شكرى أبو عميرة من الأسماء التى أصبحت مثار جدل فى التليفزيون المصرى، فهو يمثل الصندوق الأسود لماسبيرو فى فترة حكم الإخوان لمصر، البعض يقول إنه كان أحد الأذرع التى استخدمها الوزير السابق صلاح عبدالمقصود فى أخونة التليفزيون المصرى، والبعض الآخر يراه رجل كل العصور، وأنه استطاع التعايش مع نظام مبارك، ثم تحول إلى خدمة الإخوان بعد صعودهم للسلطة. عاد مرة أخرى ليعلن انحيازه للجيش بعد ثورة 30 يونيو، وفى حديثه مع «الشروق» يفتح أبوعميرة صندوق أسراره، ويحكى عن رحلة صعوده إلى قمة مبنى ماسبيرو فى ظرف مرتبك، وغير واضح المعالم. ويبدأ أبوعميرة حديثه عما تردد حول تصعيده لمنصب رئيس الاتحاد فى صفقة مع وزير الاعلام السابق، وقال إن توليه رئاسة الاتحاد كان فى فترة حرجة، وكانت الأحاديث كلها تدور على أننى لن أكون رئيسا للتليفزيون، والبعض قال إننى ممنوع من المناصب القيادية بسبب وجود تجاوزات إدارية، ولكن صدر لى قرار تكليف فى 2 مايو 2013، وذلك بعد أن استشار الوزير السابق الجهات الرقابية والتى قالت فى ردها بالموافقة وأنه لا مانع من تولى المنصب. و رغم موافقة الرقابة الادارية، لم يصدر الوزير قرارا بتعيينى، واكتفى بالتكليف الصادر لى بتسيير الاعمال، وهو ما يؤكد أن عبدالمقصود لم يكن يريدنى فى المنصب، وكان هناك نيه لتعيين آخر قال البعض إنه المهندس عمر الخفيف، وقال آخرون انه مستشار الرئيس السابق أحمد عبدالعزيز. وأكد ابوعميرة أن أهم شىء كان يشغله فى تلك الفترة هى مصالح العاملين فى ماسبيرو، والحفاظ على حقوقهم، مشيرا لموقفه من مجلس الشورى، وتصديه لمطالب اعضاء المجلس، والذين قالوا: «نحن نواب الشعب، ونريد أن يجلس العاملون فى منازلهم مقابل حصولهم على رواتبهم كاملة»، وقال إن رده عليهم كان: «نحن الشعب الذى اختاركم، ونحن نرفض هذا الكلام»، ثم أنسحب من الجلسة. • ما هى أوجه التدخل من جانب وزير الاعلام للتأثير على توجهات إعلام الدولة؟ - الضغوط كانت تتركز على نوعية الضيوف، وطبيعة الموضوعات المطروحة، وكنت أتلقى عشرات الاتصالات من مكتب الوزير لمناقشة ضيوف البرامج، ولكنى كنت دائما أؤكد على ضرورة التزام المهنية وعرض الرأى والرأى الآخر، وذلك حفاظ على شكل الشاشة، وأعتقد أننى نجحت بنسبة 80% على الأقل. • وكيف كنت تتعامل مع هذه الضغوط من جانب الوزير؟ - تلك الضغوط كانت تمارس لإخضاع ماسبيرو، ولكنى كنت أتصدى لها، والكل يشهد بأننى لم أقم بتحويل أى إعلامى واحد للتحقيق بسبب خلاف حول ما يذاع عبر القنوات او المحطات الإذاعية، وأذكر هنا أننى حفظت مذكرات كثيرة تطلب بتحويل مذيعين ومعدين للتحقيق، ومنها مذكرة ضد مذيع الفضائية المصرية محمد الجندى عقب حواره مع د. عبدالمنعم ابوالفتوح، وللأمانة لم أكن أدخل فى صدام مباشر، ولكنى كنت احل الامور بشىء من الدبلوماسية. • ولكن يتهمك البعض بالمشاركة فى تنفيذ مشروع الاخونة، وأنك مارست ضغوطا على العاملين فى ماسبيرو للسير فى هذا المشروع .. فكيف ترد على هذا الاتهام؟ - ليس صحيحا أننى كنت اشارك فيما اسموه أخونة الشاشة، أو أننى كنت ذراعا لإدخال إعلامى ماسبيرو فى طاعة الاخوان، ويكفينى أن أقول بأنه فى ظل رئاستى للتليفزيون وبعدها اتحاد الإذاعة والتليفزيون لم يكن هناك ممنوعون من الظهور على إعلام ماسبيرو، وان التليفزيون استضاف اشد المعارضين فى ذاك الوقت، وبمختلف توجهاتهم السياسية، ومنهم د.عبدالحليم قنديل، ود.عبدالمنعم أبوالفتوح، وجورج اسحق، ود.جمال زهران، وأحمد أبوعيطة، ومنير فخرى عبدالنور، د.محمد ابوالغار، وآخرون. وأذكر هنا أن د.أبوالفتوح طالب بأن يكون الحوار معه مسجلا، وبالتالى تم عرضه على رقابة التليفزيون وفق المتعارف عليه فى التعامل مع المواد المسجلة، وكان للرقابة بعض الملاحظات الواجب حذفها، ولكنى رفضت أى حذف، وشددت على إذاعة الحديث كاملا. • ولكن تم بالفعل نقل رئيس تحرير فى راديو مصر للتحقيق بسبب تغطية افتتاح الرئيس السابق لاحد المشروعات الجديدة؟ - هناك لبس فى مشكلة راديو مصر، وهى الخاصة بأن تلك الواقعة حدثت فى الفترة الانتقالية بين فترة الإذاعى اسماعيل الششتاوى رئيس الاتحاد الاسبق، وفترة صدور قرار تكليفى برئاسة الاتحاد، وعندما صدر لى القرار فى 2 مايو الماضى، كان الوزير قد قرر نقل الزميل شادى جمال رئيس تحرير المحطة، وحوله للتحقيق، وهذه التحقيقات لم أعلم عنها شيئا، وفى اجتماع لى مع راديو مصر قبل 30 /6 قلت لهم بالحرف إن شادى سيعود خلال ايام لمكانه لأننى كنت أعمل على هذا. • وكيف كانت تسير الامور مع وزير الاعلام السابق صلاح عبدالمقصود فى تلك الاجواء؟ - العلاقة بينى وبين الوزير السابق كانت تسير بنسبة 50%، وكنت اؤدى عملا جيدا على الشاشة، ولكن توترت العلاقة لأقصى درجة فى يوم 29 يونيو، وهو يوم مشهود، حيث أجهضت مخططا فى مجلس إدارة المنطقة الإعلامية الحرة، لإغلاق قنوات دريم وسى بى سى، وغادرت الاجتماع الذى كنت أمثل فيه اتحاد الإذاعة والتليفزيون إلى مكتبى مباشرة، وخرجت فى راديو مصر لأقول إن القنوات الخاصة لن تغلق، وبعدها اكتفى وزير الاستثمار بتوجيه إنذارات لتلك القنوات، وتعرضت للوم بسبب تصرفى وقيل لى: «أنت أحرجت وزير الاستثمار يحيى حامد بتصرفك ده». • هناك من يتهمك بانك رجل كل العصور وأن موقفك تحول 180 درجة بعد 30 يونيو .. فما هو دفاعك؟ - لم يكن تحولا فى موقفى كما يقول البعض، وأقول إننى أعلنت انحياز التليفزيون المصرى لإرادة الشعب فى يوم 1 يوليو وكان الوزير صلاح عبدالمقصود مازال فى مكتبه، وقلت إن التليفزيون المصرى يؤيد بيان القوات المسلحة، وبعد بيان الجيش الثانى كنت أقود مبنى ماسبيرو أنا وزملائى عقب رحيل عبدالمقصود، وكان هناك اتفاق من الجميع بتأييد مطالب الناس فى الشارع، وقمنا بالتنسيق مع الجهات الامنية، وتلقينا دعما كبيرا من إدارة الشئون المعنوية فى تغطية المليونيات التى نزلت للشارع. • هناك تساؤلات تحيط بعلاقتك بسيارات الإذاعة الخارجية التى تم احتجازها فى محيط رابعة العدوية؟ - سيارات الإذاعة الخارجية المسئول الأول عنها هو رئيس قطاع الهندسة، ويكفى ان أقول بأن رئيس الاتحاد قد لا يعلم بتحركات وحدات البث المباشر، ويمكن لرئيس الاخبار أو رئيس اى قناة أن يخاطب الهندسة ليحرك سيارة وفق مقتضيات العمل، وفوجئت بعدد السيارات التى تم تخصيصها لمظاهرات رابعة، بدأت الحكاية تتكشف فى يوم 3 يوليو، عندما اتصلت بإبراهيم الصياد لسحب وحدات الإذاعة الخارجية من رابعة والنهضة بعد أن استشعرت خطرا عليها، وفى الفجر اليوم التالى أخبرنى العاملون فى الهندسة أنهم استطاعوا سحب سيارة النهضة، ولكن فى رابعة استولى المتظاهرون على 4 سيارات، وتساءلت كيف تم الدفع بأربع سيارات ووحدة «أس أن جى» لتغطية المظاهرات؟، فقالوا لى إن تلك كانت اوامر المهندس عمرو الخفيف رئيس الهندسة؟، وعلى الفور أصدرت تعليمات بعمل محضر فى قسم شرطة مدينة نصر، وقمت بإخطار كل الجهات الامنية بما لدينا من معلومات عن هذه الواقعة. • وما هى الإجراءات التى اتخذتها حيال استخدام سيارات التليفزيون فى نقل المظاهرات على قنوات أخرى؟ - بالفعل خاطبت اليوتل سات والنور سات لكى نعرف من الذى طلب الترددات التى استخدمتها سيارات التليفزيون فى نقل المظاهرات من محيط رابعة، وكل هذه المخاطبات أمام النيابة الآن. • هناك من يحملك جزءا من المسئولية ويقول انه تم التضحية بعمرو الخفيف ككبش فداء؟ - ليس صحيحا أننى قدمت عمرو الخفيف كبش فداء، وهو المسئول الأول عن السيارات، وعندما سألتنى النيابة عن علمى بصدور تعليمات للهندسة بتحريك وحدات الإذاعة، أجبت بأننى لا أعلم، وقد يكون الخفيف قد تلقى تعليمات من صلاح عبدالمقصود بتحريكها دون علمى. • وما هى حقيقة ما تردد عن قيام مستشار رئيس الجمهورية السابق أحمد عبدالعزيز بإدارة المبنى فى الفترة الأخيرة؟ - أحمد عبدالعزيز حضر للمبنى فى 21 يونيو بهدف التنسيق لإطلاق برنامج بعنوان «ديوان المظالم» وجلس معظم الوقت فى مكتب رئيس القناة الأولى، ثم صعد لمكتب الوزير، وبعد ذلك طلب الذهاب لقطاع الاخبار، ولكن العاملين فى الاخبار رفضوا وجوده، وانتهى اليوم على ذلك، وعندما طلب منى الوزير السابق حضوره للمبنى فى يوم 28 رفضت واخبرته بان وجوده غير مرغوب فيه داخل المبنى، وذلك حرصا على سلامة العاملين، وبالفعل لم يحضر مرة اخرى للمبنى. • يتردد أنك كنت منسق ملف التعاون المصرى التركى، وأنك وافقت على شراء مسلسلات تركية لم تعرض على الشاشة بما يعد إهدارا للمال العام؟ - بداية يجب أن يعلم الجميع بأننا لم نشتر المسلسل التركى، وأن الاتفاقية كانت تبادلية، وكنا سنعرض المسلسل التركى مقابل عرض «ليالى الحلمية» على التليفزيون التركى، وبالفعل تسلمنا المسلسل وكان مقررا عرضه فى رمضان الماضى، ولكنى قررت وقف عرضه فى 30 يونيو بعد إعلان الحكومة التركية موقفها من الثورة المصرية، وبالمناسبة نحن لم نكن قد ارسلنا نسخ المسلسل المصرى بعد. أشير هنا إلى أننا عقدنا جلسة بعد قرار تجميد بروتوكول التعاون مع التليفزيون التركى لتقييم الموقف، ووجدنا أن علينا حوالى 7 آلاف دولار نظير التبادل البرامجى، وهو ما يشير اننا اخذنا أكثر مما حصل عليه الاتراك. وأحب أن أؤكد على موقف المبدعين المصريين، وتقديرهم لقرار منع عرض المسلسل التركى، وموافقة المنتج محمد العدل على عرض مسلسل «الداعية» دون أن تتحمل ميزانيات الاتحاد مليما واحدا، حيث تمت صفقة «الداعية» و«فرح ليلى» فى اطار التبادل القائم بين التليفزيون المصرى وقناة المحور، والذى حصلت على مواد مملوكة للتليفزيون مثل حديث الشيخ الشعراوى ومسلسلات من انتاج صوت القاهرة وقطاع الانتاج. • تردد أيضا انك كنت تعمل على الإطاحة برئيس شركة الاقمار الصناعية نايل سات.. فما ردك؟ - هناك خطاب رسمى صدر فى 7 يونيو يطالب فيه وزير الاعلام صلاح عبدالمقصود بتغيير مجلس ادارة النايل سات بالكامل، وكان الوزير يريد ان يضع المهندس عمر الخفيف على رأس النايل سات، وعلى الفور قابلت وزير الإعلام وأقنعته بأن هذا الخطاب ليس فى موعده، وأنه يجب الانتظار حتى يخرج الخفيف لسن المعاش، ثم قابلت المهندس صلاح حمزة، واخبرته بأن هذا القرار مؤجل، واستشعرت خطورة المخطط الذى يحيق بشركة الاقمار الصناعية، فأخبرت الجهات الامنية، والذين اكدوا خطورة تلك القرارات التى تسعى لأخونة النايل سات، وقامت بعد ذلك ثورة يونيو لتقضى على هذا المشروع. • وكيف ترى عودتك للعمل كرئيس للتليفزيون بعد أن كنت تشغل منصب رئيس الاتحاد؟ - أنا ابن التليفزيون، واعمل فى اى مكان لخدمة هذا المبنى العظيم، وكنت خلال الفترة الماضية اقوم بتسيير اعمال الاتحاد، وأعتقد أننى استطعت أن أعبر به هذه المرحلة الخطيرة والمهمة، وعندما جاءت د.درية شرف الدين لوزارة الإعلام قررت اسناد مهام رئاسة الاتحاد للزميل العزيز عصام الامير، فعدت إلى موقعى فى التليفزيون ولا أرى فى هذا شيئا غريبا.