«الثورة لازم تبدأ بالشباب، بس مش الشباب النايتي اللي منشغل بأغاني الحب والسهوكة، هتبتدي من الشباب اللي عنده حماس رهيب جسمك يقشعر منه، شباب يبقى قادر على مواجهة الأمن ويقدر يقول "لأ" لعصيان الأمن المركزي، أكيد في ناس فهمت أنا بتكلم على مين». .. نداءات منذ عامين وجهها الشباب الداعين إلى مظاهرات 25 يناير، وعلى الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي حينها لم تكن بذلك الانتشار، ومن تزايد الدعوات المضادة لتلك النداءات، والمناداة بالاحتفال بعيد الشرطة، إلا أن الاحتفال أتى بشكل آخر، أطاح بجميع القيادات الشرطية حينها، وقضى على فساد الكثير منهم، خاصة بعدما نشرت صفحة خالد سعيد: «لو بذلتم نفس المجهود اللي بتبذلوه في التشجيع يوم 25 يناير هتساعدوا مصر أنها تتغير يالا نبقى كلنا يوم 25 أولتراس مصراوي»، وبعد أن لبى النداء الذين اختصوا به.
لم تعلن الصفحات الرسمية لمجموعات «الأولتراس» حينها المشاركة بشكل رسمي في المظاهرات، إلا أن بيان «أولتراس أهلاوي» الذي صدر يوم 23 يناير، أكد فيه الجروب أن كل فرد من أعضائه هو حر في اختياراته السياسية، ومشاركة أي عضو في أي جماعة سياسية هو أمر خاص».
وفي يوم 2 فبراير، بينما كان البلطجية يقتحمون ميدان التحرير بالجمال والأحصنة، ويشعلونه بزجاجات المولوتوف من فوق أسطح العمارات؛ لفض الميدان بالقوة، وقف شباب الأولتراس لحماية الميدان، في مشهد لن ينساه التاريخ حين كونوا بأجسادهم دروعًا بشرية لحماية المتظاهرين بأجسادهم. ومثلما كان الأولتراس منظمين في هتافاتهم وتشجعيهم وتنظيم دخولهم للمدرجات، كانوا منظمين في حماية المتظاهرين في الميدان، فمنهم من كون دروعًا بشرية لحماية الميدان، ومنهم من كان يكسر الحجارة لصناعة الطوب الذي يدافع به المتظاهرون عن أنفسهم، ومنهم من تولى نقل المصابين والجرحى الذي فاق عددهم في ذلك اليوم ألفي مصاب.
وشارك الأولتراس في أغلب الفاعليات السياسة التي تبعت موقعة الجمل، خاصة تلك التي توجه ضد الأجهزة الأمنية، فحين شب الصراع بين الثوار والمجلس العسكري الحاكم للبلاد حينها، شارك الأولتراس في أغلب التظاهرات ضد المجلس العسكري، خاصة بعد أحدات محمد محمود التي سقط فيها الشهيد محمد مصطفى، عضو مجموعة أولتراس أهلاوي، والشهيد شهاب الدين عضو مجموعة الوايت نايتس.
وفي مباراة النادي الأهلي أمام المقاولون العرب، التي سبقت المباراة التي حدثت فيها المذبحة، هتف أعضاء الأولتراس، ضد الشرطة العسكرية، وحكم العسكر، مطالبين بسقوط الحكم العسكري، وتهتز المدرجات بهتافات «يسقط يسقط حكم العسكر»، و«اكتب على حيطة الزنزانة قتل الثوار عار وخيانة»، «سامع أم شهيد بتنادي العسكر قتلوا ولادي»، و«في الجنة يا محمد»، في إشارة إلى محمد مصطفى عضو المجموعة الذي لقي مصرعه في أحداث محمد محمود.
وفي ذكرى موقعة الجمل الأولى، دُبرت المؤامرة، ونُفذت المذبحة في أبطال الموقعة الذين حموا الميدان «كما يقولون»، والتي راح ضحيتها 72 شهيدًا إضافة إلى مئات المصابين، في أكبر أحداث عنف شهدتها الملاعب المصرية على مر تاريخها، نقلت على الهواء مباشرة، وعلى مرأى ومسمع المئات من ضباط الشرطة وجنود الأمن المركزي الموجودين لتأمين المباراة دون أي تحرك.
وعلى مدار ما يقرب من العام، ظل أعضاء مجموعة الأولتراس يطالبون في كل وقت وكل مكان بالقصاص العادل لشهدائهم، متبعين في ذلك الوسائل السلمية في التعبير عن الرأي، في الوقت الذي لم يتوقفوا فيه عن التلويح بأنهم قد يلجؤون إلى وسائل غير سلمية إذا لم يتحقق القصاص، ويعود حق أصدقائهم الذين قتلوا أمام أعينهم غدرًا، من خلال بعض العبارات التي كُتبت على الجدران في الشوارع مثل «القصاص أو الفوضى»، إلى ما قامت به المجموعة بالأمس، من الاعتصام أمام مقر البورصة المصرية بوسط البلد، وقطع خط المترو عند محطة «سعد زغلول»، وأيضًا قطع كوبري أكتوبر، في انتظار الحكم في مجزرة بورسعيد، بعد غد السبت 26 يناير الجاري.