا الدبابات ونقدر نتحمله. بس طيران وبراميل؟. هذا ضرب ضعيف. ضرب شخص ضعيف ماهو قوي. القوة على الأرض. نحن نناشد أخوتنا المجاهدين..نناشدهم تكتلوا.. تجمعوا..جمعيكم كونوا يد واحدة." ووسط كل تلك الهجمات والعنف يحاول أهل حلب متابعة حياتهم كالمعتاد. لكن القصف العنيف عادة ما يجعل ذلك مستحيلا حيث تضطر المدارس الى اغلاق أبوابها وإعادة التلاميذ الى بيوتهم. وقالت معلمة في احدى المدارس "الطلاب عادوا للوضع الطبيعي. الآن من جديد هنالك هجمة شرسة على حلب وهناك قصف. ونخاف أن يؤثر ذلك على دوامنا ونضطر أن نغلق المدارس. نحن لنصدق أن تفتح المدارس ويتلقى الطلاب العلم وان شاء الله الجيش الحر يرد على هذا الشيء الذي حدث لأنه وصل لدرجة غير معقولة ودائما نحن عمناخد الضرب والنظام لا يصله الرد كما يجب فبيمنى ما يحتفظوا بحق الرد." وقال التلاميذ انهم تأثروا بشدة بالصراع. وأضاف طالب "اثنان ماتا البارحة ولم نستطع النوم وكان هناك قذائف بالليل. ولم نستطع النوم أبدا." ويقول صندوق الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) ان ما يزيد على ثلاثة آلاف مدرسة في سوريا تعرضت لأضرار أو دمرت واستخدمت نحو ألف مدرسة أخرى لايواء النازحين. ويضيف يونيسيف ايضا ان مليوني طفل تسربوا من التعليم وان ما اجماليه أربعة ملايين طفل آخرين تأثروا بالصراع بينهم مليون أصبحوا لاجئين حاليا. واتهمت معلمة من حلب الأسد بتعمد استهداف المناطق المدنية. وقالت "بالنسبة للقصف عندنا بحلب. بشار صاير كتير بينتقم. أنا أشعر أنه ينتقم من المدنيين. لأنه لو يريد أن ينتقم من الجيش الحر كان ذهب إلى الجبهات. حقيقة هو صحيح لم يعد يملك جيش ولكنه يحضر عراقيين وإيرانيين. كثير من الناس يساعدونه وكلهم واقفين ضد الشعب السوري." وأرسلت ايران قادة عسكريين الى سوريا لمساعدة جيش الأسد المدعوم أيضا من جانب مقاتلين من حزب الله اللبناني الموالي لايران ومقاتلين من الشيعة العراقيين. ويقاتل هؤلاء مقاتلين معارضين للأسد مدعومين بكثير من المقاتلين السنة الذين جاءوا الى سوريا من ربوع العالم الاسلامي.