تعمل قلة قليلة من المسحيين العرب في إسرائيل على الترويج لتجنيد المسيحيين في الجيش الإسرائيلي، ما يثير غضب الغالبية الساحقة منهم المعارضين للتجنيد؛ ومن بينهم عدد كبير ممن يلعبون دورًا قياديًا في المجتمع العربي. وأثير موضوع تجنيد المسيحيين مجددًا قبل نحو أسبوعين، عندما اجتمع في بلدة يافا الناصرة نحو مائة من مشجعي الخدمة العسكرية ومعظمهم من المسيحيين المجندين في صفوف الجيش والشرطة الإسرائيلية، وبحضور المطران جبرائيل نداف من طائفة الروم الأرثوذكس، وعدد من رجال الأمن.
وقال الناطق باسم طائفة الروم الأرثوذكس في القدس الأب عيسى مصلح: "نحن نرفض تجنيد أبنائنا المسيحيين في جيش الاحتلال الإسرائيلي في الناصرة أو يافا الناصرة أو أي مكان آخر في البلاد، وقد أعلناها في السابق". وأضاف "لا يحق لأي كاهن أو من يلبس الكهنوتية أن يقوم بتشويه سمعة الطائفة بأن يدلي براي سياسي يسئ للطائفة الأرثوذكسية العربية المسيحية، التي لعبت ولا تزال تلعب دورًا في النضال الفلسطيني، ولها مواقفها الوطنية التاريخية".
واكد "نحن بصدد اجتماع مجمع مقدس مع المطران نداف". ويعارض المجتمع العربي في إسرائيل بأغلبيته الساحقة من مسلمين ومسيحيين والأحزاب العربية في الكنيست التجنيد في الجيش الإسرائيلي أو الخدمة المدنية. وقال عراب، التجنيد بين المسيحيين ناجي عبيد من يافا الناصرة الذي رعى الاجتماع قبل أسبوعين "أنا أشجع التجنيد لأنني مواطن في دولة إسرائيل، وكل مواطن في دولته ملزم بخدمتها حتى يتساوى في الحقوق".
وأضاف "لي ابنان، واحد خدم في الجيش والآخر يخدم في البحرية الإسرائيلية، كما أدت ابنتي الخدمة المدنية وتعمل منسقة لتعبئة الشابات. نحن لنا وطن واحد مع الشعب الإسرائيلي وبتأدية الخدمة العسكرية والمدنية نحصل تدريجيًا على حقوقنا". وحصل ناجي عبيد على ترخيص من السلطات الاسرائيلية لتأسيس جمعية لتشجيع التعايش وتشجيع عمل النساء المسيحيات في مؤسسات الدولة وتشجيع الشباب المسيحي للاندماج بأذرع الأمن الإسرائيلي ومختلف مجالات الحياة.
واعتبر المطران جبرائيل نداف، الذي حضر الاجتماعين، أن ذلك يندرج ضمن مشاركته في المناسبات الاجتماعية. وقال: "أنا أؤيد بأن يفعل الإنسان ما يريد وما يشاء بغض النظر عن التجنيد". وتطالب الأحزاب الإسرائيلية في حكومة بنيامين نتنياهو بفرض الخدمة الإجبارية على العرب في إسرائيل حتى يتساووا في الحقوق المدنية.
لكن مدير مركز مساواة للأقلية العربية جعفر فرح، أكد "إن الإسرائيليين يحاولون تبرير التمييز وعدم المساواة وعدم إعطائنا حقوقنا بحجة عدم التجنيد"، مشيرًا إلى أن "الطائفة الدرزية التي فرض عليها التجنيد لا تحصل على حقوقها ويعاملون كعرب رغم الخدمة". وتساءل "لماذا في دالية الكرمل العربية الدرزية لا تزال بيوتهم بدون ترخيص وبدون كهرباء رغم أن أبناءها يخدمون في الجيش؟"
واعتبر أن "إثارة موضوع التجنيد ليس بالجديد، فالسلطات الإسرائيلية تحاول الترويج لتجنيد المسحيين بالذات، لخلق صراعات داخل الكنائس وبين الطوائف وبين أبناء الشعب الواحد، ولإشغال الناس عن الاحتلال وعن أوضاعهم الاقتصادية السيئة." وبدأت حملة الحديث عن تجنيد المسيحيين للجيش الإسرائيلي بشكل علني في العام الماضي، عندما جرى اجتماع في أحد فنادق مدينة نتسيرت عليت بحضور المطران جبرائيل نداف، ما أحدث ضجة كبيرة في أوساط الطوائف المسيحية، التي أصدرت قياداتها الروحية بيانات مناهضة للخدمة العسكرية.
وطالب أعضاء كنيست عرب ورؤساء مجالس الملة للروم الأرثوذكس من بطريركية الروم الأرثوذكس بخلع ثوب الكهنوتية عن المطران نداف للحفاظ على سمعة الطائفة العربية. وقال رئيس مجلس الطائفة الأرثوذكسية العربية في الناصرة الدكتور عزمي حكيم "واضح أن الجيش الإسرائيلي ليس بحاجة الى 50 او 60 مسيحيًا من الطائفة للتجنيد".
وأكد أن "القصد هو مخطط للتفرقة وزرع بذور الفتنة االطائفية"، موضحًا "إن في الاجتماعات الداخلية لهذه المجموعات، يزعمون بانهم يريدون التجنيد لحماية المسيحيين من المسلمين. نحن لا نشعر باننا مهددون من المسلمين!؟" وتابع "أنا كمسيحي عربي أشعر بأنني مهدد أنا وأبنائي من إسرائيل وإننا مستهدفون كعرب في هذه البلاد في وجودنا".
وأضاف "نحن فرضنا على المطران نداف الحرمان في السابق من العمل في مدينة الناصرة". وفرضت إسرائيل الخدمة العسكرية الإلزامية على الدروز العرب وعلى الشركس المسلمين في العام 1957، وتطوع بعض أبناء القبائل البدوية للعمل في الجيش الإسرائيلي، كما تطوع عدد قليل من المسيحيين والمسلمين في الجيش. ويتحدر العرب في إسرائيل من 160 ألف فلسطيني لم يغادروا أراضيهم بعد قيام دولة إسرائيل سنة 1948. واليوم، يبلغ عدد العرب في إسرائيل نحو 1.4 مليون نسمة، من بينهم نحو 160 ألف مسيحي.