فى محاولة من قبل البنوك لتجنب مشاكل التعثر التى هزت المراكز المالية للبنوك طوال حقبة التسعينيات من العام الماضى، رفعت البنوك الاحتياطيات والمخصصات بها لمواجهة الديون المشكوك فى تحصيلها والمترتبة على الارتباك السياسى خلال اول ربع من العام المالى الجديد يوليو /سبتمبر. فحسب بيانات البنك المركزى المصرى التى كشف عنها منذ ايام، فقد رفعت البنوك من الاحتياطى المخصص لتفادى مخاطر تتعلق بالتعثر ومواجهة الاستثمار فى الاوراق المالية المختلفة بنحو 3مليارات جنيه ليصل الى 27.8مليار جنيه فى سبتمبر بعد أن كان 24.9مليار جنيه فى يوليو. كما رفعت اجمالى المخصصات بنحو 700مليون جنيه فى شهر واحد ليصل فى نهاية اول ربع حكومى من ولاية محمد مرسى 53.612مليار جنيه فى سبتمبر مقابل 52.912مليار جنيه فى الشهر الذى سبقه.
من جانبه، قال الخبير المصرفى أحمد آدم ان زيادة احتياطيات البنوك والمخصصات بمثابة مخاوف من حالات تعثر مترتبة على الوضع السياسى المرتبك الحالى، مشيرا الى ان البنوك تلجأ الى تلك الادوات فى حالة التخوف من عدم قدرة العملاء على السداد، وتذبذب البورصة المستثمر بها مبالغ كبيرة من قبل البنوك.
يذكر ان الودائع لدى البنوك العاملة فى السوق المحلية قد ارتفعت خلال الربع الأول من العام المالى الجارى«اول ربع فى ولاية مرسى» بنسبة 2.32%، لتصل إلى 1050.507 مليار جنيه، مقابل 1026.686 مليار خلال الربع الأخير من العام المالى الماضى، تبعا لتقرير البنك المركزى
وقد تم خلال الفترة الحالية زيادة إيداع أموال المصريين فى البنوك لكونها الوسيلة الوحيدة لتحقيق أرباح على أموالهم. فى ظل عدم الاستقرار السياسى وعدم قدرة العديد من القطاعات الاقتصادية على تحقيق أرباح وتذبذب البورصة المصرية خلال الربع الأول، وهو ماجعل البنوك الملاذ الآمن لحفظ أموال المصريين. مما يتطلب من البنوك تكوين مخصصات واحتياطيات تتناسب مع تلك الاموال فى ظل عجز كامل عن التوظيف فى الاستثمار المباشر فى الوقت الحالى.
وتوقع عدد من خبراء البنوك تعرض القطاع المصرفى لموجة جديدة من التعثر، بسبب تداعيات المشهد السياسى الحالى وما يترتب عليه من تباطؤ الاقتصاد المصرى، وتراجع معدلات النمو والإيرادات السيادية للدولة.
وأشار آدم إلى احتمالات ظهور موجة جديدة من التعثر من خلال تأخر الشركات والمؤسسات فى دفع الاقساط التى تدفع مقابل المديونية فى الشهور القادمة خاصة فى القطاع السياحى، الذى ضرب فى مقتل طوال العامين الماضيين وسط انباء تشير الى الغاء كثير من الحجز الفندقى، سواء فى موسم رأس السنة او فصل الشتاء موسم الذروة السياحية. وقال آدم إن جميع القطاعات متعرضة بشكل او اخر للتعثر وان كان قطاع السياحية فى مرتبة متقدمة لكن القطاعات الأخرى الصناعية والتجارية ليست بمنأى عن التعثر المحتمل» الغذاء والدواء بحكم الاحتياج ربما يكون فى مرتبة ابعد الى حد ما» قال آدم.
كانت اخر موجة لتعثر تعرض لها الاقتصاد المصرى قبل ثورة يناير ترجع الى نهاية عام 2009 ابان ظهور الازمة المالية العالمية واستمرت لمدة عامين أشدها نهاية عام 2011، وقد ترتب عليها حدوث اهتزاز فى الموقف المالى لبعض فروع البنوك الأجنبية، وانسحاب بعضها مع تراجع نسبى فى اعمال البنوك بشكل عام وسط تحفظ كبير فى مجال الائتمان الرافد الاساسى للاستثمار.
وطالب الخبراء بنوك القطاع العام بضرورة عدم الاندفاع غير المحسوب باتجاه منح قروض جديدة للقطاع الخاص، ومراقبة وفحص محفظة قروضها الحالية، وتوخى الحذر عند منح القروض الجديدة، والاتجاه نحو تمويل المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية الجيدة والإقراض الحكومى طبقاً لقواعد منضبطة.
وقدر البنك المركزى المصرى إجمالى القروض غير المنتظمة «المتعثرة» إلى إجمالى قروض الجهاز المصرفى 10.7% بنهاية مارس 2012، مقابل 10.9% بنهاية ديسمبر 2011 من إجمالى القروض التى بلغت 492.2 مليار جنيه (52.7 مليار دولار).