مع بداية شهر رمضان تبدو الأجواء فى دمشق أكثر بهجة عما كان عليه الحال قبل عام، الأمر الذى قد يعكس إحساسا أكبر بالأمن مع المكاسب التى حققتها القوات الحكومية ضد مقاتلى المعارضة المسلحة. لم يتمكن الدمشقيون فى أول أيام رمضان من العثور على سلع أساسية مثل الزبادى، وتضاعف سعر اللحم، إذا وجد أصلا ، عما كان عليه قبل شهور قليلة، وارتفع سعر الخبز البلدى، وهو سلعة غذائية يومية إلى ثلاثة أمثال سعره قبل عام. وقال أيمن وهو مقاول عمره 42 عاما «إنها كارثة لكن الناس يتغلبون عليها على نحو ما.. البعض يتقاسم نفقات الأسرة.. البعض يقترض والبعض يكتفى بالعيش بالقليل الذى لديه ولا يشكو.. هكذا ندير أمورنا فى هذه الأيام». الحكومة بدأت فى معالجة أزمة الغذاء فأجازت الشهر الماضى قانونا يحظر نقل المواد الغذائية خارج البلاد. وكان بعض اللبنانيين وكثير من السوريين الذين يعيشون فى لبنان يتسوقون المواد الغذائية من دمشق ويأخذونها إلى لبنان حيث الأسعار أعلى قليلا. لكن الدمشقيين حريصون فيما يبدو على إضفاء أجواء احتفالية فى رمضان بالرغم من المشكلات المالية. وتبدو دمشق أكثر ثقة وراحة عما كانت عليه قبل أسابيع قليلة على الرغم من أن القوات الحكومية تخوض معارك ضد المعارضة المسلحة على مشارف دمشق ويمكن سماع دوى الانفجارات والقصف الجوى فى أرجاء المدينة. وقال أيمن معبرا عن شعور عام يسود هذه الأيام «لا أؤيد الحكومة لكن لنواجه الأمر.. إنها قوية وتكسب.. لن تذهب إلى أى مكان». ورغم صعوبة الحصول على أى إحصاءات عن أعمال الخطف وحالات الاختفاء العشوائى التى انتشرت فى دمشق طوال العام الماضى إلا أن الناس واثقون على ما يبدو من أن هذه الحوادث تراجعت بشكل ملحوظ. وفى ليلة أول أيام رمضان عجت الشوارع والمقاهى بالناس. واشتروا المستلزمات فى اللحظة الأخيرة وسارعوا إلى البيت لإعداد وجبة السحور. الضجيج كان عاليا على نحو غير مألوف وهو شيء لم تشهده شوارع دمشق منذ فترة. والعاصمة السورية منذ شهور تصبح هادئة مع غروب الشمس إذ يلوذ الناس بالبيوت خوفا من الخطف وإطلاق الرصاص او التعرض لتحرش ممن يحرسون حواجز التفتيش. لكن رمضان يكون عادة شهرا للنشاط الليلى خصوصا إذا جاء فى فصل الصيف. حيث يخرج الناس ليلا وبعد الإفطار والصلاة للتنزه وتناول السحور أو لزيارة الأهل مع أطفالهم. وبلغت هذه الأجواء الاحتفالية المصاحبة لرمضان ذروتها فى عام 2010 . وكانت حفلات السحور فى المنازل والمطاعم تمتد طوال الليل. وكان يصعب العثور على مائدة خالية فى مطعم فى الثانية صباحا بدون حجز. وكانت هذه الأجواء على النقيض من أجواء رمضان العام 2012 الذى جاء بعد اغتيال عاصف شوكت صهر الرئيس. ويتذكر كثيرون ذلك القتل كإعلان عن وصول الحرب الأهلية إلى العاصمة. وعلى الرغم من الأجواء الاحتفالية الجديدة فى دمشق إلا أن دوى القصف المدفعى والجوى استمر ليلا ونهارا. ومن المفارقات أن من بين الأصوات التقليدية فى رمضان صوت المدفع معلنا بداية الصوم وبداية الإفطار. وفى هذه الأيام قال دمشقى مازحا: «لا تفطر كلما سمعت صوت المدفع».