رغم أن لسان حال الثقافة المصرية في هذا الصيف الساخن يكاد يقول "أيها الموت رفقا" بعد الرحيل المتوالي لثلاثة من سادة الكلمة، وهم سلامة أحمد سلامة، ومحمد البساطي، وحسن شاه، فإن هؤلاء الكتاب بمعايير الزمن الإبداعي لن يموتوا أبدا أو يسقطوا من الذاكرة الثقافية المصرية والعربية.
فقد استحق الكاتب الراحل سلامة أحمد سلامة الذي ولد عام 1932 لقب (حكيم الصحافة المصرية) فيما كان بحق صوتا للضمير الوطني.
وسيذكر تاريخ الصحافة الثقافية المصرية والعربية الدور الكبير لسلامة في تأسيس مجلة (وجهات نظر) كمنبر جاد وبناء، وتعكس كتابات سلامة حقيقة استفادته من معرفته بأكثر من لغة أجنبية لإثراء لغته العربية ذاتها، ناهيك عن تقديم كل ما هو جديد ومفيد في العالم لقرائه الذين كانوا جائزته الحقيقية، فيما كان رحيله حالة حزن صادق، سواء على مستوى رجل الشارع الذي شعر بفطرته بصدق هذا الكاتب، أو على مستوى العديد من المثقفين المصريين والعرب .
حسن شاه
وشأنها شأن الراحل النبيل سلامة أحمد سلامة، دامت رحلة الكاتبة حسن شاه مع الصحافة نحو نصف قرن من الزمان مع نزعة واضحة نحو الاهتمام بقضايا الأدب والثقافة حتى أنها كانت مؤسسة صفحة (أخبار الأدب) بصحيفة (الأخبار).
وصاحبة (أريد حلا) التي كتبت عدة مجموعات قصصية تحول بعضها إلى أفلام، كانت واحدة من أهم كتاب ونقاد السينما المصرية، فيما بدت مناصرة لقضايا المرأة ومدافعة عن حواء في مواجهة المظالم التي تحيق بها مع كتابات لابنة حي المنيرة، تعبر عن الروح المصرية العذبة في وسطيتها.
محمد البساطي
ومن المفارقات أن يكون من بين أخر الأعمال المنشورة لمحمد البساطي قصة قصيرة بعنوان "الميت"، حيث بطل القصة المدفون بعد موته في مقبرة العائلة يسمع ويرى ويتحرك ويتذكر جنازته بكل تفاصيلها حتى ذلك الذي قبله في النعش ورائحة البصل تفوح من فمه .
وإذا كان بطل قصة "الميت" الذي يخرج من قبره عليه دين صغير لصاحب مقهى ويشعر بالحيرة في كيفية رد هذا الدين له، فإن محمد إبراهيم الدسوقي البساطي، وهذا اسمه الكامل، له الكثير من الديون والأفضال على أجيال وأجيال من المثقفين المصريين الذين عرفوا قيمته كمبدع كبير بقدر ماهو إنسان نبيل في بساطة أبعد ما تكون عن الإدعاء.