انقسم عدد من الإعلاميين، والسياسيين، حول طبيعة الدور الذى يجب أن تضطلع به وسائل الإعلام، وفيما اتهمت شخصيات، سلفية، وإخوانية، هذه المنظومة برمتها، بالضلوع فى صناعة حالة من «الاستقطاب، وتقسيم البلاد»، رفض إعلاميون متخصصون، هذه التهمة، وقالوا فى الندوة التى نظمها النادى الإعلامى، التابع للمعهد الدانماركى المصرى للحوار، مساء أمس الأول: «نقل ما يجرى على الساحة، من أحداث وآراء متعارضة، بأمانة ومصداقية لا يعنى المشاركة فى صناعة الاستقطاب». وذهب مستشار الرئيس لشئون الإعلام المستقيل، أيمن الصياد إلى أن «عرض وسائل الإعلام لوجهات نظر متنوعة ومتعارضة لا تصنع بالضرورة استقطابا لدى الجمهور، مؤكدا أن «الحل الوحيد لمنع الاستقطاب هو الإتاحة الكاملة، وعدم المنع على الاطلاق لكل القنوات»، لافتا إلى أن الإعلام المصرى «سيواجه تحديات مهمة فى الأيام القادمة»، مطالبا «كل من يعرض رأيا ألا يعتبره حقيقة مطلقة» ضاربا المثل بقول الإمام الشافعى: «رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».
وأضاف: «جوهر المشكلة فى الاستقطاب، أن كل فرد يحدد القضية من وجهة نظر مسبقة، ووجود اسم المذيع المهنى شريف عامر ضمن قائمة المستهدفين من رجال الإعلام يكشف إلى أى مدى وصلت حالة الاستقطاب».
وتابع الصياد: «الاستقطاب ليس وليد الإعلام، فهو موجود قبل وجود المحطات الفضائية، وحينما كنت فى الجامعة فى السبعينيات، حاول أحد أصدقائى من الإخوان المسلمين، وقد كان عضوا فى الجماعة الإسلامية آنذاك، أن يهدم معرضا للكتب، وحينها حاولت منعه، كسر لى نظارتى الطبية، هذا استقطاب، فلو افترضنا أن الإعلام غير موجود حاليا فسيظل الاستقطاب كما هو».
ورأى المتحدث الرسمى، باسم حزب النور، السلفى نادر بكار أن الإعلام ضالع فى «تقسيم البلد وإيجاد حالة من الاستقطاب بنسبة 60%، وأن أغلب وسائل الإعلام تعمل بمنطق الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، بأن من ليس معنا فهو ضدنا»، منتقدا «الأفكار المسبقة السائدة بأن ترى بعض المحطات أن قرارات الرئيس دائما صحيحة أو أن ترى محطات أخرى أن جميع قراراته خاطئة»، متهما بعض الإعلاميين ب«التحيز ضد ضيوف بأعينهم ينتمون لتيارات إسلامية» وأضاف: «لابد أن نفرغ عقولنا من حالة التحفز، حتى نستطيع أن نتحاور معا على مساحة مشتركة، والحل فى تثبيت قواعد اللعبة سياسيا وإعلاميا كالشطرنج بقواعده المعروفة، ولابد من وجود معايير أساسية لتقييم الأداء الإعلامى وأن تكون معروفة من قبل الجمهور، يستطيع بموجبها قياس المصداقية فيما يقدم إليه من مواد وبرامج».
وقال مقدم البرامج بقناة الحياة، الإعلامى شريف عامر، إن الإعلام «ليس مسئولا عن الانقسام السياسى فى البلد، ولم يصنع الاستقطاب، فنحن فى ظرف سياسى يحمل بداخله الاستقطاب منذ الانتخابات الرئاسية، فلدينا رئيس فاز بنسبة 51%»، مشددا على أن «يترك الإعلامى انحيازاته المسبقة قبل أن يقف أمام الكاميرا»، وحينما تحدث بعض المشاركين فى الندوة عن دور الإعلام البديل، لفت عامر إلى أن 6% فقط من المصريين يستمدون معلوماتهم من الإعلام البديل.
وقال رئيس مجلس إدارة قنوات «أون. تى. فى» ألبرت شفيق، إن الإعلام «لا يستقطب أحدا على الإطلاق، كما أنه ليس من المفترض أن يقدم حلولا، فعملية نقل الحدث فى وسائل الإعلام لا تعنى استقطاب»، وأضاف: «كل قناة يكون لها تحيز بدرجة ما إلى رؤيتها لكن بما لا يخل بقيمة الموضوعية فى نقل الأخبار للناس، وعلى أن يتم تمثيل كل وجهات النظر وألا يتم اقصاء أو استبعاد أى فصيل».
وانتقد شفيق، الواقع السياسى الراهن، قائلا: «فى كل بلاد الدنيا، لا نجد مظاهرات للمؤيدين، هناك مظاهرات فقط للمعارضين، وعلى من يتهمون الإعلام بأنه مسئول عن الاستقطاب أن يتذكروا أن كثيرا من القنوات المتهمة كانت داعمة للرئيس محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية».
ورأى عضو حزب الوسط وليد مصطفى أن الإعلام مسئول عن الاستقطاب بنسبة 90٪، ودعا القنوات جميعها أن «تحرص على تقديم جميع وجهات النظر».
وقال مدير قناة مصر 25، الناطقة بلسان جماعة الإخوان المسلمين، أحمد أبوهيبة: «لابد أن تكون هناك حرفية فى إدارة الانحياز فى كل قناة، وغياب هذه الحرفية يصنع الاستقطاب، كما أننا بحاجة للتواصل المجتمعى لأن الاستقطاب موجود فى ثقافة المجتمع المصرى، أستطيع أن أضع جسرا لكن لا أستطيع إجبارك على العبور».
وذكر أبوهيبة أنه اجتمع مع عدد من النشطاء السياسيين البارزين فى وقت سابق، وطلب من كل واحد منهم أن يكتب عن مخاوفه، ففوجئ بأن أحد النشطاء الأقباط، عبر عن مخاوف هى نفسها التى عبر عنها ناشط إخوانى، إذ تخوف الاثنان من «تطور الأمور إلى الأسوأ، وأن يبطش كل فصيل يصل الحكم بمعارضيه ويضعهم فى السجن».
واتهم الصحفى بالأهرام أشرف عبدالشافى، والمذيعة بالتليفزيون المصرى هبة النحاس، الرئيس محمد مرسى ب«تكريس حالة الاستقطاب» من خلال خروجه على مؤيديه أمام قصر الاتحادية ومخاطبتهم دون غيرهم من أبناء الشعب المصرى، ودعا عبدالشافى، المسئولين عن إدارة قناة مصر 25، إلى «مراجعة السياسة الإعلامية لها التى تزيد من حالة الاحتقان فى البلد».