بعد مرور نحو 7 أشهر علي خلو الكرسي البابوي برحيل البابا شنودة الثالث، بطريرك الكرازة المرقسية السابق، في مارس الماضي، نجح الأقباط في الوصول إلى مرحلة الانتخابات البابوية، وتخطي الصراعات بين المرشحين لقيادة الكنيسة، والأساقفة، والعلمانيين. وتوجه أمس نحو ألفي قبطي من الأساقفة والكهنة والعلمانيين، وأعضاء مجلس الشعب والوزاراء الحاليين والسابقين، ممن لهم حق الانتخاب، إلي صناديق الاقتراع لانتخاب بابا الأقباط الأرثوذكس رقم 118. واصطف الناخبون أمام صناديق الاقتراع داخل مقر الكاتدرائية بالعباسية، منذ صباح أمس، فى طوابير امتدت عدت أمتار، وتولي أعضائ كشافة الكتدرائية، نحو 300 عضو، تنظيم طوابير الناخبين وتعريفهم باللجان المخصصة لكل واحد منهم، حيث ضمت صناديق اقتراع خاصة بالأساقفة، وصناديق أخرى لأقباط المجهر، وصناديق للعلمانيين.
وأصدر القائم مقام البابا الأنبا باخوميوس أمس، قرارا بتشكيل لجنة طوارئ داخل الكاتدرائية لتلقى شكاوى الناخبين، وتم تشكيل هذه اللجنة من القضاة والمستشارين والأقباط العلمانيين الذين لهم حق التصويت، وذلك لحل كافة المشكلات التى تواجه الناخبين بسهولة، حتى لا تتم عرقلة العملية الانتخابية، وانتهاء الإنتخابات فى موعدها المحدد.
وكان من أبرز الناخبين الذين حضروا مع فتح باب التصويت، في التاسعة من صباح أمس، المرشحان على الكرسى البابوى الأنبا روفائيل، أسقف وسط البلد بالقاهرة، والأنبا تاوضروس، أسقف البحيرة، وعدد آخر من الأساقفة من بينهم الأنبا يؤنس، أسقف الخدمات والسكرتير السابق للبابا شنودة فى أول ظهور له بعد استبعاده من خوض الانتخابات، إضافة إلى الأنبا موسى، أسقف الشباب، والأنبا بسنتى، أسقف المعصرة، والأنبا دانيال، أسقف المعادى، والإنبا أبرام، أسقف الفيوم، والأنبا مكسيموس، الأسقف العام.
كما حضر عدد آخر من أساقفة المهجر من بينهم الأنبا أنطونى، أسقف اسكتلندا، والأنبا سريال أسقف استراليا.
بالإضافة إلي الناخبين العلمانيين وأبرزهم نجيب جبرائيل، ووزير السياحة السابق، منير فخرى عبد النور، ووزير البئية السابق، ماجد جورج، وعضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الكرامة، أمين اسكندر.
وتفقد الأنبا باخوميوس، والأنبا بولا، المتحدث الرسمى باسم الانتخابات البابوية اللجان الانتخابية وخيام استراحة الناخبين التى قامت فرق الكشافة بنصبها داخل مقر الكاتدرائية، حيث خصصت استراحة لكل من الأساقفة والعلمانيين، وتم وضع شاشات عرض داخل هذه الخيام، لبث سير العملية الانتخابية، ولقاءات مع الأساقفة والناخبين، من خلال قناة مارى مرقص، القناة الرسمية للمقر البابوى.
وتولي عملية فرز صناديق الانتخابات البابوية داخل مقر لجان الاقترع بالكاتدرائية- حسبما هو مقرر سلفاً – لجنة الإشراف على الانتخابات البابوية التى تضم جورجيت قلينى، ومنير عزمى، بالإضافة إلى لجنة الترشيحات التى يرأسها الأنبا بولا.
ولا يتبقي سوي محطة واحدة أمام البابا الجديد للجلوس على عرش الكاتدرائية، بعد الانتهاء من الفرز وإعلان النتائج أمس، وهي إجراء القرعة الهيكلية يوم الأحد القادم، والتي ستتم بين أكثر 3 مرشحين حصلوا على أصوات الناخبين فى انتخابات الأمس.
ومن جانبه نفى الأنبا يؤانس فى تصريح خاص ل "الشروق"، أمس ما تردد عن أنه يحشد أساقفة الصعيد حول مرشح بعينة فى الانتخابات البابوية، مؤكدا أنه "يقف على مسافة متساوية بين كافة المرشحين للكرسى البابوى"، وحذر الأصوات القبطية التى تطالب باستبعاده من المقر البابوى وإعادته إلى الدير مرة أخرى، وقال "محدش ليه دعوة أقعد فى الكاتدرائية أو أروح الدير هذا شأن كنسى".
وأضاف يؤانس "نصلى إلى الله من أجل اختيار الراعى الصالح الذى يقود الكنيسة الأرثوذكسية، لما فيه الخير للأقباط".
وعن استبعاده من خوض الانتخابات البابوية قال يؤانس إنه "يؤمن بمشيئة الله وسيخدم مع أى مرشح يجلس على الكرسى البابوى".
وقال المرشح على الكرسى البابوى، الأنبا تاوضروس "أصلى من أجل أن يرشدنا الله ببطريك يقود الكنيسة المصرية ويكمل مسيرة البابا شنودة والبابا كيرليس".
وعن محاولات حشد الناخبين للتصويت لمرشح بعينه قال "لا يصح على الأقباط فعل تلك الأفعال فالبطريرك يختاره الله ولا يأتى بالتربيطات والصفقات".
وفى سياق متصل أوضح الأنبا موسى، أسقف الشباب أنه فى حال فوز تلميذه الأنبا روفائيل أسقف وسط البلد، "سيجلس تحت قدميه وسيكون سعيدا لوصول أحد تلاميذه للكرسى البابوى"، واصفا العملية الإنتخابية ب"الممتازة والمنظمة والحيادية".
وطالب البابا القادم بتعديل لائحة 57 لتشمل الشباب والأساقفة غير المصريين، مؤكدا أن البابا شنودة الثالث رفض تعديلها خوفا من اتهامه بالانحياز لأحد الأساقفة.
وأشار موسى إلى أن وزارة الداخلية أشرفت على انتخابات الكنيسة بطلب من الكاتدرائية، وليس تدخلا منها فى شأن الكنيسة، رافضا الأصوات التى تطالب بوجود نائب للبطريرك حتى لا يحدث تعارض بينهما يضر بالكنيسة، مؤكدا أن البابا القادم لا يأخذ قراراته منفردا إلا بعد استشارة المجمع المقدس.
وأضاف موسى أنه "على البطريرك القادم أن يكون مهتما بالشأن الوطنى العام، ويشجع دائما على التواصل مع القوى السياسية والتيارات المختلفة، وأن يحرص على التوافق الوطنى من أجل صالح البلاد".
وأكد الأنبا موسي أنه "يرى بشائر طيبة من حزب الحرية والعدالة، من خلال دعوتهم لإقامة مؤتمر عام يضم كافة القوى الوطنية".
من جهته نفى الأنبا أنطونى، أسقف اسكتلندا ما تردد عن اتفاق أقباط المهجر حول ترشيح رهبان دون أساقفة، مؤكدا أن كل ناخبين من أقباط المهجر لهم مطلق الحرية فى اختبار ما يرونه مناسب وصالح للكرسى البابوى بالنسبة لهم.
وطالب الأنبا سريال، أسقف استراليا البابا القادم بالاهتمام بأقباط المهجر خاصة الجيل الثالث "الشباب"، وزيادة عدد أساقفة المهجر، بالإضافة إلى ضرورة تنظيم خدمة المهجر.
ومن جانبه قال الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة والعدوة وعضو المجمع المقدس، نطالب بأن يضمن الدستور المقبل المساواة بين كافة المواطنين فى الحقوق والواجبات دون النظر لعوامل الدين أو العقيدة أو الجنس.
وأضاف أن الأقباط يطالبون بضرورة أن يعطيهم الدستور المقبل الحق في الاحتكام لشرائعهم، فيما يتعلق الأحوال الشخصية، واختيار قادتهم وغير ذلك، فيما يخص أحوال الأقباط، كما طالب الدولة بسرعة اتخاذ خطوات جادة لإصدار قانون دور العبادة الموحدة.
من جهتها أكدت جورجيت قلينى، عضو لجنة الترشيحات، أن غرفة عمليات يقودها أعضاء لجنة الترشيحات، ولجنة الانتخابات، تتابع أي حدث طارئ، والعمل على حلها بسرعة.
وأضافت أن الانبا باخوميوس فضل أن تكون لجنة الترشيحات متواجدة ليكون عملها مكملا للجنة الانتخابات، وسوف يتم الإدلاء بالأصوات طوال اليوم حتى الخامسة مساء وبعدها تبدء عملية فرز الأصوات.
وأشارت إلى أنه ليس من المتوقع أن تواجه العملية الانتخابية أية مشاكل، خاصة وأنه تم تنظيمها بشكل جيد، موضحة "نريد أن نقدم انتخابات حضارية للجميع".
فيما قال الأنبا بنيامين، أسقف المنوفية إننا نحتاج الآن إلى الصلاة، وأن البابا القادم على كتفيه عبء الصلاة من أجل مصر كلها، موضحا أن "المرشحين الخمسة يتمنى كل واحد منهم أن يفوز الآخر، وهى روح طيبة تجمعهم جميعا".
وناشد الناخبين أن يدلى كل شخص منهم بما يمليه عليه ضميره ولا يدع أحد يتحكم فى صوته أو يجامل أحد على حساب الكنيس'
وقال الأب يؤانس دواود، أحد الأباء الكاثوليك الذى حضروا لمتابعة الانتخابات من ألمانيا بدعوة من الأنبا دميان أسقف المانيا إن "الفاتيكان مهتم بانتخابات البابا وبشخصيته، لأن البابا القادم عليه أن يتابع الحوار الذى بدأه البابا شنودة مع الكنائس الأخري"، وأضاف ساخرا "إذا كان الانبا بيشوى من ضمن المرشحين لا نعرف ماذا سيكون حالة الحوار بين الكنائس".
ومن ناحيته قال وزير السياحة السابق، منير فخرى عبد النور إن "مهمة البابا القادم أصعب بكثير من مهمة البابا شنودة لأنه سيتعامل مع دولة وحكومة ذات مرجعية إسلامية"، مطالبا البابا القادم بفتح حوار مع الشباب القبطى الذي أصبح ثائرا بعد ثورة 25 يناير.
وقال الأنبا بيشوى، سكرتير المجمع المقدس، في أول ظهور له بعد استبعاده من الانتخابات البابوية "ربنا يختار الصالح للكنيسة"، رافضا التعليق على أسباب استبعاده ومحاولات بعض الأساقفة الإطاحة به من المجمع المقدس، مغادرا الكاتدرائية عقب إدلائه بصوته.
وأشار نجيب جبرائيل، المحامى القبطى إلى أن "البابا القادم مطالب بأن يهتم بالدور الروحى أكثر من الدور السياسى للكنيسة، لأن الكنيسة فى تلك المرحلة تحتاج إلى روحانيات أعلى".
وقال عضو مجلس الشعب المنحل أمين إسكندر، إن أقباط مصر بعد الثورة أصبحوا يعانون من مشاكل كثيرة أهمها بناء وترميم بعض الكنائس، وعدم الوصول لبعض المناصب القيادية فى البلاد بعد صعود أنصار التيار الإسلامى بشكل واضح بعد الثورة، مطالبا بضرورة دمج الأقباط فى الحياة السياسية، بالإضافة إلى توليتهم بعض المناصب القيادية فى الدولة.
وأضاف اسكندر أنه يجب أن يكون هناك تعديل فى لائحة انتخاب البابا، لتتسع رقعة التصويت للأقباط، كما أنه يجب على البابا المقبل أن يتميز بالحكمة والمسئولية ويعمل من أجل رعية الكنيسة ومصالح الوطن.