«نفسى مصر ترجع زى زمان، عايزين بلدنا تتحرر من الإخوان، الناس اللى بيضربوا يمشوا، مينفعش نعمل كده فى مصر، لازم مرسى يمشى، مش عاوزين حد يضرب فى البلد، مش عايزين شهداء تموت، إحنا مش لاقين أكل، اللى ماسك البلد هو اللى بيعمل كده عشان مش حاسس بالشعب، الشعب هو اللى بيخيب البلد، لأن الناس وحشة مع بعض»، هذه عينة من إجابات لأطفال شاركوا فى الاحتجاجات والمظاهرات، طبقا لدراسة ميدانية. الدراسة أجريت على عينة من 100 طفل، بينهم 6 من الإناث، لرصد وتقييم أسباب مشاركة الأطفال فى هذه الأحداث، أعدها فريق من الباحثين والعاملين بمأوى دار السلام لإعادة تأهيل الأطفال الضحايا، خلال فبراير الماضى، تحت إشراف المجلس القومى للطفولة والأمومة، لوضع سياسات وبرامج لحماية ومنع استغلال الأطفال سياسيًّا ومعنويًّا فى إثارة العنف والشغب. وشملت الدراسة 58 طفلاً فى الفئة العمرية من 12-15 سنة، و35 طفلا فى الفئة العمرية من 16-18 سنة، و7 من قادة الشارع لهؤلاء الأطفال فى السن 20-25 سنة، وأوضحت الدراسة أن 49 طفلا منهم أنهم بلا مأوى، و31 عاملا بالشارع فى مهن مختلفة، كما يعيش 17 منهم مع أسرهم فى الشارع، و3 متسربين من التعليم، أو فى نزاع مع القانون.
وتشير الدراسة إلى أن جميعهم شارك أكثر من مرة فى أحداث الاحتجاجات منذ اندلاع الثورة، أما أكثر الأماكن التى تواجدوا فيها فقال 78 طفلاً إنهم يذهبون إلى التحرير، و33 طفلاً بأنهم يتواجدون فى محيط الاتحادية، و19 طفلاً يذهبون إلى شارع محمد محمود، و15 طفلا مشاركتهم تكون فى شارع قصر العينى.
وردا على سؤال مع مَن تنزل إلى الحدث، أجاب 75 طفلا أنهم يذهبون مع أصحابهم، أو مع المتظاهرين، أو مع أسرتهم وأقاربهم، وأجاب 25 طفلا بأنهم يذهبون بمفردهم إلى أماكن العنف.
لماذا تذهبون إلى أماكن الاشتباكات؟ قال عدد من الأطفال فى إجابات متنوعة حول رأيهم فى الاحتجاجات وأسباب مشاركتهم، ضمن عينة بالدراسة: «البلد بتخرب ده حرام، فيه ناس كتير واخدة فلوس عشان تخرب البلد، اللى بيحرق دول بلطجية، ولازم نأخذ حقنا من الشرطة، المصريون كلهم إخوات، مش عاوزين حاجة تحصل لمصر، خللى الشرطة متضربش الغاز لأن دورها تقبض على البلطجية، نفسى أتجوز وأشتغل، نفسى معاملة الشرطة تتحسن معانا.
وقال 36 طفلا إنهم يذهبون للعب، و33 طفلا للرقص والغناء والتسلية، و33 للانتقام من الشرطة، و31 طفلا ذهبوا مع أقرانهم وأصدقائهم، و20 ذهبوا للعمل، و19 للمبيت، و16 للحصول على المال، و6 أطفال ذهبوا لتحرير مصر، و6 آخرين ذهبوا للموت كشهداء والانتقام من الحكومة وضرب الشرطة، ولمشاهدة ما يحدث، ولحمل ومساعدة المصابين، وللقصاص ومن أجل دم الشهداء، ورغبة فى تغيير النظام، وأجاب طفل واحد أنه ذهب للسرقة. ولم يخف الكثير من الأطفال أن بين أسباب ذهابهم لميادين الأحداث، هو مشاهدة المشاهير وخاصة الممثلين.
ماذا تفعلون وأنتم فى وسط الأحداث؟ أوضح 66 طفلاً أنهم ذهبوا لترديد شعارات وطنية، و44 طفلاً لإلقاء الطوب على الشرطة، و26 طفلاً ذكروا أسبابًا أخرى كالتسول ومسح السيارات، والتسلية مع الأصدقاء، ولشرب المخدرات، وأفاد 3 أطفال ذهبوا للمشاركة فى حرق المنشآت والتخريب. وأضافت الدراسة أن 95 طفلا من أطفال العينة أكدوا أنهم لم يحصلوا على أى أموال من أحد نظير مشاركتهم فى الأحداث، وذكر 5 أطفال أنهم حصلوا على مكافآت ومبالغ مالية من آخرين مقابل ذهابهم، وأن هذه المبالغ تتراوح بين 100 إلى 400 جنيه أو وجبة طعام ساخنة. «إصابات» وبحسب الدراسة فإنه برغم إصابة 61 من العينة أثناء مشاركتهم فى الاحداث، سواء بسبب الغاز المسيل للدموع أوالضرب من قبل الشرطة، أو بخرطوش والرصاص الحى وغيره، لكن قال 62 طفلاً إنهم أحسوا بالانتماء أثناء مشاركتهم، بينما سيطر الخوف على 21 منهم، وشعر 18 طفلاً بالألفة فى المكان، فيما سيطرت مشاعر الانتقام من الشرطة والجيش على 11 منهم.
وقال نصف الأطفال إن من أسعفهم هم الناس فى الشارع، وقال 19 طفلاً إن الإسعاف هى التى ساعدتهم، بالإضافة للأصدقاء، أو ننقل زملاءنا إلى المستشفيات الميدانية.
وجاءت إجابات الأطفال حول أحلامهم: «نفسى يلاقوا لنا شغل علشان نعيش زى باقى الناس، مروحش المكان اللى فيه الضرب تانى، نفسنا فى وظيفة، ومكان نبات فيه».
وعن رأى معظم الفتيات جاءت الإجابات: «توفير مكان كويس نعيش فيه ويحافظ علينا وياريت نشتغل ومنقعدش فى البيت» نفسنا فى مكان نقعد فيه مطمئنين».
«توصيات» وأوصت الدراسة وزارات الشباب والرياضة والصحة والسكان والشئون الاجتماعية والثقافة والإعلام والداخلية، والمجتمع المدنى، بتوفير أماكن مفتوحة لتقديم خدمات صديقة للأطفال بأماكن تواجدهم، يقدم من خلالها العلاج والدعم القانونى والمشورة والتوعية بحقوق الطفل، وخدمات الترفيه والثقافة والإجابة عن مخاوف واستفسارات الأطفال المشوشة نتيجة عدم وعيهم، من خلال هذه الأماكن يتم مساعدة الأطفال على إعادة الإدماج وكذلك مساعدة الأسر المتواجدة بأطفالها. ووضع لافتات وإرشادات برسومات واضحة، توضح أماكن تقديم الخدمات الصحية والعلاجية، وأرقام خطوط المساعدة، وكذلك العقوبات المتعلقة بإلقاء الحجارة.