"1000 قائد محلي" ترفع سن المتدربين ل45 عاما    رئيس الوزراء: مصر واحة الأمن والاستقرار في المنطقة    المفتي: الاستفادة من التطور العلمي في رصد الأهلَّة يحقق الدِّقة واليقين    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور للكتاب في نسخته السابعة | صور    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    زراعة القناة السويس تعقد لقاء تعريفيا للطلاب الجدد(صور)    السياحة والآثار تستضيف وفدا من وكلاء السفر التركية في رحلة تعريفية    مدبولي: عقيدة مصر الدائمة الدفاع عن مصالحها وليس لنا أطماع خارجية    وزير التعليم العالي يناقش فتح فرعا لجامعة أبردين البريطانية في مصر    بنك مصر وأمازون لخدمات الدفع الإلكتروني يعقدان شراكة استراتيجية مع مصر للطيران    محافظ الغربية يناقش الموقف التنفيذي لمشروعات صندوق التنمية الحضرية    قصف إسرائيل| خامنئي: مقتل نصر الله ليس حادثة صغيرة    حقوقيون خلال ندوة بالأمم المتحدة: استمرار العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان يقوض السلم والأمن الدوليين    محامي فتوح يكشف تقديم اللاعب لواجب العزاء لأسرة أحمد الشبكي    عاد من الاعتزال.. برشلونة يتعاقد مع تشيزني    بروتوكول تعاون بين الاتحادين المصري والتونسي لكرة اليد    عبد الواحد: فوز الزمالك بالسوبر المصري سيتحقق بشرط.. وجوميز رفض بعض الصفقات    محامي فتوح ل في الجول: أسرة المتوفي وعدته بالعفو عنه    قرار قضائي جديد ضد المتهمين في واقعة «سحر مؤمن زكريا»    200 مليون جنيه لحل أزمة زيزو.. وجوميز يرفض مصطفى أشرف    وزير المجالس النيابية: نجاح مجلس الشيوخ في تطوير أدواته أمر يستحق الإشادة    مزارع يقتل شقيقه بمساعدة نجليه لخلاف على الميراث    بالأسماء.. إصابة 11 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بتريلا في كفر الشيخ    ضبط أب ونجليه بتهمة قتل شقيقه في الشرقية.. ما القصة؟    محامي المتهمين واقعة مؤمن زكريا ل الشروق: النيابة تحقق مع نجل التُربي والمتهمين أكدوا بحدوث الواقعة    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة ونهى عن الفساد    جولة بحرية بقناة السويس للفِرق المشاركة بمهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يبدأ استقبال أعمال دورته التاسعة    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور للكتاب في نسخته السابعة    «تفتكروا مين دول؟» .. إسعاد يونس تشوّق الجمهور لضيوف أحدث حلقات «صاحبة السعادة»    وزير الثقافة يلتقي أعضاء نقابة الفنانين التشكيليين (صور)    فتح باب التقدم لجوائز الدولة للتفوق فى فروع الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    وما النصر إلا من عند الله.. الأوقاف تحدد خطة الجمعة المقبلة    تشغيل أكبر مستشفى لتقديم الرعاية الصحية للأطفال على مستوى الجمهورية بجامعة سوهاج    مركز السموم بطب بنها يستقبل 310 حالات تسمم خلال شهر    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    فرنسا تدين بشدة الغارات الإسرائيلية الجديدة في قطاع غزة    الرئيس الصينى لبوتين: مستعدون لمواصلة التعاون العملى الشامل مع روسيا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    رحيل لاعب جديد عن الأهلي بسبب مارسيل كولر    الكيلو ب185 جنيها.. منفذ "حياة كريمة" يوفر اللحوم بأسعار مخفضة بالمرج.. صور    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    الجيش الأردنى يحبط محاولة تسلل وتهريب كميات من المواد المخدرة قادمة من سوريا    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    وزير الداخلية يصدر قرارًا برد الجنسية المصرية ل24 شخصًا    "أبوالريش" تستضيف مؤتمرًا دوليًا لعلاج اضطرابات كهرباء قلب الأطفال    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    تنسيق 2024.. رابط نتيجة معادلة دبلوم التجارة بالمجلس الأعلى للجامعات    «الداخلية»: ضبط 16 متهمًا خلال حملات أمنية على حائزي المخدرات في 9 محافظات    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    إيران تدعو مجلس الأمن لاتخاذ خطوات فورية ضد تهديدات إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قياس أداء الرئيس
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 10 - 2012

تجرى دولا عديدة استطلاعات للرأى العام فى محاولة لقياس أداء رؤساء الدول وحول أداء الحكومات والثقة فيها. وأحد المجالات التى اجتذبت الاهتمام العام وأصبحت سلعة رائجة فى صناعة قياس الرأى العام فى الولايات المتحدة الأمريكية هى قياس أداء الرئيس من وجهة نظر المواطن الأمريكى (Job performance rating for president). ويعتمد هذا القياس على توجيه سؤال إلى عينة ممثلة من المواطنين حول ما إذا كانوا موافقين أو غير موافقين على أداء الرئيس الأمريكى. وتأتى النتائج فى شكل نسب مئوية تعكس الشرائح الثلاثة: موافق غير موافق لا أعلم.

وقد بدأت عملية القياس الدورى لأداء الرئيس الأمريكى فى عام 1945 فى فترة رئاسة ترومان، والرئيس ترومان معروف عنه عدم اقتناعه باستطلاعات الرأى العام بصفة عامة. وربما يرجع ذلك إلى أن استطلاعات الرأى العام التى أجريت فى الولايات المتحدة قبيل الانتخابات الرئاسية توقعت فوز منافسه «ديوى» وجاءت نتائج الانتخابات مخالفة لتوقعات مراكز استطلاعات الرأى العام. ولعلى قصدت أن أشير إلى هذه المعلومة متعمدا لأعقد مقارنة بين تشابه فى أحداث أمريكا 1948 ومصر 2012 مع اختلاف فى التبعات.

●●●

فمراكز استطلاعات الرأى العام فى مصر فشلت فى التنبؤ بنتائج الجولة الأولى فيما يتعلق بالمرشح الرئاسى محمد مرسى، وإن كانت قد نجحت فى التنبؤ بالمراكز النسبية لباقى المرشحين. وعلى الرغم من أن آخر استطلاعات الرأى العام تمت فى يوم 16 مايو بفاصل زمنى أسبوع كامل عن موعد الانتخابات وعلى الرغم من التسليم بأن الرأى العام المصرى كان فى حالة ديناميكية شديدة وعدم استقرار على مرشح واحد، وعلى الرغم من أن التجربة المصرية ما زالت وليدة. إلا أن ذلك كله لم يشفع لمراكز استطلاعات الرأى العام، وانهالت عليها السهام من كل جانب وتوالت الاتهامات بالتزييف وتبارى البعض فى التجريح الذى تجاوز كل الأعراف الأخلاقية والمهنية.

وكان المشهد فى الولايات المتحدة مختلفا، فبدلا من محاولة القضاء على صناعة استطلاعات الرأى العام وتشويه صورة العاملين بها، فقد عكف الكثيرون على المراجعة النقدية للمنهجيات المستخدمة ولأساليب اختيار العينات، ونتج عن ذلك تجديد فى بعض المنهجيات وبعض أساليب العمل، وهو ما ساهم فى أن تخطو هذه الصناعة خطوات إلى الأمام. ولم ينظر المجتمع الأمريكى إلى الخطأ إن كان هناك خطأ باعتباره خطيئة وإنما باعتباره دافعا لتحسين الأداء.

●●●

وعودة إلى استطلاعات الرأى العام التى تناولت أداء الرؤساء الأمريكيين، فقد بدأت كما ذكرنا عام 1945. وقد كررت مؤسسة جالوب هذا الاستطلاع 65 مرة بدءا من يونيو 1945 إلى ديسمبر 1952 وهى فترة ولاية الرئيس ترومان، أى بمتوسط استطلاع كل 6 أسابيع. واستمر هذا التقليد وتزايدت دورية القياس لتصل عدد استطلاعات الرأى التى أجريت وفقا لما رصده موقع مؤسسة روبر Roper إلى نحو 1450 استطلاعا خلال فترة رئاسة الرئيس بوش والتى امتدت ثمانية أعوام أى بمتوسط استطلاع كل يومين. واستمر نفس المعدل خلال فترة رئاسة الرئيس أوباما لتصل عدد استطلاعات الرأى التى أجريت حول أداء الرئيس خلال المائة يوم الأولى لرئاسة أوباما إلى 48 استطلاعا للرأى العام. وبانتهاء العام الأول لرئاسة أوباما بلغ عدد استطلاعات الرأى العام التى تقيس الرضا عن الرئيس 147 استطلاعا. وقد صاحب ذلك زيادة فى عدد المؤسسات التى تشارك فى هذه الاستطلاعات فبينما انفردت مؤسسة جالوب بكل استطلاعات قياس أداء الرئيس فى فترة رئاسة ترومان فقد بلغ عدد مؤسسات استطلاع الرأى التى قامت بقياس أداء الرئيس خلال العام الأول لرئاسة أوباما 15 مؤسسة.

وعلى الجانب الآخر من الأطلنطى، اجريت فى المملكة المتحدة استطلاعات دورية لقياس شعبية الأحزاب وشعبية رؤساء الوزراء وتزداد هذه الاستطلاعات قبل وأثناء الحملات الانتخابية. وكانت بداية هذه الاستطلاعات عام 1945 والتى شهدت استطلاعا واحدا، أما الانتخابات التالية فقد شهدت 11 استطلاعا للرأى تضاعفت فى انتخابات 1959 لتصل إلى 20 استطلاعا. وتزايدت كثافة الاستطلاعات لتصل فى انتخابات 1992 إلى 67 استطلاعا أجرتها 8 مؤسسات وشارك فى تمويلها 18 صحيفة ومحطة تليفزيونية.

●●●

والبيانات المتوافرة عن تقييم الأمريكيين لأداء الرؤساء الأمريكيين والتى بدأت منذ عام 1945 خضعت للتحليلات المتعمقة التى تحاول وضع نظريات عن أنماط الاتجاه العام لمستويات الرضا والتحولات التى تشهدها. ويعطى هذا التراكم المعرفى عن اتجاهات المواطن الأمريكى تجاه الرئيس مادة خصبة للمقارنة بين الرؤساء الأمريكيين من حيث اتجاهات الأمريكيين نحو قياس اداء رئيسهم والتغير الذى يحدث فى تقييم أداء الرئيس، وتوقيت حدوث مثل هذا التغير وملابساته. وقد ساهمت نتائج هذه الاستطلاعات فى تغيير مسارات وفى إحداث ردود أفعال سواء من جهة الرئيس وحزبه أو من جهة الحزب المنافس.

وقد دفع كثير من السياسيين ثمنا باهظا نتيجة لتجاهل الرأى العام وفى المقابل استفاد سياسيون آخرون من نتائج استطلاعات الرأى العام. وعلى سبيل المثال، دعت مارجرت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا إلى انتخابات مبكرة فى عام 1983 اعتمادا على ما أظهرته الاستطلاعات من تفوق حزب المحافظين وقد كررت تاتشر نفس الخطة عام 1987. وأخذ بيل كلينتون فى الاعتبار اتجاهات الرأى العام فى تعامله مع علاقته بمونيكا لونسكى واستطاع الإفلات من ورطة كان يمكن أن تؤدى به إلى العزل.

●●●
والأمثلة المذكورة لا تعنى أن استفادة النخب السياسية هى استفادة شخصية لإطالة مدة الاستمرار فى الحكم، ولكن الإنصات إلى الرأى العام ومتابعة اتجاهاته لا غنى عنه لإنجاح السياسات العامة ولتدعيم الثقة بين المؤسسات وللاستجابة لرغبات الجماهير. والسياسى الواعى يجب ألا يغفل نتائج مثل هذه الاستطلاعات لأنها الوسيلة الأفضل لقياس نبض الجماهير التى لا يتاح لها فرص التعبير المتاحة للنخب. ومن الضرورى أن يؤخذ نبض الجماهير فى الاعتبار عند رسم الخطط وإعداد الاستراتيجيات. وإذا كان تحديد مسارات المستقبل يجب أن يمر من خلال النخب السياسية والتكنوقراط فإن تحقيق هذه المسارات لا يتم إلا من خلال الجماهير. وإذا كنا ركزنا فى هذا المقال عن تجارب الدول الديمقراطية فى قياس أداء الرئيس فذلك للتمهيد لمقالات قادمة حول مدلولات قياس أداء الرئيس فى السياق المصرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.