طرحت الحكومة، مشروع قانون جديد لإصدار الصكوك في مصر، يسعى لمعالجة مخاوف آثارها مشروع سابق سمح برهن الأصول الحكومية، ورفضه الأزهر وفجر جدلا، لكن خبراء يرون أن المشروع الجديد لا يخلو من مخاطر على ممتلكات الدولة. وبدا أن وزير المالية المرسي السيد حجازي، يسعى لتعزيز جاذبية الصكوك السيادية التي تحتاجها مصر لجذب استثمارات وسد عجز متفاقم في الموازنة، إذ قال هذا الأسبوع إن التقديرات تشير إلى أن الصكوك قد تدر على البلاد عشرة مليارات دولار.
ولتهدئة المخاوف، قالت الحكومة إنها لن تصدر صكوكا بضمان أصول عامة مثل قناة السويس، وأعلنت وزارة المالية الأسبوع الماضي، أنها ستعرض مشروع القانون الجديد على مجلس الشورى ثم تحيله إلى الأزهر لإبداء الرأي.
لكن خبراء تحدثوا لرويترز، يرون أن النسخة الجديدة لمشروع قانون الصكوك السيادية قد لا تعالج المخاوف التي أثارتها المسودة السابقة.
وقسم مشروع القانون الجديد الأصول الحكومية إلى صنفين، أصول مملوكة "ملكية عامة للدولة"، وأخرى مملوكة "ملكية خاصة للدولة".
وحظر المشروع الذي جاء في 29 مادة استخدام النوع الأول كضمانة لإصدارات الصكوك الحكومية، لكنه أجاز منح المستثمر حق الانتفاع بالنوع الثاني، وبالتالي يحق للمستثمر التصرف في هذا الأصل إن تخلفت الدولة عن سداد مستحقاته.
ويرى خبراء صعوبة في رسم حد فاصل بين هذين النوعين من الأصول.
وقال الفقيه الدستوري جابر نصار، إن النوع الأول يمثل "المال العام الذي يستعمله الجمهور مباشرة كالطرق والكباري والترع والمصارف... ولا يمكن التصرف فيه بيعا أو شراء أو الحجز عليه وفاء لدين ولا يمكن تملكه بالتقادم."
أما النوع الثاني، فيجوز التصرف فيه، ويشمل الأراضي الزراعية والمباني السكنية، وبعض شركات القطاع العام.
ويمنح مشروع القانون، مجلس الوزراء حق تحديد "الأصول المملوكة ملكية خاصة للدولة"، والتي يجوز إصدار صكوك بضمانها، ويكون قرار مجلس الوزراء بناء على تقرير من وزير المالية.
ولم يضع المشروع حدا أقصى لأجل إصدار الصكوك، وبالتالي يحق للهيئات الحكومية إصدار صكوك بآجال طويلة، وهو ما اعترض عليه الأزهر في النسخة السابقة من المسودة التي نصت على أحقية إصدار صكوك لأجل يصل إلى 60 عاما.
ورغم تشابه الصكوك مع السندات الحكومية، يفضل بعض المستثمرين الصكوك، لأنهم يرونها أبعد عن شبهة الربا، ولأنها تكون عادة مضمونة بأصل تابع للجهة المصدرة يحق للمستثمر الحجز عليه في حالة تعثر المقترض.
وقال أسامة مراد المحلل المالي لأسواق المال: "ما فهمناه أن الأصول التي تمتلك الدولة حصة فيها كالشركات المشتركة أو محطة كهرباء تدخل فيها الدولة بنسبة 20% مثلا هي أصول مملوكة ملكية خاصة للدولة (تتبع النوع الثاني)".
وأضاف: "الصياغة مرنة ويمكن تطبيقها على أصول استراتيجية... مثلا الشركة المصرية للاتصالات ومصر للطيران هي ملكية خاصة للدولة، ويمكن إصدار صكوك بضمانها."
وحذر مراد، من أن مرونة الصياغة تنطوي على مخاطر تمس الأصول الاستراتيجية. وقال: "إذا قامت الحكومة بإعادة هيكلة لقناة السويس تحت أي سبب مثل رفع كفاءة التشغيل، ستصبح ملكية خاصة للدولة."