على الرغم من قدم الحديث عن مشروعات تنمية إقليم قناة السويس، وظهورها على السطح تارة، وتواريها فى مكاتب الوزراء والمسئولين تارة أخرى، فإن الحديث عن المشروع «المرتقب» اتخذ أبعادا أخرى، عقب ثورة 25 يناير، خاصة أن الإعلان عنه هذه المرة، ورد ضمن البرنامج الانتخابى «لرجل الإخوان المسلمين القوى» خيرت الشاطر، حينما تقدم للانتخابات الرئاسية السابقة.. المثير فى الأمر كذلك، هذا الربط بين دولة قطر، والمشروع المصرى الكبير، ما دعا البعض إلى التخوف من «سيطرة قطرية» على قناة السويس، خاصة بعد «المزاد» الذى تمثل فى الإعلان عن مبالغ «فلكية» خصصها الجانب القطرى للاستثمار فى المنطقة. قطر.. «نحمل الخير لمصر»
فى البداية.. تداولت وسائل الإعلام تصريحات من قبل مسئولين قطريين (حكوميين وغير حكوميين) عن رصد 10 مليارات دولار للمشروع، ارتفعت بعد قليل إلى 50 مليار دولار، ومرة ثالثة يرتفع المبلغ المعلن عنه ليصل إلى 200 مليار دولار، علما أن إجمالى مجمل الاستثمارات الأجنبية فى مصر لا يتجاوز 60 مليار دولار.
تاهت الحقيقة وسط هذه الأرقام الكثيرة، لتنطلق الأقاويل حول «اعتزام الحكومة المصرية خصخصة قناة السويس، أو إعطاء حق إدارتها لدول أجنبية، وبصفة خاصة قطر، مما أثر غضب وتخوفات شديدة فى الشارع المصرى.
«الشروق» ذهبت إلى قطر وحاورت أحد مسئوليها ،حول حقيقة المشروع، والأسباب وراء الاهتمام به، وطبيعة المفاوضات القائمة مع القاهرة، بصدده.
المسئولون القطريون بصفة عامة لا يفضلون الظهور وخاصة عبر وسائل الإعلام، إذ يفضلون الإعلان عن مشروعاتهم عقب إتمامها.. ولكن رغبة منهم فى توضيح الصورة، ودرء المخاوف التى سادت فى الأوساط المصرية.. قرروا الحديث لوضع النقاط فوق الحروف.
المسئول القطرى الذى التقيناه وشدد مرارا على عدم ذكر اسمه لم يكن المسئول الوحيد الذى أبدى تعجبا واستنكارا، مما يتردد فى الشارع المصرى، بشأن «رغبة قطر فى الاستيلاء على قناة السويس»، حتى أن جميع من التقتهم «الشروق» من مسئولين حكوميين وغيرهم، استنكروا تلك «الأقاويل».
منذ متى طرحت فكرة الاستثمار فى مشروع تنمية قناة السويس على قطر؟
الحكومة المصرية طرحت الفكرة على الحكومة القطرية عام 2008، وكان الامر حينئذ، يتعلق بالاستثمار فى البنية الأساسية الخاصة بال90 كيلومترا مربعا فى شرق التفريعة.. واهتممنا بالاستثمار فى هذا المشروع بعد الاطلاع على الدراسة التى قدمتها لنا وزارة الصناعة والتجارة، والتى كان اعدها أشهر بيت خبرة فى سنغافورة حينئذ ووجدنا فى ذلك فرصا واعدة فى الاستثمار فى هذه المنطقة.، وهذا التعاون المقترح فى الاستثمار حول قناة السويس، لا يرتبط بتولى الحكومة الجديدة الحكم فى مصر. الأهم من ذلك، إن قطر لم تكن البلد العربى الوحيد الذى عرضت عليه الحكومة المصرية الاستثمار فى هذا المشروع، بل أيضا تلقت الكويت والإمارات ذات العرض.
كان المقترح حينئذ يقضى بمساهمة كل من الدول العربية الثلاث ب25% من إجمالى تكلفة المشروع، مع الحكومة المصرية والتى كانت ستشارك هى الأخرى بنفس النسبة.
وكم بلغ حجم الاستثمار المقترح عليكم فى ذلك الوقت؟
10 مليارات دولار جميعها مخصصة للاستثمارات فى البنية الأساسية الخاصة بالمشروع على مدى 15 عاما، من جميع المساهمين بحصص متساوية.
وما هو المقابل المتفق عليه مع الحكومة السابقة؟
الاستفادة من الأرض بنظام حق الانتفاع لمدة طويلة لم تكن تحددت بعد، وعائد المشروع من تأجير وتشغيل الأراضى فى المشروعات الصناعية واللوجيستية.
وهل اختلف ذلك مع ما عرضته عليكم الحكومة الحالية؟
لم نتلق أى عرض حتى الآن من اى من حكومات ما بعد الثورة، فنحن لم نحصل على دراسة للمشروع فى صورته الجديدة.. وأبدينا استمرار رغبتنا وعزمنا فى الاستثمار فى هذا المشروع، أثناء زيارة رئيس الوزراء السابق عصام شرف، وعاودنا الإعراب عنها، للوزارة الحالية، وننتظر الحصول على اى دراسة جديدة بشأن المشروع. لأن اهتمامنا كله مبنى على الدراسة الأولى، ونحن نريد الاطلاع على مخطط محدد للحكومة المصرية، لتحديد مجالات اهتمامنا وحجم استثماراتنا المتوقع فى هذا المشروع.
ترددت أرقام كثيرة عن حجم الاستثمارات التى تعتزمون ضخها فى هذا المشروع تراوحت بين 50 و200 مليار دولار.. فهل حددت الحكومة القطرية مبلغا معينا؟
كل هذه الأرقام خاطئة فنحن لم نتطرق مع الحكومة المصرية حتى الآن إلى أى مبالغ يتم ضخها فى هذا المشروع.. كيف نحدد حجم استثماراتنا قبل أن نطلع على شكل المشروع الجديد؟ هذا غير معقول. آخر حديث لنا بشأن أى أموال لنا نعتزم ضخها فى المشروع، كان مع الحكومة القديمة وكان المبلغ المتفق عليه 2.5 مليار دولار، ولم يتم مناقشة أى مبالغ منذ ذلك الحين، والاهم من ذلك، أن هذه الارقام كبيرة جدا ومبالغ فيها.
هناك تخوفات فى الشارع المصرى من أن يكون اهتمامكم للاستثمار فى مشروع قناة السويس عائدا إلى أسباب غير اقتصادية؟
توجه قطر إلى الاستثمار فى مصر حاليا ليس له أى ارتباط سياسى، الهدف الوحيد من الاستثمار القطرى فى مصر هو إيجاد مجال يفيد البلد المستثمر فيها.. وتجدر الإشارة إلى ان مشروع تنمية قناة السويس معروض من الحكومة المصرية قبل وبعد الثورة، إذن فهو لا يرتبط بزمن أو بنظام معين. كما أن المشروع ليس خاصا بقطر فقط بل بمجموعة من المستثمرين الآخرين.
هل كانت زيارة خيرت الشاطر إلى قطر من شأنها التفاوض معكم من أجل مشروع قناة السويس؟
نحن لا نتفاوض إلا مع الحكومة المصرية أو مع من يمثلها فقط بشان استثمارات بهذا الحجم.
ترددت أنباء عن اشتراط قطر الحصول على حق إدارة قناة السويس مقابل تصدير الغاز إلى مصر؟ أى كلام أو حديث عن حق إدارة قناة السويس هو وهم وغير حقيقى بالمرة. كل ما تستهدفه قطر هو مساعدة مصر على الاستثمار فى هذا المشروع القومى، فنجاح المشروع كفيل أن يدر لنا الربح الذى نريده، ونحن لا نستهدف أكثر من ذلك. نحن ندرك أهمية قناة السويس لمصر، وعلى استعداد أن نخضع لجميع الضمانات التى تضعها الحكومة المصرية لطمأنة شعبها. فمهمة الحكومة أن تطمئن الشعب أن الاستثمارات متوافقة مع مصلحته ولا يمكن أن يلام مستثمر خارجى على رغبته فى الاستثمار فى مصر.
لا علاقة بين وصول الإخوان للحكم ومشروع تنمية القناة