"1000 قائد محلي" ترفع سن المتدربين ل45 عاما    رئيس الوزراء: مصر واحة الأمن والاستقرار في المنطقة    المفتي: الاستفادة من التطور العلمي في رصد الأهلَّة يحقق الدِّقة واليقين    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور للكتاب في نسخته السابعة | صور    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    زراعة القناة السويس تعقد لقاء تعريفيا للطلاب الجدد(صور)    السياحة والآثار تستضيف وفدا من وكلاء السفر التركية في رحلة تعريفية    مدبولي: عقيدة مصر الدائمة الدفاع عن مصالحها وليس لنا أطماع خارجية    وزير التعليم العالي يناقش فتح فرعا لجامعة أبردين البريطانية في مصر    بنك مصر وأمازون لخدمات الدفع الإلكتروني يعقدان شراكة استراتيجية مع مصر للطيران    محافظ الغربية يناقش الموقف التنفيذي لمشروعات صندوق التنمية الحضرية    قصف إسرائيل| خامنئي: مقتل نصر الله ليس حادثة صغيرة    حقوقيون خلال ندوة بالأمم المتحدة: استمرار العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان يقوض السلم والأمن الدوليين    محامي فتوح يكشف تقديم اللاعب لواجب العزاء لأسرة أحمد الشبكي    عاد من الاعتزال.. برشلونة يتعاقد مع تشيزني    بروتوكول تعاون بين الاتحادين المصري والتونسي لكرة اليد    عبد الواحد: فوز الزمالك بالسوبر المصري سيتحقق بشرط.. وجوميز رفض بعض الصفقات    محامي فتوح ل في الجول: أسرة المتوفي وعدته بالعفو عنه    قرار قضائي جديد ضد المتهمين في واقعة «سحر مؤمن زكريا»    200 مليون جنيه لحل أزمة زيزو.. وجوميز يرفض مصطفى أشرف    وزير المجالس النيابية: نجاح مجلس الشيوخ في تطوير أدواته أمر يستحق الإشادة    مزارع يقتل شقيقه بمساعدة نجليه لخلاف على الميراث    بالأسماء.. إصابة 11 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بتريلا في كفر الشيخ    ضبط أب ونجليه بتهمة قتل شقيقه في الشرقية.. ما القصة؟    محامي المتهمين واقعة مؤمن زكريا ل الشروق: النيابة تحقق مع نجل التُربي والمتهمين أكدوا بحدوث الواقعة    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة ونهى عن الفساد    جولة بحرية بقناة السويس للفِرق المشاركة بمهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يبدأ استقبال أعمال دورته التاسعة    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور للكتاب في نسخته السابعة    «تفتكروا مين دول؟» .. إسعاد يونس تشوّق الجمهور لضيوف أحدث حلقات «صاحبة السعادة»    وزير الثقافة يلتقي أعضاء نقابة الفنانين التشكيليين (صور)    فتح باب التقدم لجوائز الدولة للتفوق فى فروع الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    وما النصر إلا من عند الله.. الأوقاف تحدد خطة الجمعة المقبلة    تشغيل أكبر مستشفى لتقديم الرعاية الصحية للأطفال على مستوى الجمهورية بجامعة سوهاج    مركز السموم بطب بنها يستقبل 310 حالات تسمم خلال شهر    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    فرنسا تدين بشدة الغارات الإسرائيلية الجديدة في قطاع غزة    الرئيس الصينى لبوتين: مستعدون لمواصلة التعاون العملى الشامل مع روسيا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    رحيل لاعب جديد عن الأهلي بسبب مارسيل كولر    الكيلو ب185 جنيها.. منفذ "حياة كريمة" يوفر اللحوم بأسعار مخفضة بالمرج.. صور    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    الجيش الأردنى يحبط محاولة تسلل وتهريب كميات من المواد المخدرة قادمة من سوريا    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    وزير الداخلية يصدر قرارًا برد الجنسية المصرية ل24 شخصًا    "أبوالريش" تستضيف مؤتمرًا دوليًا لعلاج اضطرابات كهرباء قلب الأطفال    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    تنسيق 2024.. رابط نتيجة معادلة دبلوم التجارة بالمجلس الأعلى للجامعات    «الداخلية»: ضبط 16 متهمًا خلال حملات أمنية على حائزي المخدرات في 9 محافظات    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    إيران تدعو مجلس الأمن لاتخاذ خطوات فورية ضد تهديدات إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى النجار يستعرض يوميات الثورة السورية (3).. «ثورة أم حرب طائفية؟»
مؤكداً أن العلويين فاعلين في الانتفاضة.. والمؤسسة الدينية وقفت مع النظام..
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 06 - 2013

ظل النظام السورى على مدى عقود طويلة أحد أشد الأنظمة العربية استبدادا وقمعا لمواطنيه ومع اختلال معادلة الحكم الذى سيطرت عليه أقلية علوية رغم أن الخريطة السكانية فى سوريا متنوعة ما بين سنة، عرب وأكراد، وعلويين ومسيحيين ودروز ويزيديين وإسماعيليين بل ويهود أيضاً.

ومع مرور أكثر من عامين على اشتعال الثورة فى سوريا تنوعت مواقف كل من السابق ذكرهم بين إخوان ليس لهم وجود مؤثر وسط الأحداث الدامية والعمل المسلح على الأرض وبين سلفيين وجهاديين يثبتون وجودهم يوماً بعد يوم بمقاومتهم لنظام بشار الأسد وبين علويين خائفين مما قد يحدث بهم بعد الاسد وبين مسيحيين شاركوا فى الثورة لكنهم يشاركون العلويين أيضاً مخاوفهم.

ووسط كل هذا التنوع يأتى النظام الإيرانى مؤيدا لنظام بشار حليفها الأساسى فى المنطقة، ليعتبر أن ما يحدث فى سوريا مؤامرة خارجية تدار بأيد داخلية بالإضافة إلى تورط حزب الله الشيعى اللبنانى فى عمليات تطهير طائفى فى مدن القصير وبانياس باعتباره يشكل مع إيران وسوريا ما يسمى بحلف «الممانعة والمقاومة».

ولكن الحقيقة رغم كل هذه التوجهات المختلفة والمتصارعة هى أن المعركة الميدانية اذا استمرت هكذا قد تطول لسنوات ولن يستطيع أى طرف حسمها لصالحه وهذا سيجعل الثمن الذى يدفعه الشعب أكثر كلفة، لذلك فحل المشكلة السورية لا بد أن يكون سياسياً.

اصطدمت جماعة الاخوان المسلمين فى سوريا منذ مطلع سبعينيات القرن العشرين مع النظام البعثى وكانت مذبحة حماة 1982 ذروة الصدام بين الطرفين إذ شنت قوات سورية مدعومة بالمدفعية والمدرعات هجومًا عنيفًا على المدينة أوقع ما بين 30 و40 ألف قتيل، بينما نزح آلاف آخرون لينجوا بأرواحهم.

حاولت الجماعة لملمة جراحها من خلال تفاوض مع السلطة جرى على جولتين فى 1984 و1987، ثم بأشكال غير مباشرة فى 19961997. ومع بداية الألفية كان موقف الجماعة أكثر اعتدالاً من باقى أطراف المعارضة، ولم يبدأوا التشدد فى موقفهم إلا مع أجواء أزمة السلطة السورية بلبنان فى ابريل 2005، قبل أن يدخلوا فى «إعلان دمشق» (16 أكتوبر 2005) ثم يديروا الظهر للإعلان ويذهبوا فى 2006 للتحالف مع نائب الرئيس المنشق عبدالحليم خدام، وبعدها ليقوموا، بعد أن أوصلهم تحالفهم مع خدام إلى انفصالهم عن قوى المعارضة الوطنية، بإعلان تجميد معارضتهم للسلطة السورية فى يناير 2009.

ومع اندلاع الثورة وتأدلج الحراك السورى وتسلحه، لم يأخذ الفعل العسكرى المسلح المعارض فى تعبيراته الأقوى أشكالاً إخوانية، بل (سلفية جهادية) مع «جبهة النصرة» وسلفية مع «كتائب أحرار الشام»، وكان أضعفه ما ارتدى العباءة الإخوانية فى عدد من أفراد «لواء التوحيد» و«كتائب الفاروق».

هذه الصورة جعلت جماعة الإخوان المسلمين السورية تنظيماً خارجياً من حيث الواقع الفعلى فى فترة أزمة 20112013، وليس مستنداً إلى أرضية اجتماعية صلبة فى الداخل السورى، حاولت الجماعة القفز على هذا الواقع من خلال علاقاتها الإقليمية مع إسطنبول والدوحة. وكانت هيمنة الجماعة على المجلس الوطنى السورى والائتلاف الوطنى السورى، ترجمة لتلك الوقائع الاقليمية والدولية وليس تعبيراً عن وقائع تعطيها هذا الحجم على الأرض السورية.

ومنذ البدء، كان هناك حذر أمريكى من تلك الهيمنة الإخوانية ربما بسبب خصوصية الوضع السورى. حيث زار السفير الأمريكى روبرت فورد، قبل ثلاثة أيام من تشكيل المجلس الوطنى فى إسطنبول، مكتب المنسق العام ل«هيئة التنسيق» بدمشق، حسن عبدالعظيم، طالباً مشاركة الهيئة فى المحادثات التى كانت بدأت من «أجل تخفيف الطابع الإسلامى للكيان السياسى السورى الجديد المعارض»، وهو ما كانت قد سبقته محاولة فاشلة برعاية قطرية فى الدوحة فى بداية شهر سبتمبر لتشكيل كيان، سمى أيضاً الائتلاف، شارك فى تشكيل جنينه كل من «الهيئة» و«الاخوان» و«اعلان دمشق»، قبل أن يموت الجنين نتيجة رفض الأخيرين طلب الهيئة بتضمين النص «رفض التدخل العسكرى الخارجى» و«رفض العنف».

هذه المحاولة لتفادى أو تخفيف الهيمنة الإخوانية على «المجلس»، الناتجة عن عوامل تركية وقطرية، حاولها روبرت فورد من جديد عام 2012 مع تشكيل «الائتلاف» وفشلت. ملامح الفشل الإخوانى التى بدأت بالتزايد فى أجواء القاهرة وتونس بالتوازى مع واقع الاتفاق الأمريكى الروسى، الذى بدأت ملامحه فى «بيان جنيف» الصادر فى 30 يونيو 2012 وحاجة الولايات المتحدة إلى جسم تفاوضى سورى معارض رأت واشنطن بأن «المجلس» لا يستطيع إنتاجه، جعلها تفكر فى إنشاء الائتلاف.

وخلال ستة أشهر مضت من عمر الائتلاف، كان هناك عرقلة إخوانية للجهد الأمريكى، الذى كانت مبادرة الشيخ معاذ الخطيب بمثابة جس نبض وميزان حرارة لقياس استعداد الائتلاف للتسوية أكثر منها مبادرة موجهة للسلطة، وهذا ما أنشأ هوة أمريكية إخوانية كان يسدها سابقاً الجسر التركى القطرى، الأمر الذى على ما يبدو لم يعد قائماً أو فعالاً فى عام 2013، وينذر بانقلاب الطاولة فوق رأس الجماعة، التى فى ظل اصطدام تجربتها المصرية بالحائط وفى ظل تباعد الخليج، ما عدا قطر، عن الاخوان، فإن الأجواء أمامها لا توحى بإمكانية تكرار تجربة مرسى والغنوشى فى دمشق.

وفى نهاية أبريل 2013 قررت جماعة الاخوان فتح مكاتب لها فى كل محافظات سوريا، وقال المراقب العام لاخوان سوريا، رياض الشفقة، إنه «فى البداية رأينا إنه يجب أن نمنح الثورة وقتا ولم يكن هناك مجال آنذاك لفرض أيديولوجيات، أما الأن فتوجد العديد من المجموعات فى الداخل ونستشعر ضرورة أن نعيد تنظيم أنفسنا من جديد». مشيراً إلى أن جماعة الاخوان المسلمين فى مصر كانت تأمل هى الأخرى فى إعلاء نمط تفكير إسلامى أكثر اعتدالا فى وقت كانت تبرز فيه التيارات المتشددة والراديكالية.

وأوضح قائلا «إن السياق الاقليمى والتساؤلات المثارة حول مدى التزام أفرع الجماعة التى تمكنت من الوصول إلى سدة الحكم فى بعض الدول العربية نحو تطبيق الديمقراطية لا تساعد فى دعم قضيتنا داخل سوريا بل وعلى العكس فربما أثار فوز الإخوان فى كل من مصر وتونس مخاوف من نظرائهم فى سوريا.

ويعتبر البعض كتائب درع الثورة السورية التى ظهرت العام الماضى وتلقى دعما من إخوان سوريا محاولة من الجماعة لتمهيد الطريق أمام عودة رسمية على الصعيد السياسى ووصف المراقب العام لاخوان سوريا هذه الكتائب بأنها قامت على يد أناس يتبنون أجندة سياسية أقرب إلى أجندة الإخوان المسلمين وليس أعضاء من الجماعة ذاتها وقال انهم مجموعات لديها قيادتها الخاصة بها وقد أبدت موافقتها على تسليم السلاح بعد انتهاء الثورة فى سوريا.

إخوان سوريا وإخوان مصر
من العجيب أن موقف اخوان سوريا متعارض مع موقف النظام الاخوانى الحاكم فى مصر، حيث يرى اخوان سوريا أن الموقف المصرى الذى يقوده الاخوان يتسم بالمهادنة وسياسة اللافعل بالتوازى مع التقارب المرفوض مع النظام الايرانى المتورط فى قتل السوريين ومساندة نظام بشار ورفض اخوان سوريا المبادرة المصرية الأخيرة لحل الأزمة وأصدروا بيانا شديد اللهجة بتاريخ 7 مايو 2013 استنكر موقف النظام المصرى وأشاد بالموقف السعودى وجاء فيه: «إننا مع شكرنا وتقديرنا لدور الشقيقة مصر فى استقبال اللاجئين السوريين وحسن ضيافتهم، نؤكد أن مبادرة الرئاسة المصرية لم تكن بمشورة ولا بتنسيق مع المعارضة السورية، ولا مع أيّ فصيل من فصائلها، بما فيها جماعتنا».

وأضاف البيان أن تصريحات الرئيس محمد مرسى فى موسكو كانت «مؤلمة لأبناء شعبنا» مؤكداً أن «الدم السورى أغلى وأقدس من أن يكون مادة للمجاملات البروتوكولية والدبلوماسية». مستنكراً مواقف مرسى المتناقضة مع الموقف الاخوانى الظاهرى سواء فى موسكو او مع الرئيس الإيرانى احمدى نجاد فى القاهرة.

تنوع الخريطة السورية
ظل النظام السورى على مدى عقود طويلة أحد أشد الأنظمة العربية استبدادا وقمعا لمواطنيه ومع اختلال معادلة الحكم الذى سيطرت عليه أقلية علوية رغم أن الخريطة السكانية فى سوريا كالتالى طبقا لآخر الاحصاءات فى سوريا التى يقطنها نحو 20 مليون نسمة، فيها 70% من السّنة (العرب)، 8 إلى 9% من العلويين (العرب)، 8% من السنة (الأكراد)، 8% من المسيحيين (العرب الأرثوذكس فى الدرجة الأولى)، 2 إلى 3% من الدروز (العرب)، 1% من الشيعة (العرب وسواهم)، أقل من 1% من السنة (الشركس)، أقل من 1% من أقليات أخرى كاليزيدية والإسماعيلية، بالإضافة إلى عدة آلاف من اليهود.

العلويون
خلال بداية القرن العشرين كان أغلب المنتمين للطائفة العلوية فى أوضاع اقتصادية صعبة، نتيجة عدم اعتراف الدولة العثمانية بالطائفة وحقوقها وفى عام 1920 استحدث الانتداب الفرنسى على سوريا دولة جبل العلويين متحالفًا مع بعض العشائر العلويّة، غير أن الدولة واجهت مقاومة داخل الطائفة نفسها لعلّ أبرز وجوهها ثورة الشيخ صالح العلى وتمت عودة الدولة إلى سوريا بعد طول كفاح سياسى عام 1936 ورغم التحسن النسبى فى وضع الطائفة خلال عهد الجمهورية الأولى إلا أن التهميش والتفاوت الطبقى فى الساحل نفسه ظل واضحًا وعوضًا عن ذلك انخرطت أعداد كبيرة من شبان الطائفة فى الجيش السورى، وتمكنت من الوصول إلى مراتب قياديّة فى الجيش خلال فترة الخمسينات، وشاركت فى انقلاب البعث عام 1963، استقطب الأسد عددًا من العائلات والعشائر العلويّة لطرفه، ومكّنها من الأجهزة الأمنية والمخابراتيّة على وجه الخصوص، وحافظ على سياسة الانخراط فى الجيش، رغم ذلك لا يمكن نسب جميع الطائفة لشخصه، على سبيل المثال فإن «منظمة العمل الشيوعى» المعارضة للنظام منذ السبعينات، وتحوى رموز وشخصيات علويّة ذات شعبيّة فى أوساطها، تعرضت للتنكيل والتعذيب من قبل النظام.

وخلال الأحداث الحاليّة صدرت عدة بيانات موقعّة من شخصيات علويّة مثقفة تؤكد معارضة النظام وتدعو العلويين للانخراط فى صفوف الثورة، ففى حماة وخلال مظاهرات ساحة العاصى الحاشدة، شارك عديد من العلويين الوافدين من خارج المدينة بالتظاهر، وفى اللاذقية ذات الأكثرية العلويّة، قام شبان باقتحام مبنى الأمن العسكرى، وهناك مئات من الشباب العلويين فاعلين فى الانتفاضة.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه لدى أغلبية الطائفة مخاوف من عودة التهميش الذى كان ممارسًا عليها أواسط القرن العشرين، ومن عمليات انتقاميّة جماعيّة فى حال سقوط النظام خاصة مع وفرة أركان النظام من الطائفة، وكانت عمليات نزوح من الأحياء ذات الأكثرية العلويّة من حمص نحو الساحل ودمشق قد بدأت فعلاً، فضلاً عن مخاوف من وصول قوى «متطرفة سنيّة» إلى الحكم؛ ورغم أن المجلس الوطنى السورى دعا العلويين لمد اليد نحو «بناء دولة المواطنة والقانون»، لذا يرى البعض أن صمت العلويين الحالى لايعنى تأييد النظام بقدر ما هو الخوف من القادم.

المسيحيون
أما المسيحيون السوريون فقد شاركوا فى التظاهرات فى مختلف المناطق السوريّة وقالت الأم آغنس موفدة المركز الكاثوليكى للإعلام أن 164 مسيحيًا قتلوا فى حمص وحدها بين سبتمبر ونوفمبر2011 على يد «عصابات مسلحة مجهولة الهويّة» بهدف إثارة فتنة طائفيّة،كثير من مسيحيى سوريا الذين شاعت تسميتهم تاريخيًا «سنّة المسيحية» شاركوا فى التظاهر غير أن توزيعهم الجغرافى وعدم تمركزهم فى رقعة معينة فضلاً عن انخراطهم فى المجتمع بشكل عام لم يساعدهم على بلورة موقفهم فى الاعلام.

لكن هناك جزءًا من الشارع المسيحى، متخوف بشكل حقيقى من السلطة المقبلة فى حال سقوط الأسد. كما تم تناقل تقاير عن «مصادر سورية أرثوذكسية» تتهم الجيش السورى الحر بتهجير المسيحيين، رغم نفى الجيش الحر لهذه الاتهامات.

أما المؤسسة الدينيّة الرسميّة المسيحيّة فقد نبذت الحراك متخوفة من مصير مشابه لمسيحيى العراق، ودعت لإعطاء فرصة للإصلاح، ورغم ذلك فإن بعض وجوه المؤسسة الدينية المسيحيةالرسميّة قد برز اسمها خلال الأحداث مثل الأب باسيليوس نصّار، فضلاً عن فتح الكنائس أمام المتظاهرين ومقاتلى الجيش الحر سيّما فى حمص؛كما برزت العديد من الأسماء المعارضة السوريّة فى صفوف المعارضة مثل جورج صبرا الناطق الرسمى باسم المجلس الوطنى السورى، وعدد من الناشطين الحقوقيين على الأرض مثل ميشيل الشمّاس وفايز سارة، وعدد من المعتقلين السياسيين أمثال يارا نصير وروجيه سركيس، وسواهم.

وبالمثل عبر الجيش السورى الحر من خلال قائده رياض الأسعد عن احترامه لجميع الطوائف واعتبر شعار «لا للطائفية» أحد شعاراته الثلاث.

المؤسسة الإسلامية الرسمية
أما المؤسسة الدينيّة الرسمية الإسلاميّة خاصة المفتى أحمد حسون وخطيب الجامع الأموى الشيخ العالم محمد البوطى (رحمه الله) وغيرهما وقفوا إلى جانب النظام، واعتبر البوطى أن البلاد تتعرض «لحرب إسرائيلية»؛ رغم ذلك فقد نشط على الأرض عدد من الشيوخ والأئمة منهم الشيخ كريم راجح فى دمشق وأحمد الصياصنة امام الجامع العمرى فى درعا؛ كما اشتهر من الشيوخ الداعمين للثورة عدنان العرعور، الذى توجه إليه اتهامات بإثارة الفتنة الطائفيّة نفاها هو عن نفسه.

إيران وحزب الله
منذ بداية الثورة السورية تبنت إيران موقفا مؤيدا لنظام بشار حليفها الأساسى فى المنطقة واعتبرت أن ما يحدث فى سوريا مؤامرة خارجية تدار بأيد داخلية تهدف لتفكيك حلف الممانعة والمقاومة الذى تمثله ايران وسوريا وحزب الله من وجهة نظرها وتورط حزب الله فى عمليات تطهير طائفى فى مدينة القصير وبانياس ولم يخجل حسن نصر الله من الاعتراف بأن حزب الله يقاتل مع نظام بشار وبلغت به الجرأة أنه وجه خطابا علنيا لجنوده يحفزهم على القتال ووعدهم به بالنصر فى سوريا.

وتربط إيران وسوريا علاقة تاريخية تطورت إثر الموقف التاريخى المساند لإيران إبان الحرب العراقية الإيرانية من قبل الرئيس الراحل حافظ الأسد، الذى وافق على إرسال أول شحنة سلاح بناء على طلب إيرانى من مطار دمشق بعد أن فرغت المخازن الإيرانية منه إثر حصار اقتصادى وتسليحى تم فرضه على إيران.

فضلاً عن تبادل تجارى كبير يتجاوز 240 مليون دولار وعلاقات اقتصادية نشطة منها استثمارات كثيرة فى الأراضى السورية بلغت حوالى مليار ونصف مليار دولار.. كان التناقض فى الموقف الايرانى من الثورات العربية لافتا للنظر اذ أيدت ايران الثورة المصرية والتونسية والليبية واعتبرت أنها امتداد للثورة الاسلامية فى ايران بينما رأت الثورة السورية مؤامرة وتحريض من الخارج فى نفس الوقت الذى أيدت فيه الاحتجاجات فى البحرين التى قام بها الشيعة فى البحرين ضد النظام السنى الحاكم بل ولوحت باحتمال التدخل العسكرى ردًّا على تدخل قوات درع الجزيرة فى البحرين، ورفضت فى نفس الوقت أى تدخل فى الشأن السورى واعتبرت ما يقوم به بشار من أعمال قمع هو شأن داخلى.

ومع استمرار النظام الايرانى فى الحديث عن شعارات ثورة الخومينى مثل مفهوم «المظلومية» و«الاستضعاف»، ووجوب نصرة كل المظلومين فى الأرض تسقط مصداقية هذه الشعارات التى يفضح زيفها الموقف الايرانى المؤيد لقتل الشعب السورى المستضعف. وثبت بالدليل وباعتراف الايرانيين أنفسهم عن تدريب إيران لمسئولى الأمن فى سورية على وسائل قمع الاحتجاجات وتورط الحرس الثورى فى هذا القمع منذ بدايته حتى أن الاتحاد الأوروبى أصدر قرارات بعقوبات ضد الحرس الثورى الايرانى ورئيسه بسبب هذه الانتهاكات.

هل يتغير الموقف الإيرانى؟
تضع ايران فى حساباتها الساحة الفلسطينية التى تمثل لها أحد أوراق الضغط والنفوذ فى المنطقة عبر دعمها المباشر لحركة حماس وبعض فصائل المقاومة الأخرى هذا الدعم الذى يمر فى أغلبه عبر دمشق وسقوط نظام بشار ومجىء نظام جديد قد يعنى قطع الطريق عليها وفقدها لهذه الورقة بالغة الأهمية لايران، سقوط نظام بشار قد يغير المعادلة القائمة فى العراق حيث سيتدفق عشرات الألاف من المقاتلين السنة الى العراق لتتغير معادلة وتوازن القوى فى المشهد العراقى فى اتجاه لا ترغبه ايران.

هذا السقوط المحتمل قد يعنى أيضاً اضعافا لحزب الله فى لبنان حيث سيقوى موقف القوى السياسية المناوئة له وقد يقطع عنه الجسر المستمر من دمشق والذى يحمل كل أنواع الدعم المالى واللوجستيى والعسكرى والفنى لحزب الله الشيعى حليف ايران وتابعها الأول بالمنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حدوث تغير فى معادلة القوة بالمنطقة قد يسبب تأثيرا سلبيا على المشروع النووى الايرانى حيث من الوارد أن تتغير الخطط الغربية والاسرائيلية لاجهاضه بشكل أكثر قوة. وكل ما مضى يؤكد أن إيران ستظل حريصة على الدعم المطلق للنظام السورى فى مواجهة الثوار، وأنها لا تستطيع أن تحذو حذو تركيا التى قامت بمراجعة سياسية لما يحدث، وانتقلت من التحفظ إلى دعم المحتجين السوريين ثم إلى مساندتهم بشكل كامل.

المقاتلون المصريون فى سوريا
كانت مفاجأة لى حين سألت عن عدد المصريين الذين يقاتلون فى سوريا بجوار الثوار فسمعت تقديرات مختلفة من قيادات سورية ميدانية، حيث بلغ متوسط عددهم ما لا يقل عن 2000 شاب مصرى يقاتلون مع الثوار السوريين، العدد الأكبر منهم يقاتل مع كتائب الجيش الحر المختلفة والبقية مع جبهة النصرة مع مجموعة أخرى وفدت من ليبيا وأفغانستان ومن عدة دول غربية.

وبتقصى الأمر داخل أوساط سلفية جهادية بمصر علمت أنه هناك ما يشبه لجنة تنسيق فى مصر تتولى عملية جذب المتطوعين من الشباب ومساعدتهم على السفر الى سوريا للقتال حيث يعتبرون ذلك واجبا شرعيا لا بد من القيام به.

ما بعد بشار
الخوف المتصاعد من سقوط نظام بشار وما سيعقبه هو خوف مشروع فى ظل هذه الحالة الميدانية المعقدة ولكن اجابة هذا السؤال لا بد أن تبدأ بالاتفاق على أن دور بشار الأسد قد انتهى تماما ولا يمكن بأى حال قبوله استمراره بعد قتله لعشرات الآلاف من المدنيين من أبناء شعبه.

لذا فالاجابة على السؤال يجب أن تبدأ من تحديد الأولويات للدولة السورية وهى من وجهة نظرى الحفاظ على وحدة سوريا والحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة وعدم تفكيكها والحفاظ على التنوع السكانى وحماية حقوق كل المواطنين ونزع فتيل التطهير الطائفى. المعركة الميدانية اذا استمرت هكذا قد تطول لسنوات ولن يستطيع أى طرف حسمها لصالحه وهذا سيجعل الثمن الذى يدفعه الشعب أكثر كلفة من كل ما مضى ، لذلك فحل المشكلة لا بد أن يكون سياسيا عبر اجبار الدول صاحبة التأثير على القضية على الجلوس معا. ويمثل مؤتمر جنيف الذى يتم تنظيمه خلال الاسابيع القادمة فرصة ذهبية لذلك ولالتقاط الأنفاس ومن الممكن أن ينتهى بنتائج ايجابية اذا توافرت الشروط والضمانات لنجاحه.

والرهان على دور مصر مهم خلال هذه الفترة ولا بد من مراجعة الموقف المصرى الرسمى واستغلال كافة أوراق الضغط لاجبار ايران وحلفائها على تسوية شاملة للقضية، ويجب أن يرتقى الموقف المصرى درجات ليس لأن مصر هى قلب الأمة العربية فقط بل لأن أمن مصر القومى مهدد بما يحدث فى سوريا وتداعيات استمرار الموقف بهذا الشكل الحالى.

مصطفى النجار يستعرض يوميات الثورة السلمية فى سوريا(1)

مصطفى النجار يستعرض يوميات الثورة السورية(2).. «عسكرة الثورة السورية»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.