• يذكر قرار باراك أوباما المتسرع بزيارة إسرائيل بالقرار المتسرع بمنحه جائزة نوبل للسلام. يومها كانت التوقعات هى موضع الاهتمام مثلما هى الحال اليوم. وكعادته قام البيت الأبيض ب«تخفيض التوقعات»، وعلى ما يبدو فإن أوباما لن يحمل معه خطة سياسية جديدة، إذ لا يزال الوقت مبكرا للحديث عن وساطة بين إسرائيل والفلسطينيين. وأما إذا كان الهدف تبادل الأفكار بشأن إيران فلا ضرورة لهذه الزيارة. • وفى الواقع فإن الرئيس أوباما لا يتوقع الحصول على شىء من حكومة إسرائيل، لكن أنصار السلام فى إسرائيل ينتظرون من أوباما القيام بأشياء كثيرة، منها على سبيل المثال أن يفاجئ الجميع ويقدم رؤية عملية لا تقتصر على شعار «دولتين لشعبين»، وأن يقول بوضوح إن الولاياتالمتحدة مستعدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وأن يعرض خريطة الحدود بين إسرائيل والفلسطينيين، ويوضح ماذا ستكون عليه سياسة الولاياتالمتحدة فى حال واصلت إسرائيل البناء فى المناطق المحتلة، وأن يقترح تقديم مساعدة مباشرة إلى الحكومة الفلسطينية تزيل التهديد الإسرائيلى الدائم بوقف تحويل أموال الضرائب التى تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة الفلسطينية.
• إن هذا هو المطلوب من رئيس يعتبر أن النزاع الإسرائيلى الفلسطينى يشكل تهديدا لمكانة الولاياتالمتحدة المتراجعة فى الشرق الأوسط، إذ لا يمكنه الاكتفاء بالوقوف فى موقف المتسول والطلب من إسرائيل تقديم مبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين.
• ومهما تكن أهمية إطلاق سراح المعتقلين، ونقل مزيد من الأراضى إلى الفلسطينيين، فإنهما يشكلان إهانة لمفهوم «الحل السياسى». ونستطيع أن نتخيل الجدل الصاخب الذى سيدور فى الكنيست بشأن مسألة إطلاق المعتقلين، والخلاف الذى سيدور حول عددهم وهويتهم. كما أنه من المحتمل أن يؤدى نقاش بشأن نقل مناطق إلى السلطة الفلسطينية إلى تفجير الائتلاف الحكومى. هذا فى حال استجاب نتنياهو لتوسلات أوباما. وستستأثر «مبادرات» حسن النية، وليس الثمن الحقيقى الذى على إسرائيل أن تدفعه، بالنقاش العام. وعلى ما يبدو فإن هذا سيكون الحد الأقصى الذى سيحصل عليه أوباما من نتنياهو،
وإذا كان هذا هو ما يقصده ب«تخفيض التوقعات» من الزيارة، فالأفضل لباراك أوباما أن يتخلى عن زيارته لإسرائيل. إن مجيء أوباما إلى إسرائيل من دون أن يحمل معه خطة سياسة شىء، وإهانة أنصار السلام فى إسرائيل وفلسطين شىء آخر، لأن هذا من شانه أن يلحق ضررا استراتيجيا مباشرا بالجمهور الذى سيضطر أوباما إلى إقناعه بجدية نيات الولاياتالمتحدة.
• إن المواطنين الإسرائيليين ليسوا بحاجة إلى أوباما كى يخفض من توقعاتهم، فنتائج الانتخابات الإسرائيلية وتركيبة الحكومة الجديدة سبق أن فعلت ذلك. وطبعا فإن أوباما لا يتحمل مسئولية هذا.
• إن الجمهور الإسرائيلى لا ينتظر من أوباما أن يخفض توقعاته، لكن مع ذلك، فإن على أوباما أن يشرح بالتفصيل مواقفه، كى نفهم الفارق بينها وبين مواقف حكومة إسرائيل. وبهذه الطريقة نستطيع أن نستعد بصورة أفضل للأزمة المقبلة وللنيران التى ستشبّ وراء الخط الأخضر.