الحديث عن الضغوط المالية التى تواجه الاقتصاد المصرى كان فى مقدمة كلمات ممثلى الحكومة فى أول مؤتمرات اليورومنى بعد الثورة، وهى الضغوط التى دفعت حكومة هشام قنديل للتأكيد على حاجاتها لدخول القطاع الخاص بقوة فى مجالات استثمارية مختلفة، الأمر الذى تطلب أيضا أن يجيب الوزراء بصراحة عن كل الأسئلة السياسة الصعبة التى تقلق الاستثمار تجاه السوق المصرية بعد الثورة. من إجمالى استثمارات تستهدفها الحكومة فى العام المالى الجارى بنحو 276 مليار جنيه، تتطلع إلى مشاركة القطاع الخاص فيها ب170 مليار جنيه، كما قال رئيس الوزراء هشام قنديل فى كلمته الافتتاحية بالمؤتمر، وذلك فى ضوء خطة اقتصادية للحكومة التى تتطلع إلى التركيز بشكل أكبر على الاستثمار فى مجالات تلبى احتياجات تنموية، كالإسكان الرخيص والطاقة، كما أضاف قنديل.
وتضع حكومة أول رئيس منتخب بعد الثورة أهدافا لرفع معدلات النمو من 2.2% فى عام 2011 2012 إلى 7.5% فى عام 2016 2017، وتخفيض معدلات البطالة من 12.6% إلى 9.5%، وانحسار الفقر من 25.2% إلى 20% خلال نفس الفترة، وفقا للبيانات التى عرضها وزير الاستثمار خلال المؤتمر.
إلا أن الاهداف الطموحة للحكومة تعوقها معدلات العجز المالى المتزايدة، وهو ما يدفع الحكومة للاعتماد بقوة على القطاع الخاص فى مجالات كتمويل المشروعات العامة، حيث قال وزير المالية ممتاز السعيد إن الحكومة بصدد عرض 15 مشروعا بنظام المشاركة بين القطاعين العام والخاص فى مؤتمر ستنظمه فى يناير المقبل. وأشار أسامة صالح وزير الاستثمار إلى أن تلك المشروعات ستتطلب استثمارات ب8 مليارات دولار.
هذه الاستثمارات التى قد يعطلها عدم استرداد الثقة فى السوق المصرية بعد الثورة، وسعيا لتبديد تلك المخاوف، أشار قنديل إلى لقاء الحكومة ب350 ممثلا لوفود أجنبية ومستثمرين، لعرض خططها وإرسال رسائل تطمين تجاه استقرار الأوضاع. وأكد قنديل أن الحكومة تحترم تعاقداتها السابقة وأن أى تغييرات ستحدث لن تكون بأثر رجعى، وجاء ذلك تعليقا على حالة القلق التى انتابت بعض المستثمرين فى البورصة خلال اليومين الماضيين، التى أرجعها خبراء إلى تصريحات رئيس الجمهورية حول تحقيق الدولة لإيرادات ضخمة متوقعة خلال الفترة القادمة بعد تسوياتها لتعاقدات قديمة.
وأكد ممتاز السعيد على توجهات الحكومة التى عبر عنها قنديل بقوله «أود أن اطمئن الجميع أننا نتعامل بعقلية مفتوحة، ليس لدينا شك أن الاستثمار لو لم يكن مطمئنا لن يعمل عندنا». وبالرغم من التطمينات الحكومية، إلا أن كلمة أحمد هيكل، رئيس مجموعة القلعة، لاقت تفاعلا قويا من الحضور مع إشارته إلى عدم توافر البيئة المناسبة للبيروقراطية لاتخاذ قرارت تيسير الاستثمار فى ظل أجواء الاتهام السائدة بعد الثورة،. بينما عبر هيكل عن تطلعاته للعديد من الفرص الاستثمارية فى السوق المصرية، حيث قال إن مجموعته استثمرت 4 مليارات دولار فى مصر من بعد 25 يناير 2011، وأنها تتطلع لاستثمارات تتعدى هذا الرقم خلال السنوات الثلاث القادمة.
وانتقد هيكل استمرار دعم الطاقة حتى الآن مشيرا إلى تأثير أعمق لها من عجز الموازنة، وهو تأثيرها على الحساب الجارى للدولة، «إن العجز فى الحساب الجارى كله نابع من دعم الطاقة»، مشيرا إلى أنه لو كان تم زيادة سعر الطاقة 10 قروش من سنة 2000، لأصبحت ديون مصر حاليا صفر، وأضاف «أنا لست مع تحرير سعر الطاقة مرة واحدة، ولكن مع تأخر تطبيق هذا التحرير بطريقة تدريجية على الحكومة أن تكون أكثر عنفا فى تحريرها».
وسعيا لتوفير رؤية واضحة عن الاقتصاد المصرى خلال الفترة القادمة، أكد قنديل على أن الحكومة ستعقد مفاوضات مع صندوق النقد الدولى، لاقتراض 4.8 مليار دولار، بنهاية الشهر الجارى، التى تأتى فى سياق حوار اجتماعى حول البرنامج الاقتصادى الذى ستعرضه الحكومة على الصندوق، وعلق السعيد على المفاوضات بقوله إنه مصر على نجاح المفاوضات فى الفترة الراهنة.
طارق عامر، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى ورئيس اتحاد البنوك، تحدث بصراحة عن أنه كانت لديه انطباعات سلبية وتغيرت فى الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن ترشيح السلطة الجديدة له لتولى منصب فى الحكومة أعطاه انطباعا «بأنهم يريدون العمل مع الخبراء»، مضيفا أنه يشعر بالثقة فى قدرة السلطة الحالية على اتخاذ القرارات الضرورية للاقتصاد «أنا مطمئن أن لدينا قيادة».