في الوقت الذي يخوض فيه "حزب الحرية والعدالة" الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين صراعها السياسي مع أحزاب المعارضة تارة على الدستور وأخرى على الجمعية التأسيسية، وغيرها من معارك رآها المواطن البسيط معارك لا تعنيه في ظل انشغاله بصراع آخر بتوفير احتياجاته الأساسية، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار والتي أرجعت الحكومة بعضها إلى جشع التجار، بينما رأى آخرون أن أسباب ارتفاع الأسعار سببه الرئيسي سياسة الحكومة والنظام الحاكم. قال صلاح عدلي سكرتير عام الحزب الشيوعي المصري: "إن غلاء الأسعار مرتبط بالسياسة الاقتصادية بشكل كبير، وحينما يكون لدى الحكومة سياسة اقتصادية تثبت الأسعار، أما حينما لا يهمها سعر صرف الجنيه فتؤثر بشكل طبيعي على ارتفاع الأسعار".
وأضاف عدلي: "ارتفاع الأسعار اتفاق خفي بين الحكومة الحالية وصندوق النقد لضمان الحصول على القرض"، متسائلا: "ما علاقة ارتفاع سعر الصرف بشركات المحمول وارتفاع أسعار كروت الشحن، فكل الأسعار ترتبط ببعضها".
وأضاف عدلي: "منذ ستة أشهر ارتفع معدل التضخم، وحينما لا تكون هناك سيطرة على الأسواق ولا محاصرة التجار يؤدي بالطبع لانفلات في الأسعار".
في الوقت نفسه، رأى عدلي أن: "الحكومة أيضًا لها عامل من عوامل ارتفاع الأسعار بسياساتها من زيادة للضرائب، فأنت إما بإزاء حكومة تنحاز للكادحين أو تحل الأزمة على حسابهم، والحكومات ما بعد الثورة تحل الأزمة على حساب من لا يجدون قوت يومهم".
في سياق متصل، قال الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الأسبق ورئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب المنحلإن: "ارتفاع الأسعار أصبح في الفترة الأخيرة حقيقة واضحة لا يستطيع أن ينكرها أحد وأثرت على المواطن البسيط".
وأضاف السعيد أن، "ارتفاع الأسعار يرجع لسببين، أولهما انخفاض قيمة الجنيه المصري بما لا يقل عن 12%؛ مما أدى لارتفاع كبير في الأسعار، ثانيًا قيام الحكومة برفع أسعار السلع موضوع الدعم وفي مقدمتها الكهرباء والمياه، إضافة إلى ذلك ما هو متوقع من وجود محاولات جشع ورغبة من بعض التجار في استغلال الموقف".
واستطرد السعيد أن: "عدم الاستقرار السياسي وما نعانيه من انفلات أمني من شانه التأثير على حركة الاستثمار والسياحة؛ مما ساهم في إضعاف قيمة الجنيه المصري، أيضًا ظاهرة التخزين تساهم في عملية ارتفاع الأسعار، إلا أنها ليست المحرك الأساسي".
بينما أرجع، د. حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات غلاء الأسعار إلى نقاط عدة أبرزها: ارتفاع سعر الدولار وبالتالي خفض قيمة الجنيه المصري، ولأن 60% من الغذاء مستورد فهذا شيء طبيعي أيضًا المنتج المحلي يحاكي الغذاء المستورد في ارتفاع أسعاره".
إضافة إلى، أن العرض للإنتاج المحلي قليل والطلب يزيد وتكاليف الإنتاج في ازدياد، وهناك سلع كالمازوت حينما ترتفع ترتفع تكلفتها على المصانع بالتالي ترفع المصانع أسعار منتجاتها؛ مما يؤدي لغلاء الأسعار، حسب عبد العظيم.
مضيفًا، "أن قرض النقد مرتبط ببرنامج لتخفيف عجز الموازنة من خلال زيادة الضرائب غير المباشرة فتتأثر الأسعار تأثيرًا سلبيًّا في سلع تموينية كالزيت والسكر ودقيق القمح بالنسبة للمستهلكين، حتى على الأسعار غير الأساسية كالمياه الغازية والسجائر فيتخذها التجار ذريعة لرفع أسعار حرفتهم".
ومن جهة أخرى، قال إبراهيم قنديل صاحب إحدى المحلات التجارية، معلقًا على زيادة الأسعار: إن زيادة الأسعار على السلع المستوردة نتيجة عدم وجود رصيد أجنبي من العملة الصعبة، فبالتالي تحريك الدولار يؤدي لغلاء هذه الأسعار، لكن لا بد أن يفرق التجار بين السلع التي دخلت مصر في شهر أكتوبر وديسمبر الماضيين والتي دخلت في شهر يناير، فالأولى لا بد من أن تخضع لغلاء الأسعار نتيجة شرائها أيًّا ما كان الجنيه مستقرًا.
لكن أصحاب الشركات الكبرى على علم مسبق بغلاء الأسعار، فاستوردوا كميات كبيرة من السلع وخزنوها وأعطوا مناديب الشركات إجازة، وقالوا لهم لا تخبروا الناس بغلاء الأسعار حتى لا يخزن أحد، ولا يخبرون إلا كبار عملائهم، ويحققون ما لا يقل عن 20 مليون جنيه كفارق للسعر.
واستغرب من ارتفاع أسعار السلع المحلية التي لا علاقة لها بالدولار، لكن عزا ذلك لجشع التجار.
وأكد أن احتكار السلع والاتحادات التي تم إنشائها مؤخرًا من قبل الشركات الكبرى كاتحاد منتجي الألبان، واتحاد السيراميك يفرضون سعرًا على السوق، ولا يستطيع أن يعارضهم أحد، فبالتالي ترتفع الأسعار.
وطالب تدخل الحكومة وإحكام رقابتها على الأسواق ومراقبة الغرف التجارية.