يعرض اليوم الجمعة فيلم «قسم طبرق» للمخرج الفيلسوف برنار هنرى ليفى كعرض خاص ضمن فعاليات مهرجان «كان» السينمائى. ويصور الفيلم الثمانية أشهر الأخيرة للثورة الليبية التى انتهت بقتل معمر القذافى على يد الثوار الليبيين. ويركز على رسالة معينة وهى كيف يمكن أن تغير الأفكار والمعتقدات مجرى التاريخ، وهو ما لم يكن أن يخطر ببال أحد، ويعتبره مخرجه دعوة للسوريين لتحقيق الانتصار مثل ما حدث فى ليبيا.
وفى حوار خاص ل«هافينجتون بوست» عبر برنارد عن فرحته بعرض فيلمه فى المهرجان، قائلا: «تأثرت بالفعل، لأن هذا الفيلم هو تتويج لمعركة أقودها مع آخرين منذ خمسة وثلاثين عاما، معركة من أجل الحق فى التدخل، وأعتقد أن الفيلم يظهر لنا ما يمكن فعله فى سوريا، إذا قررنا وقف المذابح، فحمص اليوم وبنغازى كانت بالأمس».
ويخوض الفيلم وراء كواليس الثورة الليبية تأكيدا على الدور الذى قام به الفيلسوف فى حل النزاعات، كما يضم اجتماع برنار وعبدالجليل مصطفى زعيم المتمردين الليبيين.
ويقول برنار عن أصعب المواقف أثناء هذه الحرب الاستثنائية: «عرفت من اللحظة الأولى على أرض الواقع ووسط مخاطر الزعيم الليبى معمر القذافى وبعد الاجتماع مع أعضاء المجلس الوطنى الانتقالى الجديد أن التهديد الأكبر كان من الطيران الليبى».
وبالرغم من كل هذا الاهتمام بالربيع الليبى والسورى والمصرى من قبل برنار نجد أن الكثيرين يشككون فى دوافعه الإنسانية التى يتحدث عنها تجاه العرب وقضاياهم فقد نشر موقع الجزيرة «إننا نرى برنار يقف دائما إلى جانب السلطات القائمة، لكن عندما ينطوى على نفسه خاصة فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى فهو داعى للدولة اليهودية».
وأشار الموقع إلى أنه أثناء معركة الليبيين ضد القذافى كان لبرنار تصريحات كثيرة رفضها المجلس الوطنى الانتقالى، ومنها ما قاله عن العلاقات المستقبلية بين ليبيا والإسرائيليين، خاصة أنه لم يكن هناك لمناقشة العلاقات مع إسرائيل وإنما كمبعوث من الحكومة الفرنسية.
وعلى قناة الجزيرة قدم برنار نفسه فى مارس العام الماضى، قائلا: «أنا يهودى وصديق لإسرائيل».. فهو يعلن دائما عن تأييده ودعمه لإسرائيل، وهو من أكبر المدافعين عنها، وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون عن حقيقة هذا الرجل وأفكاره واتجاهاته وميوله السياسية التى يظهر تناقضها فى كتاباته وتصريحاته ومنها البيان الذى وقع عليه مع أحد عشر مثقفا بعنوان: «معا لمواجهة الشمولية الجديدة» ردا على الاحتجاجات الشعبية فى العالم الإسلامى ضد الرسومات الكاريكاتورية التى تناولت محمد رسول الإسلام، بينما صرح فى مقابلة مع صحيفة ل«جويش كرونيكل» اليهودية، قائلا: «الفيلسوف لفيناس يقول إنك عندما ترى الوجه العارى لمحاورك، فإنك لا تستطيع أن تقتله أو تقتلها، ولا تستطيع أن تغتصبه، ولا أن تنتهكه ولذلك عندما يقول المسلمون إن الحجاب هو لحماية المرأة، فإن الأمر على العكس تماما، فالحجاب هو دعوة للاغتصاب!».
ومن أفكار ليفى التى نشرها فى أحد كتبه أن النزعة الإسلامية لم تنتج من سلوكيات الغرب مع المسلمين، بل من مشكلة متأصلة، وأن النزعة الإسلامية تهدد الغرب تماما، كما هددتها الفاشية يوما ما، وقال إن التدخل فى العالم الثالث ب«دواعى إنسانية» أمر مشروع تماما.
ويذكر أن ليفى من عائلة يهودية كانت تعيش فى الجزائر وانتقلت عائلته إلى باريس بعد ولادته بشهور قليلة ودرس الفلسفة هناك فى إحدى الجامعات، وعمل كمراسل حربى من بنجلاديش، وكان ليفى من أوائل المفكرين الفرنسيين الذين دعوا إلى التدخل فى حرب البوسنة، ومن أكبر الداعين للتدخل الدولى فى دارفور غرب السودان وأسس مع يهوديين آخرين معهد «لفيناس» الفلسفى فى القدس العربية المحتلة، وأثنى على جيش الدفاع الإسرائيلى، معتبرة من أكثر جيوش العالم ديمقراطية.
وكل هذه المواقف والأفكار المتناقضة كانت السبب فى أن بعض المواقع صورته كدسيس لحساب الدولة الإسرائيلية فى الدول العربية وأنه يتعمد الظهور فى شكل المدافع عن الثورات العربية ليتدخل فى سياسية الدول العربية، ويبقى التساؤل الذى أصبح يطرح نفسه بعد معرفة ميول هذا الرجل وأفكاره ما هو الهدف وراء اهتمام هذا الفيلسوف بالدول العربية وثوراتها والذى كانت نتيجته فى النهاية عرض فيلمه «قسم طبرق» فى مهرجان كان السينمائى الدولى هذا العام كمؤيد للثورة الليبية.