جامعة المنيا تقفز بالتصنيف الأمريكي لأفضل الجامعات.. تعرف على مركزها الحالي    كل ما تريد معرفته عن ضوابط وإجراءات التقديم للمعاهد الأزهرية    التضامن تنفذ أولى برامجها التدريبية المتطورة للقيادات النسائية الشابة بالوزارة    بسبب انقطاع الكهرباء، إقبال طلاب الثانوية على قاعات مراكز الشباب بالدقهلية (صور)    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    خبير تربوي: مصر شهدت نقلة نوعية في التعليم الجامعي بعد ثورة 30 يونيو    شركات بريطانية تبدي اهتمامها بالاستثمار في مجال توطين الصناعات المرتبطة بالعقارات    إزالة فورية لبناء مخالف في قنا    هيونداي تكشف عن سيارة كهربائية بسعر منخفض    الحركة الوطنية يفتح مقراته بكل المحافظات لطلاب الثانوية وقت انقطاع الكهرباء    النقل ترد على عدم وجود إنارة على بعض مناطق الطريق الدائري    سعر كيلو السكر اليوم الخميس 27-6-2024 في السوق    محافظ أسيوط: استكمال أعمال تركيب بلاط الانترلوك بشوارع حى غرب    اتحاد شباب المصريين بالخارج يطلق مبادرة للمساهمة في ترشيد استهلاك الكهرباء    انكماش الاقتصاد الفلسطيني 35% بالربع الأول بسبب الحرب في غزة    وزير الدفاع الإسرائيلي: يمكننا إعادة لبنان إلى العصر الحجري    انسحاب علي رضا زاكاني من الانتخابات الرئاسية الإيرانية    ارتفاع حصيلة الاعتقالات الإسرائيلية بالضفة منذ 7 أكتوبر إلى 9430    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    «نائب بالشيوخ»: استضافة مؤتمر صراعات القرن الأفريقي تٌعزز التعاون الدولي    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    رابطة الأندية تغرم نادي الزمالك 100 ألف جنيه    رسميا.. عقوبات قاسية من رابطة الأندية ضد الزمالك    تعرف على قرعة تصفيات آسيا المؤهلة إلى كأس العالم 2026    إعلامي: الأفضل لأمير توفيق التركيز على الصفقات بدلًا من الرد على الصفحات    التحريات الأولية تكشف سبب حريق طب عين شمس    بالإجابات والدرجات، امتحان مادة الفيزياء 2023 لطلاب الثانوية العامة    ننشر أسماء 11 مصاباً في حادث انقلاب سيارة «كبوت» بأسوان    في 24 ساعة.. تحرير 585 مخالفة خوذة لقائدي الدراجات النارية    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    بيان من الداخلية بشأن رسائل منسوبة لنزلاء أحد مراكز الإصلاح والتأهيل    حبس المتهم بقتل وذبح أسرته بالغربية 4 أيام    المهرجان القومي للمسرح يكرم الفنان أحمد بدير في دورته ال 17    الوطنية للإعلام تطالب القنوات بتكثيف التوعية بأهمية ترشيد استهلاك الكهرباء    كريم عبد العزيز يكشف عن موعد عرض الفيل الأزرق 3 (فيديو)    "الأوقاف": ندوات ب 4 محافظات اليوم عن "مفهوم الوطنية الصادقة" بمناسبة ذكرى 30 يونيو    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    زيادة جديدة في سعر دواء فيدروب للرضع    رئيس الرعاية الصحية يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا    الكشف على 1230 مواطنًا بالقافلة الطبية المجانية بالحامول في كفر الشيخ    الصحة تطلق حملة «صيفك صحي» للحماية من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    تنسيق الجامعات.. تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    محطات فنية بحياة الفنان الراحل صلاح قابيل فى ذكرى ميلاده    «الأرصاد» تحذر من الرطوبة اليوم.. تصل ل90% على السواحل الشمالية    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    محافظ أسوان يهنئ الرئيس بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    ميدو: الزمالك بُعبع.. «يعرف يكسب بنص رجل»    «مسيطرة همشيك مسطرة».. نساء 3 أبراج يتحكمن في الزوج    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو سياسة خارجية مصرية عصرية
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 09 - 2012

كان من الإفرازات الايجابية لثورة يناير 2011 اهتمام جديد من جانب المراقبين بل ومن المواطنين غير المتخصصين بمستقبل وغايات وأدوات السياسة الخارجية المصرية فى المرحلة التاريخية الجديدة التى تعبرها مصر.

وقد رأيت ألا أتناول هذا الموضوع بالمنهج التقليدى للدوائر والأولويات ،لاعتقادى أن اعتبارات العولمة والسيولة الدولية والإقليمية جنبا إلى جنب الثورة بكل ما تحمله من تغيير، قد تؤدى إلى تعارض أو تقاطع الأولويات ومن ثم أهمية تبنى منهج مرن يسمح بتعديل أو تبديل الأولويات وبالتالى ضرورة امتلاك الأدوات المؤسسية والعلمية القادرة على التعامل مع هذه الأوضاع بكفاءة وسرعة.

لذلك سوف أتناوله من منظور المستجدات الدولية والإقليمية والوطنية، ومعها المعطيات الجديدة للثورة ، وما تتطلبه من فكر جديد للسياسة الخارجية المصرية بما يتواكب مع هذه المستجدات ويستجيب لمتطلبات المصالح المصرية الحقيقية.

●●●
ومن الواضح أن السياسة الخارجية المصرية تواجه فى القرن الواحد والعشرين تحديات جسيمة تفرضها متغيرات متسارعة من أهمها تطورات غير مسبوقة فى العلم والتكنولوجيا والمعرفة، وتوازنات دولية جديدة كان من أهم نتائجها لحاق عدد من الدول النامية بالدول المتقدمة بل وتجاوزها ومن ثم بدء تعديل المعادلة الدولية ككل، تعاظم ادوار المؤسسات عبر الوطنية جنبا إلى جنب مع بزوغ ادوار مؤثرة للاعبين من غير الدول non-state actors مثل المجتمع المدنى والقطاع الخاص، وتعاظم قوة الدين السياسى وانضمامه إلى أسباب وأدوات الصراعات داخل الدول وفيما بينها، ناهيك عن تحديات وأخطار الفقر والبيئة والقرصنة، والأزمات الاقتصادية العالمية والحالية والمتوقعة للطاقة والمياه.

وتكتمل الصورة فى حالة مصر بثورة يناير 2011 التى تعد رغم آثارها الجانبية وتداعياتها المتتابعة، بداية مرحلة تاريخية جديدة تشهد تغييرا جذريا فى شكل وجوهر الحكم وثقافة حياة الشعب المصرى بصفة عامة. ويقينى رغم كل التخوفات، أن الثورة حققت أمرين أساسيين سيمارسان تأثيرهما على المستقبل، هما استرداد شعب مصر لصكوك ملكية الوطن، وغرس أسس ديمقراطية حقيقية سوف تصل، مهما طال المدى، لأن تصبح أسلوب حياة وممارسة طبيعية فى كل مناحى الحياة.

ومحصلة التطورات والتغيرات السابقة تحتم إحداث تغيير شامل فى مفهوم السياسة الخارجية، وان تتحول مما يعتبره كثيرون أنها مجرد كائن مؤسسى يختص بالعلاقات الخارجية بمعزل عن الأوضاع المحلية، إلى أداة وطنية أساسية ترتبط بالقدرات الاقتصادية والاستقرار السياسى للمجتمع يتأثر بها وتؤثر فيها، ومن ثم ضرورة أن تشارك فى صياغة الغايات والأوليات الإستراتيجية للدولة وصولا إلى رفعة المواطن باعتباره الغاية النهائية من استثمار أدوات العمل الرسمى وغير الحكومى.

●●●

من هذا المنظور هناك ثلاثة اعتبارات رئيسية أرى أن تحكم الصياغة الجديدة للسياسة الخارجية:

الأول: أن الأوضاع الاقتصادية تمثل نقطة ارتكاز أساسية للسياسة الخارجية سواء كنا نتحدث عن التنمية الوطنية أو الاندماج فى الاقتصاد العالمى، وهو ما يمكن تسميته «السياسة الخارجية الاقتصادية» أو «الذراع الاقتصادية للسياسة الخارجية». واى حديث عن سياسة خارجية فعالة دون قاعدة اقتصادية قوية هو مجرد أوهام ودغدغة لمشاعر الجماهير. وعلينا أن نستفيد من تجارب غيرنا خاصة تركيا وكذلك نمور أسيا وأمريكا اللاتينية التى حققت طفرات اقتصادية انعكست فى سياسة خارجية عصرية ساهمت فى تعظيم تواجدها الإقليمى والدولى والانتقال بالمواطن إلى آفاق معيشية كريمة، بكل ما يعينه لذلك من تدعيم الاستقرار السياسى والمجتمعى لدولها وشعوبها.

الثانى: فرضت اعتبارات التاريخ والجغرافيا والموقع أن تمتلك مصر ذخيرة كامنة من التاريخ والثقافة والحضارة والفن والإبداع والعلم، والتى مكنتها عبر حقبات مختلفة من التاريخ القديم والحديث من النفاذ إلى وجدان وفكر شعوب المحيط الاقليمى والفضاء العالمى ككل.

ويطلق على هذه العوامل « القوة الناعمة» soft power التى يمكن إذا أحسن استثمارها أن تحقق نتائج ممتدة تتجاوز فى بعض الأحيان القدرات المادية hard power. وفى تقديرى أن تقاعسنا عن استثمار تلك القوة وانكفائنا للداخل ساهم بشكل جوهرى فيما يتردد عن تراجع الدور الاقليمى لمصر، وليس محاولات الآخرين لإضعاف هذا الدور.

وفى تقديرى أن ثورة يناير تتيح أمام مصر فرصة تاريخية لنبذ عزلتها الإقليمية واستعادة شرعيتها المستحقة فى التاريخ العربى وباعتبارها العاصمة الرئيسية للربيع العربى وبكل ما تملكه من قدرات مادية وبشرية ضخمة.

الثالث: أفرزت الثورة ديمقراطية ناشئة التى رغم نواقصها وتخوفاتها، فرضت واقعا جديدا يتمثل فى أن سياسة الدولة، بما فيها السياسة الخارجية، لم تعد تدار بعدد قليل من اللاعبين السياسيين أو نخبة سياسية تسيطر على مقدرات الحكم بمعزل عن الشعب والمؤسسات. وهذا الواقع الجديد يفرض على المجتمع الدولى خاصة الدبلوماسية الغربية أن تتوقف عن الاستمرار فى الاعتماد على نخبة وان تشرع فى بناء الجسور مع المجتمع ككل الذى أصبح جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية الاقتصادية والاجتماعية.

●●●

ختاما، فلقد فتحت الثورة أمام مصر فرصة تاريخية لكى تشق طريقها بالديمقراطية والعلم ومواردها البشرية للحاق بالقطار الخاطف للتقدم، وفق غايات وطنية يتحقق لها توافق وطنى شامل. وتحقيق هذه الغايات بشكل عملى يحتاج فكرا جديدا يحكمه العلم والديمقراطية والحكم الرشيد ومفهوم العمل المؤسسى بصفة عامة. ويحتم ذلك إحداث تغيير شامل فى مفهوم ومعايير الأداء وقواعد واضحة للشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد، وبمشاركة متكاملة بين أجهزة الدولة، بما فيها الدبلوماسية المصرية العريقة، والأحزاب والمجتمع المدنى والقطاع الخاص، ومن ثم بدء الإمساك بمفاتيح التقدم الذى يمكن أن تصل بمصر وشعبها إلى المكانة التى يستحقها تحت الشمس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.