كل يغني على ليلاه، أو كل يري المصلحة من وجهة نظره، ففي الوقت الذي تشتعل فيه الأحداث في العاصمة والمحافظات؛ احتجاجا على حكم جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس محمد مرسي وحكومته، يري محمد أحمد محمد أو "كرومة"، (58 سنة)، الذي يعمل كمشرف نظافة في محطة مترو "الشهداء"، أن خطأ الرئيس مرسي هو أنه لم يعمل على إعادة أموال المصريين من العراق. ويقول "كرومة": "عمري 58 سنة عشت 8 سنة في العراق.. وكنت أعمل لحام ضغط عال في مصنع لصناعة الصواريخ العسكرية، وبعدما ازدادت الحروب في العراق تركتها بعد أن وضعت كل أموالي في حوالتين لمصر واحدة قيمتها 8 آلاف جنيه، والأخرى ب27 ألف جنيه، أتت الحوالة الصغيرة التي قيمتها 8 آلاف جنيه والأخرى لم تأت على الرغم من أن الاثنين موثقين على جواز السفر الخاص بي، وتلك الأموال هي حصيلة تعبي لسنوات في العراق، وإلى الآن لم أحصل عليها".
ويواصل، "حين عدت إلى مصر كنت أعمل كعامل لحام وحدثت مشكلة بيني وابن صاحب المحل الذي كنت أعمل فيه؛ حيث اكتشفت أنه لم يسجل اسمي في التأمينات، فتركت العمل، وقضيت سبعة أعوام عاطل، وعرض علي صديق أن أعمل في النظافة؛ لأني قد بعت كل ما لدى وبعض من أثاث بيتي، واضطرتني ظروف الحياة إلى العمل في النظافة، أمي حينها شعرت بشيء من العار حين بلغتها أنني سأعمل في النظافة، لكني قلت لها بالحرف "لو مكسوفة قوي أكلي الولاد دول".
ويتذكر أيام بدأ عمله كعامل نظافة ويتمنى أن يعود إلى العمل ك"عامل"، فضلا عن العمل ك"مشرف"، قائلا: "كنت أكسب أفضل وأنا عامل قبل أن أكون مشرفا، فالمشرف ممنوع أن يلبس ملابس العمال، وحين كنت عاملا كان الناس يعطفون علينا ببعض النقود أو الأطعمة والحلويات، كنت بكسب أكتر؛ لأن العامل لما بيجي يروح بيلاقي معاه 20 أو 30 جنيها خلاف مرتبه.. أما المشرف فلا يحصل سوى مرتبه، على الرغم من أنني كثيرا ما أقوم بمهام العمال".
وعن آرائه السياسة فيما يحدث في البلاد يقول: "مليش في السياسة ولا أتابع الأخبار، لكني لا أقبل بالفوضى، وانتخبت الرئيس محمد مرسي، وهو رجل محترم لكنه لم يأخذ فرصته كاملة إلى الآن، وخطأه الوحيد أنه لم يعد أموال المصريين في العراق إلى الآن، وهي تعد أموالا خاصة بالدولة المصرية، إضافة إلى أن الأسعار ترتفع منذ أن تولى الرئاسة، ونجد صعوبة في الحصول على السلع الغذائية والأشياء التي نريدها".
وانتقد عم محمد من يكتبون آراءهم السياسية على جدران محطات المترو، قائلا: "والأولاد الذين يكتبون على حوائط المترو أنا الذي أدفع ثمن إزالة هذه الكتابات من راتبي وإلا تخصم لي الشركة، واتخرب بيتي قبل ذلك بسبب تلك الكتابات؛ لأن الشركة لا تسلمني سوى الصابون، الذي أمسح به الأرضيات والمواد التي أزيل بها تلك الكتابة من على الحوائط اشتريها من راتبي؛ لأنه إذا حرر بها ناظر المحطة محضرا يخصم لي 35 جنيها من مرتبي، الذي بالكاد يكفيني أنا وأولادي الثمانية، إضافة إلى حرماني من المكافأة، وعلى الرغم من أن قيمة المكافأة 50 جنيها فقط شهريا إلا أنها تسد معي إلى نهاية الشهر".
"كرومة" الذي لا يعرف القراءة والكتابة ليستطيع تمييز ما يكتبه النشطاء على جدران محطات المترو أحيانا من الدعوة إلى المظاهرات، أو التعبير عن آرائهم السياسية، طالبهم بالابتعاد عن الكتابة على جدران المترو؛ لأن ذلك يؤذي العمال، وأن من يريد التعبير عن رأيه فليتظاهر أو يعلق لافتاته ويكتب آراءه خارج محطة المترو.
لافتا إلى، أن الناس أحيانا لا يقدرون دور عامل النظافة؛ حيث قال "الناس أحيانا تراني وتجري من أمامي كأني مريض بمرض معدي، أنا لم اختار تلك المهنة، الظروف هي التي دفعتني للعمل في هذه المهنة، على الرغم من أني كنت أعمل في صنعة أكسب منها كثيرا، لكن العمل مع شركات النظافة أكثر استقرارا، وعلى الرغم من أني أعمل في النظافة منذ 23 عاما إلا أن راتبي إلى الآن لا يتجاوز 1000 جنيه".