في اليوم الأول للتقديم، 5 مرشحين لانتخابات التجديد النصفي بفرعية الصحفييين بالإسكندرية    بالزي الفرعوني.. استقبال مميز للطلبة في كلية الآثار بجامعة دمياط    وزير الاتصالات: إتاحة تقنيات الجيل الخامس ستنعكس بالإيجاب على الاقتصاد القومي    المستشار محمود فوزي: الوزارة بابها مفتوح أمام جميع أعضاء البرلمان    وزير الصحة: انخفاض معدل الإنجاب فى 2021 من 2.8 ل2.5 مليون    خبير عسكري يكشف دلالة ظهور الفرقة 91 الإسرائيلية في المشهد اللبناني    قائمة بيراميدز - تواجد أوباما وأوجولا.. وغياب الكرتي عن معسكر تركيا    دوري المحترفين، الترسانة يتقدم على منتخب السويس بهدف في الشوط الأول    ميكالي يناقش إقامة معسكر منفصل للاعبين المحترفين    تسهيل وممارسة الدعارة والاتجار في البشر، حيثيات سجن شريكة سفاح التجمع 10 سنوات    ساعدت فى جلب السيدات.. الجنايات: شريكة سفاح التجمع قدمت له نفسها وابنتها    زغاريد فلسطينية وهتافات تحيا فلسطين قبل عرض أفلام من المسافة صفر بمهرجان وهران    القاهرة الإخبارية: حماس تعلن عن حالة المحتجزين الإسرائيليين فى غاية فى الصعوبة    الصحة: الانتهاء من 20 مشروعا لتطوير المستشفيات ب 11 محافظة يناير المقبل    وزير الصحة أمام مجلس النواب: تكليف من الرئيس السيسى بالتوسع في المدن الطبية المتكاملة    تحليل الاقتصاد برؤية إصلاحية    غدا.. الجنايات تستكمل محاكمة متهمي تهكير مواقع التواصل الاجتماعي    وزارة الزراعة تنفى إغلاق حديقة الزهرية بالزمالك وتؤكد: مفتوحة أمام الجمهور    تصريح جديد من حكومة الاحتلال حول اغتيال هاشم صفي الدين.. ماذا قالت؟    ما الفرق بين شبكات الجيل الرابع 4G والخامس 5G للاتصالات؟    بمشاركة هنا الزاهد وانجي كيوان.. سلمى أبو ضيف تنشر صورها من مباراة دوري كرة السلة الأمريكي بأبو ظبي    الأزهر للفتوى: الإنفاق في الخير لا يشمل المال بل النية والعاطفة    وزير الإسكان: مصر مستعدة لنقل خبراتها بمجال التنمية العمرانية بالعراق    "عشان يكسب فلوس".. حبس المتهم بتزوير المستندات الرسمية بعين شمس    فيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف محيط مطار بيروت    القوات الأوكرانية: وقوع إصابات بجانب المطار العسكري في ستاروكونستانتينوف    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    "بسيوني" يتقدم بأوراق ترشحه لانتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين بالإسكندرية    وكيل وزارة صحة البحيرة يتفقد أعمال القافلة الطبية العلاجية بمحلة الأمير    هددها بنشر صور فاضحة.. السجن 5 سنوات لسائق حاول استدراج سيدة لعلاقة آثمة بالشرقية    رغم أنهم طيبون.. 3 أبراج يتم الحكم على نواياها بشكل خاطئ في العمل    مؤاسل «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تستعد لتنفيذ عملية برية جديدة في لبنان    عضو ب«النواب»: التحالف الوطني ذراع أساسي في مسيرة البناء والتنمية بمصر    افتتاح معرض «إرادة شعب» في متحف الحضارة لتخليد ذكرى انتصارات أكتوبر    وزارة الثقافة تطلق أسبوعا مكثفا للشباب بسوهاج ضمن مبادرة «بداية»    «الرعاية الصحية» تعلن نجاح جراحتين لزراعة القوقعة في مجمع الإسماعيلية الطبي    محافظ أسيوط يتفقد وحدة الفيروسات الكبدية والمركز الصحي الحضري بمديرية الصحة    اليوم.. كلية الدراسات الإفريقية العليا تنظم ندوة بعنوان «نصر أكتوبر وتأصيل الانتماء لدى الشباب»    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    جامعة عين شمس تنظم احتفالية كبيرة بمناسبة الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    السبب غامض.. سقوط طالبة من الطابق الثالث لمدرسة ثانوية في قنا    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    تقنية «mRNA» تقود العالمين فيكتور وروفكون للفوز بجائزة نوبل للطب بعام 2024    انتشال جثة طفل غرق في ترعة النوبارية بالبحيرة    8 مطربين لبنانيين يجمدون حفلاتهم بسبب أحداث بيروت (تقرير)    بسبب عدم الانضباط.. إحالة مدير مدرسة للتحقيقات في قنا    سيد معوض: الكرة المصرية تعاني من أزمة في الظهير الأيسر    بوكا جونيورز ينهي مسلسل هزائمه في الدوري الأرجنتيني    الإنجليزى أوفى إيجاريا يصل اليوم للخضوع للاختبار فى الزمالك    عام على غزة.. 10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج بعد تدمير المستشفى الوحيد    وزير الشباب والرياضة يبحث الفرص الاستثمارية وتسريع وتيرة تطوير الإنشاءات    "هو انت تستحق؟".. الغندور يفجر مفاجأة اعتراف إمام عاشور ل كولر    باكستان: مقتل 3 أجانب وإصابة آخرين بانفجار قرب مطار كراتشي    كيف رد الشيخ الشعراوي على شكوك الملحدين في وجود الله؟.. إجابات تزيل الحيرة    بمستهل تعاملات الأسبوع.. سعر الذهب فى مصر يتراجع 5 جنيهات    أشرف سنجر: مصر تدافع عن شعب أعزل سواء الفلسطيني أو اللبناني    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    «الإفتاء» توضح طريقة الصلاة الصحيحة لمن يسهو في الركعات بسبب المرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغز الطب الصينى

كتب ستيفن أسما، أستاذ الفلسفة بكلية كولومبيا فى جامعة شيكاغو، مقالا تحليليا بعنوان «لغز الطب الصينى»، نُشر على الموقع الإلكترونى لجريدة النيويورك تايمز. يتناول فيه مشكلة الحدود بين العلوم الحقيقية والعلوم الزائفة.
بدأ الكاتب المقال بقوله «عندما كنت فى زيارة للصين، أصبت بنوبة برد. ولأن زوجتى صينية وكانت تريد أن تتحسن صحتى، أخذتنى إلى مطعم محلى. وطلبت سلحفاة حية، وكان الندلاء يذبحونها ببساطة، ثم يسكبون دمها فى كوب. وأضافوا إلى هذا المشهد الرهيب جرعة من مشروب بايجيو، وهو شراب كحولى قوى مصنوع من الحبوب. ووقف صاحب المحل والندلاء إلى جانب الطاولة، بفخر واضح، يشجعوننى وأنا أشرب الدواء الناجع. جفلت، ثم استجمعت شجاعتى وتجرعته. وشعرت بتحسن فى تلك الليلة والأيام التى تلتها، لكننى لم أكن واثقا من السبب. فهل كان تأثيرا وهميا؟ ربما كان جسدى يتحسن بالفعل فى تلك الليلة، ولم يكن الدواء ضروريا. أم أن جرعة دم السلحفاة الممتزج بالبايجيو، عجلت بالتعافى؟»
•••
ويضيف الكاتب، أن العديد من الغربيين سوف يسخرون من فكرة أن يكون لدم السلاحف تأثيرات طبية. ولكن بعض هؤلاء الناس على الأقل قد يضع كمادات الباذنجان التى أوصى بها الدكتور أوز لعلاج سرطان الجلد. وفى السنوات الأخيرة، انطلق الطب البديل، ليعيد بعث مشكلة فلسفية يسميها المتخصصون «مشكلة وضع الحدود».
وأضاف أن الفيلسوف المعاصر فى العلوم «لارى لودان»، رأى أن الفلاسفة فشلوا فى تقديم معايير ذات مصداقية للتمييز بين العلم الحقيقى والعلوم الزائفة. وحتى إثبات خطأ الفرضية مقياس العلم الوضعى يستبعد العديد من الآراء النظرية المشروعة للفيزياء المتطورة، ويقبل العديد من الأفكار الغريبة، مثل علم التنجيم إذا كان مؤيدوه أذكياء بشأن تحديد الملاحظات التى تثبت توقعاتهم. فضلا عن أن مؤرخى العلوم منذ توماس كون أشاروا إلى أن العلوم المشروعة نادرا ما تتخلى عن أية نظرية عندما تظهر الملاحظات الداحضة لها، وإنما تفضل، بدلا من ذلك (لفترات تمتد عقودا أحيانا) إرجاع الأدلة المضادة إلى الخطأ التجريبى. حتى إن الفيلسوف النمساوى بول فيرابند تخلى تماما عما يسمى المنهج العلمى، بحجة أن العلم ليس تقنية خاصة لإنتاج الحقيقة ولكن لإنتاج أنواع خاطئة من التفكير البشرى العادى (المحمل بالخطأ والتحيز والإقناع الخطابى). وأخيرا، نحن نحب أن نعتقد أن التطبيق الصارم للمنطق سوف يقضى على الأفكار التافهة. ولكن ذلك لم يحدث.
وتجذب مسألة الطب البديل، وخاصة الطب الصينى التقليدى، التعاطف مع مشكلة وضع الحدود بين العلوم الحقيقية والزائفة. حيث ينجذب الأمريكيون إلى الوخز بالإبر والأدوية العشبية (وبنسبة أقل لعلم الصيدلة الحيوانية، مثل دم سلحفاتى)، ولكن نحن نتطلع إلى بعض التحقق من الصحة العلمية لهذه الممارسات القديمة. كما أن الصينيين أنفسهم يبحثون عن طرق لإضفاء الشرعية على الطب الصينى التقليدى فى العالم الغربى، وتمييزه عن الجوانب الأكثر خرافية فى الثقافة التقليدية.
•••
ويشير الكاتب الى أن الكثير يتقبل منا الحقائق العامة للفنج شوى (حرفيا «الرياح والمياه») بلا جدال نسبيا. فببساطة، إذا كنت تقوم بترتيب وضع الأثاث الخاص بك فى أنماط واتجاهات معينة، تبدو بالنسبة لمعظم الناس أفضل نفسيا من بعض الأنماط الأخرى. ولكن «نظرية السببية» الميتافيزيقية التى تقف وراء هذه الحقائق، أكثر إثارة للجدل. ويرى الطب الصينى أن خطوط الطول للطاقة تحدد تدفق قوة تسمى «تشى» وهذه القوة تتدفق فى جميع أنحاء الطبيعة وأجسادنا - وتسبب الانسجام والتنافر أو الصحة والمرض (اعتمادا على درجة حجبها أو عدم حجبها).
وكان أرسطو قد ميز العلوم عن غيرها من أنواع المعرفة على أساس أنها تقدم تفسيرا سببيا لتجربة يمكن ملاحظتها، وإن أفكارها منهجية (متماسكة منطقيا). وحسب هذه المعايير الأرسطية، يبدو الطب الصينى التقليدى علميا، إلى حد ما على الأقل.
غير أن تعريف العلم الحقيقى تغير بشكل واضح منذ القرن السابع عشر. فلم تكن فكرة السببية كافية، حيث من الممكن ان تكون هناك العديد من الأفكار المناسبة التى تتفق مع نفس الظاهرة القابلة للملاحظة.
فعلى سبيل المثال، كان من الممكن تفسير حركة الكواكب العكسية على أساس سببية فلك التدوير البطلمية، ولكن تلك الصورة السببية، تم دحضها فى نهاية المطاف لنتحول إلى علم الفلك الشمسى. فالمطلوب هو طرح التفسير السببى الصحيح الذى يمكن التحقق منه، وقد نشأ المنهج العلمى («النموذج اللافرضى استنتاجى» بلغة فلسفة العلم) من أجل إيجاد تفسيرات سببية من خلال الاختبارات التجريبية.
فهل يمكن أن تكون نظرية تشى، علمية بهذا المعنى الصارم؟ يبدو الشك معقولا هنا، حيث لم يشاهد أحد تشى مباشرة. حتى إن خطوط طول (أو قنوات) تشى فى الجسم تظل الآلات الغربية غير قادرة على تحديدها، غير أن ممارسى الطب الصينى التقليدى أمضوا سنوات فى اتقان الخرائط التشريحية لخطوط الطول.
فهل يسير هؤلاء وراء وهم يستمد قوته من التقاليد. أم أننا مازلنا فقط بانتظار مرحلة الإعلان عن اكتشاف؟ ويبدو أن طاقة تشى مؤكدة، وقد يتم التسليم بحقيقتها قريبا. وعلى أى حال، فقد اقتنع العلماء بالجين (وحدة الوراثة) وافترضوا حقيقة، قبل فترة طويلة من أن يلاحظه أحد فعليا. وكان بوسون هيجز قد طرح الفرضية فى الستينيات، لكن لم يتم تأكيدها إلا فى 2013، فهل سيتم الاعتراف بطاقة تشى، باعتبارها الدعامة السببية لما يقال غالبا عن التشابه بين الوخز بالإبر والعلاج؟
•••
وفى القرن التاسع عشر، لم تكن ثورة داروين العلمية متوافقة مع المنهج التجريبى لنموذج اثباث خطأ الفرضية. وكان جاليليو يقوم بدحرجة الكرات إلى أسفل فوق الأسطح المستوية، ويبدى الملاحظات مباشرة لتقييم نظريته عن الجاذبية، ولكن لم تكن نظرية داروين فى الانتقاء الطبيعى قابلة للملاحظة. بدلا من ذلك، حظيت نظرية الانتقاء الطبيعى بقبول علمى متزايد، لأنها تفسر الكثير من الظواهر المتنوعة (مثل أنظمة التكيف، والمتناظرات التشريحية، وسجل الحفريات، وهلم جرا). وتتمتع نظرية تشى بجذور عميقة فى الصين يماثل ما تتمتع به الدارونية فى العلوم الغربية.
حيث تفترض الدارونية ثلاثة مكونات رئيسية فقط للتطور؛ الأبناء الذين يختلفون عن الوالدين والأشقاء، والأبناء الذين يشبهون آباءهم أكثر مما يشبهون غير الأقارب، وذرية زائدة للدرجة التى لا يمكنها البقاء على قيد الحياة فى بيئتها. ويمكن ملاحظة كل هذه الحقائق بسهولة، وعند وضعها معا يحدث تطور السكان المتكيف مع البيئة. ولا تفترض أى قوة ميتافيزيقية إضافية، مثل تشى.
ويبدو من المنطقى تماما الاعتقاد فى فاعلية الطب التقليدى الصينى، مع استمرار وجود شكوك حادة بشأن تشى. وبعبارة أخرى، فإنه من الممكن للناس لممارسة نوع من «الطب العرضي» - بمعنى أن الأعراض قد تزول حتى عندما يكون تشخيص أسبابها خطأ (وهذا ما يحدث كثيرا فى الطب الغربى، أيضا). ولا تعتبر الوخز بالإبر، ودم السلحفاة، والعديد من العلاجات المشابهة أمورا خرافية، ولكنها قد تكون من شذرات الحكمة العملية الشعبية. ولا تعتبر نظرية السببية المعدة لتفسير النجاحات العملية للعلاج ذات أهمية هائلة بالنسبة إلى المرضى العاديين.
•••
ويختتم الكاتب المقال بقوله، يمكن للمرء أن يتشكك فى كل من تشى وأى منهج علمى مقدس، لكنه يظل محبا للحقيقة الواقعية القابلة للخطأ. كما أن معظمنا من المقامرين بشأن العلاجات الصحية. ونقوم بتجربة كل ما فى وسعنا من الخيارات؛ بعض الوخز بالإبر وقليل من الإيبوبروفين وقليل من دم السلحفاة. كل ما عليك أن تطرح ما يكفى من أوراق اللعب (أو العلاجات)، وأخيرا قد يصادفك بعض الأشياء الغريبة. فهل ذلك خرافة أو حكمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.