فى الوقت الذى ينشد فيه المواطنون دخول مرحلة جديدة من النهضة والعلم والتقدم بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، يفاجئون الآن بأن طموحاتهم وأمانيهم يجب ألا تتخطى حدود "أنبوبة البوتاجاز وتفويلة السولار"، ورغم أن البعض كان يتهم القائمين على المرحلة الانتقالية وقتها بافتعال الأزمات من أجل عرقلة ما يسمى بالمسيرة الديمقراطية وإفشال البرلمان، فإن هذه الأصوات اختفت الآن، إلا أنينا من محافظات مصر يصرخ مطالبا بأبسط حقوقه التى أصبحت حلما بعد ثورة أشاد بها العالم أجمع وكان محركها الحقيقى هو هذا المواطن الذى أصبح الآن غير مسموع الصوت.. "الشروق" رصدت من خلال هذا التقرير مظاهر معاناة هؤلاء المواطنين فى محافظات مصر. أول هذه المظاهر تجلى فى ارتفاع تعريفة الركوب على مدار الأيام الماضية فى كفر الشيخ بنسبة 50% على إثر النقص الحاد فى الوقود، والازدحام الشديد والاشتباكات أمام مختلف محطات الوقود بالمحافظة، من أجل البحث عن السولار والبنزين، وتعطل حركة السير فى بعض المناطق لعدة ساعات، ما أحدث انتعاشة فى السوق السوداء والتى أصبحت الملاذ للسائقين وأصحاب السيارات والفلاحين من أجل شراء احتياجاتهم بضعف الثمن، كما ظهرت أزمة أخرى مع دخول فصل الخريف وانخفاض درجات الحرارة وهى ازدحام الأهالى أمام مختلف مستودعات الغاز للبحث عن أسطوانة الغاز دون جدوى، وهو ما تسبب فى نشوب بعض المعارك بين الأهالى وأصحاب المستودعات والعاملين بها، فيما تقدم الأهالى بمئات الشكاوى إلى محافظ كفر الشيخ ومديرية التموين ومكاتب التموين بالقرى والمدن يتهمون فيها العشرات من أصحاب المستودعات ببيع حصة المستودع بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة من أجل الربح السريع غير الشرعى، مطالبين بالتدخل لحل الأزمة ونقل حصة المستودعات من أصحابها إلى "بيت مال كل قرية" أو الجمعيات الأهلية بحيث يتم توزيعها على الأهالى بالعدل والمساواة.
نفس المشكلة صادفتنا فى القليوبية، حيث استغل بعض السائقين الأزمة لرفع تعريفة الركوب داخل بعض الخطوط الداخلية بالمحافظة، وسط مشاجرات ومشادات يومية بين السائقين والمواطنين حيث استغل السائقون الزحام وقاموا برفع الأجرة بين بنها وموقف كلية الزراعة إلى 3 جنيهات فضلا عن تحميل أعداد زائدة، والرد الوحيد "اللى مش عاجبه ينزل"، فيما تكدست السيارات على الطريق الزراعى للحصول على البنزين والسولار، وفى خطوط بنها الداخلية رفع سائقو السوزوكى الأجرة بنسبة 100% فى ظل غياب مرورى تام، فيما أمر الدكتور عادل زايد محافظ القليوبية بتكثيف رجال المرور فى الشارع لضبط الحالة المرورية ومنع استغلال السائقين للمواطنين ورفع تعريفة الركوب.
وفى المنوفية وصل سعر صفيحة السولار فى السوق السوداء 35 جنيها بعد 22 جنيها، ووصلت فى بعض المناطق إلى 40 جنيها، فيما خلت بعض المواقف من السيارات، لعدم وجود سولار داخل المحطات التى رفعت شعار "لا يوجد سولار".
وفى الإسكندرية تمكنت مديرية الأمن من إحباط محاولة تهريب 23 ألف لتر سولار قبل تهريبها إلى خارج البلاد، بقصد تصديرها إلى خارج البلاد وبيعها بالأسعار العالمية والاستفادة من فارق الأسعار .
أما محافظة المنيا فقد هددت أزمة الوقود بتوقف المواصلات نهائيا، فيما ارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 35 جنيها فى السوق السوداء، فيما اختفت نهائيا من مناطق كثيرة، وعادت الجمعيات الاهلية تتدخل لمحاولة حلها، وكذلك أزمة السولار وبنزين 80 الذى اختفى أيضا من محطات الوقود، مما حدا بسائقي سيارات الاجره ونقل الركاب بالتهديد بالإضراب عن العمل للمطالبة بتوفير السولار وبنزين 80.
إلى سوهاج فقد سادت حالة من الغضب العارم بين أهالى مدن وقرى محافظة سوهاج بعد وصول سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 80 جنيها فى بعض الأماكن بالسوق السوداء، ومن جانبه قال يحيى عبد العظيم محافظ سوهاج، إن الأزمة خارجة عن إرادته؛ لأن العجز في الغاز الصب الذى يصل إلى سوهاج نحو 75% حيث إن استهلاك المحافظة يوميا هو 50 ألف أسطوانة بوتاجاز، ولكن الكمية التى وصلت لمحافظة سوهاج تكفى فقط لتعبئة 12 ألف أسطوانة، مضيفا أنه تم الاتصال بالمسئولين الذين أكدوا أن شحنات من (الغاز الصب) التى تستخدم فى التعبئة وصلت إلى بعض الموانئ ونحن نسابق الزمن لحل تلك الأزمة التى تعصف بالمواطنين.
وفى محافظة قنا شهدت محطات التموين زحاما شديدا واصطفت عشرات السيارات فى طوابير طويلة نتيجة قلة المعروض من الوقود، وانتشار الأسواق السوداء التى تبيع البنزين والسولار بأسعار مضاعفة، وقال عدد من المزارعين ل"الشروق" إنه رغم حصولهم على إيصالات من مديرية التموين بأحقيتهم فى صرف 100 لتر سولار على الحيازة الزراعية إلا أنهم لم يتمكنوا من صرفها نتيجة للزحام الشديد.
ولم يختلف الأمر كثيرا فى الأقصر، حيث تشهد شوارعها ازدحاما أمام محطات الوقود وغلق الشوارع وارتباكا فى حركة المرور، فيما يتلاعب تجار السوق السوداء بإخفاء السولار وبيعه بأسعار مضاعفة وقت الأزمة، فيما تمتد الطوابير إلى آلاف الأمتار وتنشب المعارك ب"النبابيت" فى غرب الاقصر، فيما تسود حالة من الفوضى بسبب الأزمة التى أشعلت أسعار الخضروات والفواكه التى يأتى معظمها من الوجه البحرى عبر السيارات، ما أدى إلى عزوف الكثير من السائقين عن نقل السلع إلى الأقصر فاشتعلت الأسعار، كما عادت أزمة أنابيب البوتاجاز حيث وصل سعر أنبوبة البوتاجاز إلى 60 جنيه بالسوق السوداء، فيما عاودت بعض الأسر فى قرى الأقصر إلى استخدام "الكوانين".