«مصر لن تنضم إلى الاتحاد الجمركى الخاص بدول شرق وغرب أفريقيا الكوميسا»، هذا ما كشفته سميحة فوزى، مساعد أول وزير التجارة والصناعة فى تصريحات خاصة ل«الشروق» وهو الأمر الذى لم ينفه أيضا وزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد، ل«الشروق» وإن كان لم يؤكده بصفة نهائية قائلا فى تصريحات خاصة: « لم نحسم موقفنا بعد من الاتحاد الجمركى الخاص بالكوميسا، حيث كانت لنا اشتراطات للانضمام، حيث القوانين التجارية والجمركية لدى الدول الأعضاء و هو ما لم يتم الوفاء بأى منها بعد»، كما جاء على لسانه. ويهدف الاتحاد الجمركى إلى تسهيل المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء من خلال توحيد التعريفة الجمركية بينها، بالإضافة إلى توحيد القوانين التجارية، للتعامل كتكتل واحد مع العالم الخارجى. بينما ذكر رشيد أن مصر تسعى إلى توسيع دائرة التجارة مع الدول الأفريقية فى الوقت الحالى كونها تمثل بديلا آمنا للاستثمار فى ظل الأزمة العالمية، وأشار إلى أن مصر متحفظة على الانضمام للاتحاد، مرجعا ذلك لتذبذب الأوضاع داخل هذا التجمع، مثل دخول تنزانيا وخروجها، بالإضافة إلى عدم انضمام السودان بعد إلى الاتحاد الجمركى. كما أن انضمام مصر إلى الاتحاد الجمركى الأفريقى سيعرقل توسيع دائرة التجارة الحرة مع الدول الأفريقية غير الأعضاء فى الاتحاد ،تبعا لرشيد. ووفقا لأرقام وحدة الكوميسا التابعة لوزارة التجارة والصناعة، سجل حجم التبادل التجارى بين مصر ودول الكوميسا تطورا من 199,4 مليون دولار فى عام 1998، تاريخ انضمام مصر إلى الكوميسا، إلى 2.3 مليار دولار فى عام 2008. وتأتى هذه التصريحات لتضع نهاية حول علامة الاستفهام الخاصة بموقف مصر من التقدم للانضمام إلى اتحادين جمركيين الخاص بتجمع الكوميسا، أما الآخر فيضم دول مجلس التعاون الخليجى فى آن واحد، حيث إنه وفقا لقوانين التجارة الدولية، كما يقول أحمد غنيم، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، لا يجوز لأى دولة الوجود فى اتحادين جمركيين فى آن واحد. وكانت مصر قد تقدمت فى مارس الماضى، بطلب رسمى للانضمام إلى الاتحاد الجمركى بمجلس التعاون الخليجى. «الاتحاد الجمركى العربى أصبح التزاما على الدول العربية، خاصة بعد إجماع الدول العربية على أهميته بعد قمة الكويت» مشيرا إلى أن اتفاق الدول العربية جميعا على ضرورة تفعيله فى الفترة القادمة لتحقيق الأهداف المرجوة منه «يعطى الأولوية لانضمام مصر إلى الاتحاد العربى». بحسب كلامه. ووفقا لأرقام قطاع التجارة الخارجية، زاد حجم التبادل التجارى بين مصر والدول العربية أعضاء اتفاقية التيسير العربية منذ 1998، تاريخ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، من 892 مليون دولار إلى 6.958 مليار دولار فى عام 2008. «أليس هذا كافيا لتكون السوق العربية أهم بالنسبة لمصر من السوق الأفريقية»، يقول عبد الرحمن فوزى، وكيل أول وزارة التجارة والصناعة، ورئيس قطاع التجارة الخارجية. ويضيف فوزى أنه بتحليل الميزان التجارى بين مصر والدول العربية فى الفترة ما بين 1998 و2008، «نجد أنه كلما زادت التخفيضات الجمركية فى إطار البرنامج التنفيذى لتنمية التبادل التجارى بين الدول العربية كلما زادت الصادرات المصرية وانخفض العجز فى الميزان التجارى»، بحسب كلامه. ويتفق مع هذا الرأى غنيم قائلا: «إن السوق الأفريقية على الرغم من أهميتها لا تستطيع أن تحل مكان السوق العربية» بحسب كلامه. موضحا أن نمو الدول الأفريقية وتطور تجارتها البينية مازالت «محدودة» وفقا له، مما يدلل على صعوبة وعدم أهمية الانضمام إلى اتحاد جمركى مشترك معهم. «نحن لدينا خلاف معهم بشأن شهادة المنشأ، فلقد صممنا على رفع النسبة الخاصة بإعطاء شهادة المنشأ الأفريقية إلى ٪45 مقابل ٪35 ، وهذا لا يدل إلا على عدم ثقتنا فيها، لماذا إذن نسعى إلى الانضمام إلى اتحاد جمركى مشترك معها إذا كنا ليس لدينا الثقة الكافية بهم»،كما تساءل غنيم. الاتحاد الجمركى العربى إذن أكثر جاذبية لمصر، ومن ثم يأتى السؤال الأخير، هل انضمام مصر إليه قابل للتنفيذ مع وجود خلافات فى التشريعات التجارية والاقتصادية بين مصر وأعضاء هذا التكتل؟ «نعم»، كان هذا رد رشيد، معترفا أن هناك «فجوة» بين مصر وهذه الدول فى القوانين والتشريعات ولكنها «لا يجب أن تخوفنا» بحسب رشيد، مشيرا إلى أن فترة التأهل للانضمام إلى هذا الاتحاد هى 15عاما وهى كافية للتحضير والتأقلم مع قوانينهم دون حتى الإضرار بنا. «وهذا نفس السيناريو الذى اتبعته الدول الأوروبية لتنفيذ اتحادها الجمركى» بحسبه قائلا: إن النتائج تستحق الانتظار والعمل بجد. ويقول عبد الرحمن فوزى: إن الإعلان عن انطلاق الاتحاد الجمركى أو الإعلان عن الرغبة فى الانضمام إليه، لا يعنى النجاح فى ذلك، «فهى عملية تحتاج إلى ضبط التشريعات والتعريفات الجمركية وتوفيقها مع الأخرى، كما أنه يحتاج إلى التزام وإرادة من قبل الدول الأعضاء.