لو أن أحد خطباء صلاة الجمعة أعلن من فوق المنبر أنه يؤيد محمد البرادعى لأنه نصير الحريات والديمقراطية، ولو أن خطيبا آخر أعلن تأييده لحمدين صباحى لأنه نصير الفقراء والغلابة.. فكيف سيكون رد فعل المصلين المتعاطفين مع الإخوان المسلمين أو التيار السلفى؟!. انسوا هذا السؤال: وتخيلوا أن خطيب الجمعة سلفى وسخر خطبته للإشادة بالشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل ودفاعه الصلب عن تطبيق الشريعة الإسلامية، ثم اتهم هذا الخطيب الإخوان المسلمين بأنهم «مهادنون وأقل صلابة فى الدفاع عن الشريعة، ولا يشغلهم إلا الوصول للحكم حتى لو كان على حساب المبادئ والشعارات التى يرفعونها»؟!.
لو حدث ذلك فكيف سيكون رد فعل المصلين من الإخوان وبقية التيارات الإسلامية؟!.
يمكنكم أيضا أن تجعلوا هذا السؤال معكوسا وتتخيلوا خطيبا إخوانيا يهاجم كل التيارات بمن فيهم السلفيون ويتهمهم بأنهم لا يهتمون إلا بقشور الدين، وأنهم تعاونوا مع كل حاكم ظالم ولا يفقهون فى أمور السياسة شيئا؟!.
لو أننا تركنا الحرية لكل خطيب مسجد أن يحول خطبة الجمعة أو أى خطبة عقب أى صلاة إلى منبر يسخره لترويج أفكاره السياسية، فإننا سنحول هذه المساجد الطاهرة إلى ساحات للاشتباكات اللفظية وربما البدنية.
نموذج ذلك ما حدث فى مسجد الشربتلى بالتجمع الخامس عقب صلاة الجمعة أمس الأول حينما انحاز الإمام فى خطبته فى حضور رئيس الجمهورية إلى وجهة نظر الرئاسة والإخوان فى التطورات السياسية الراهنة قائلا إن الرسول عليه السلام كان يجمع السلطات كلها فى يده، ومن حق الرئيس أن يفعل ذلك، وان إقالة القضاة حق للرئيس.
مبدئيا علينا أن نشكر الرئيس محمد مرسى على تصرفه عقب الضجة التى سببتها كلمات الإمام، وتحفظه عليها، رغم الهتافات التى قيلت ضده. وعلينا أن نطالب وزارة الأوقاف بسرعة إعلان نتائج التحقيقات مع هذا الإمام.
والأهم أن تكون هناك رسالة قوية وواضحة من الحكومة ومن الرئيس ضد المبدأ نفسه.
قد يكون الإخوان والرئيس مستفيدين من تأييد جزء كبير من الدعاة والأئمة والخطباء لهم هذه الأيام، لكن عليهم أن يتذكروا أن هذا المبدأ قد ينقلب عليهم لاحقا.
عليهم أن يتذكروا ان أئمة حكومة الحزب الوطنى هاجموا الإخوان كثيرا فى العصر السابق وألصقوا بهم تهما كثيرة معظمها جائر.
وقبل هذا وبعده عليهم أن يتذكروا أن هناك قوى سلفية كثيرة فى المجتمع وبعضها سيطر فعلا على منابر مساجد متعددة، فماذا سيفعلون إذا حدث خلاف بين الطرفين؟.
فى هذه اللحظات قد يكون هناك تطابق وقتى فى المصالح بين الإخوان والسلفيين لأن خصمهم واحد، لكن غدا وبعد غدا، حينما تأتى الانتخابات النيابية قد يتنافس الطرفان وجها لوجه، وقد يدخلان فى معارك انتخابية، فهل سوف يستخدمان منابر المساجد للترويج لوجهة نظر كل منهم؟!.
نعلم أن التيار الدينى يرفض مقولة وفكرة «لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين»، لكن علينا أن نناشده أن يتمسك بما يشاء من أفكار شرط ألا يجعلها مادة خلافية فى المساجد.
على قادة الإخوان المسلمين والتيار السلفى ان يجيبونا على سؤال جوهرى: هل يقبلون بأن تتحول منابر صلاة الجمعة إلى مادة جدلية خلافية عن الأحداث السياسية المتغيرة ؟.
إذا كنت أنا أو غيرى لسنا إخوانا أو سلفيين فلماذا يتم إجبارنا فى بيت الله على سماع خطبة سياسة تساند الرئيس، والعكس صحيح، لماذا يتم إجبار الإخوانى أو السلفى على سماع خطبة لإمام لا يحب افكارهم؟!.