بدر هى أول غزوة غزاها رسول الله (ص) وأصحابه فهى أول قتال عام بين المسلمين وقريش ولم يسع احد الطرفين فى أول أمره للقتال، فرسول الله (ص) انتدب اصحابه للقاء تجارة قرشية عائدة من الشام يعترضون طريقها ويسلبوها أموال قريش تعويضا عما أخذته قريش من المهاجرين وما صادرته من اموال الذين أسلموا. فالمسلمون خرجوا لاسترداد بعض حقوقهم لا يفكرون فى قتال بل مجرد استرداد حقوق مسلوبة، لذلك كان نداء الحشد والتجميع غير ملح ولا ضاغط بل قال (ص): من كان ظهره حاضرا فليتبعنى وذلك دون حض أو تحفيز، وحاول بعض اهل اطراف المدينة طلب فرصة ليلحقوا فأبى النبى وخرج مسرعا فى 313 رجلا وفرسين وسبعين بعيرا، فكان كل ثلاثة رجال يتعاقبون بعيرا وقد أحس أبوسفيان بن حرب قائد تجارة قريش فاستغاث بقريش واستطاع أبوسفيان أن ينجوا بتجارته. فإن عدنا إلى هؤلاء الذين خرجوا لاسترداد أموالهم من قريش وجدتهم قد أفلت منهم الحق الذى خرجوا يطلبوه، وأيضا قد وصلهم خبر قوات قريش لملاقاة المسلمين رغم نجاة التجارة وسلامة القافلة فعقد رسول الله (ص) مجلس شورى ميدانيا لمن معه ليعيد تحديد الهدف وتوضيح المرحلة فالمسلمون قد خرجوا لاسترداد حقوقهم المنهوبة ولم يخرجوا لحرب ولم يستعدوا لها فتكلم المهاجرون فأحسنوا القول والتعبير عن استعدادهم لملاقاة العدو دون خوف أو وجل، ثم تكلم سعد بن معاذ عن الأنصار فقال: «سر بنا على بركة الله وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت واعطنا ما شئت، فما أخذت منا كان احب الينا مما اعطيتنا، امرنا تبع لامرك، ولو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك»، ثم تكلم المقداد فقال: «لا نقول لك كما قال قوم موسى له اذهب انت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون». ويصور القرآن كيف دبر الله هذا اللقاء وكيف تكون إرادة الله غالبة فوق جميع الإرادات: ((كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقا مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِى الحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ (8) )) الأنفال (5 8).