وافق الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي أمس الاثنين، على اتفاق توسطت فيه مصر لإنهاء إضراب جماعي عن الطعام تحدى سياسة الاعتقال بدون محاكمة، وأثار المخاوف من رد فعل فلسطيني عنيف إذا مات أحد المحتجين.
ويرفض نحو 1600 أسير فلسطيني يشكلون نحو ثلث السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل، والبالغ عددهم 4800 أسير تناول الطعام منذ 17 ابريل الماضي، رغم أن اثنين منهم يضربان عن الطعام منذ نحو 77 يومًا.
وتركز احتجاج الأسرى على مطالب بالسماح بمزيد من الزيارات الأسرية، وإنهاء العزل الانفرادي وتخفيف ما يسمى بالاعتقال الإداري، وهو إجراء قوبل بانتقادات دولية.
وقال مسؤول مصري شارك في المحادثات، إن إسرائيل وافقت بموجب اتفاق أمس الاثنين لإنهاء الإضراب على إنهاء الحبس الانفرادي لتسعة عشر أسيرًا، ورفع حظر زيارة الأقارب الذين يعيشون في قطاع غزة للأسرى.
وأضاف المسؤول، أن إسرائيل وافقت أيضًا على تحسين الأوضاع الأخرى للأسرى، والإفراج عمن يطلق عليهم اسم "المحتجزين إداريًا" فور انتهاء فترة احتجازهم ما لم يحالوا إلى المحاكمة.
وأكد سامي أبو زهري- المتحدث باسم حماس، الاتفاق وقال ل"رويترز" إن "الأسرى وقعوا الاتفاق الذي توسطت فيه مصر بعد الاستجابة لمطالبهم".
وأكدت إسرائيل أيضًا "إبرام اتفاق". وقال مارك ريجيف- المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل "تفاوضت لإنهاء الإضراب"، استجابة لطلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأضاف "نأمل أن تساعد تلك اللفتة من جانب إسرائيل في بناء الثقة بين الطرفين وتدعم السلام".
وقالت مصلحة السجون الإسرائيلية في بيان مكتوب "وقع اتفاق لإنهاء 28 يومًا من إضراب السجناء الأمنيين الفلسطينيين عن الطعام". وقالت إن "السجناء سيوقعون على تعهد بعدم الاشتراك في أعمال تخل بالأمن داخل السجون".
وأضاف البيان، أنه "في مقابل هذه الضمانات ستمنح إسرائيل هؤلاء السجناء شروطًا أيسر، تشمل إنهاء الحبس الانفرادي وإمكانية السماح لأقاربهم من الدرجة الأولى في قطاع غزة بزيارتهم".
وقال مسؤولون فلسطينيون، إن "مصر أعدت مسودة الاتفاق في القاهرة مع ممثلين عن الأسرى الفلسطينيين، وأن الأسرى اجتمعوا خلال اليوم للتوقيع عليها".
وكانت المحادثات التي عقدت في سجن عسقلان جنوبي تل أبيب بين زعماء الأسرى الفلسطينيين وسلطات الاحتلال الإسرائيلية قد تعثرت في وقت سابق، لكن الوساطة المصرية نجحت على ما يبدو في كسر الجمود.
وقال مسؤولون شاركوا في المحادثات، إن "سلطات الاحتلال الإسرائيلية كانت قد رفضت مطلب الإفراج عن أي أسير فور انتهاء فترة اعتقاله التي عادة ما تكون ستة أشهر يمكن أن تمددها المحكمة العسكرية".
وعلقت زيارات الأهل بالنسبة لأسرى قطاع غزة بعد أن أسر مسلحون فلسطينيون الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ونقلوه إلى القطاع، الذي تسيطر عليه حركة حماس عام 2006 . وأفرج عن شاليط في أكتوبر الماضي مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني.
وتقول إسرائيل في تبريرها لسياسة الاحتجاز الإداري، إن "بعض القضايا لا يمكن تقديمها فورًا إلى المحكمة، بسبب المخاوف من كشف مصادر المعلومات الفلسطينية التي تعاونت مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية".
وشارك في الإضراب عن الطعام نشطاء من حماس ومن حركة الجهاد الإسلامي، اللتين ترفضان السلام مع إسرائيل، وأيضًا أعضاء من حركة فتح.
ودخل أمس الاثنين إضراب بلال ذياب وثائر حلاحلة عن الطعام يومه السابع والسبعين. والاثنان من الجهاد الإسلامي.
وفي الأسبوع الماضي رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا الاستئناف المقدم من جانبهما لإطلاق سراحهما، لاحتجازهما دون محاكمة، لكنها قالت إن "على السلطات الأمنية بحث الإفراج عنهما لأسباب صحية".
وقالت المحكمة، إن "الاحتجاز الإداري يسبب حالة من عدم الارتياح لدى القضاة، لكنه (شر لا بد منه) في إطار تصدي إسرائيل (للإرهاب)".
ونظم آلاف الفلسطينيين أمس الاثنين، تجمعًا حاشدًا في غزة تأييدًا للأسرى المضربين.
من جانبه، قال وزير شؤون الأسرى والمحررين- عيسى قراقع، إن الأسرى أعلنوا أن إدارة السجون استجابت لمطالبهم بإنهاء سياسة العزل الانفرادي خلال 72 ساعة من توقيع الاتفاق، والسماح لأهالي قطاع غزة بزيارة أبنائهم في السجون منذ شهر من توقيع الاتفاقية.
وأضاف قراقع، في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس الاثنين، في خيمة الاعتصام أمام بلدية البيرة، أن الاتفاق نص بخصوص الاعتقال الإداري، "أن أي ملف معتقل إداري يتم فحصه من قبل الجهات القضائية، أما المعتقلين الذين لم تتوفر بحقهم معلومات أمنية لن يتم تجديد فترة اعتقالهم".
كما نص الاتفاق على تسليم إسرائيل لرفات 100 شهيد تحتجزهم في ما يسمى مقابر الأرقام.
وأشار قراقع، إلى أن الاتفاق نص على تحسين شروط الحياة الإنسانية للأسرى، والاستجابة لمطالب أخرى يطرحها المعتقلون، لافتًا إلى أن المحامي جواد بولس في طريقه لمستشفى سجن الرملة مع لجنة الإضراب عن الأسرى، لإبلاغ المعتقلين الإداريين بهذا الاتفاق.
وقال إن "اللجنة العليا لقيادة الإضراب وقعت في عسقلان، مساء الاثنين، الاتفاقية التي أبرمت في العاصمة المصرية القاهرة أمس، بحضور مبعوث الرئيس عزام الأحمد، وفصائل العمل الوطني برعاية مصرية".
وأشاد "بالتفاف أبناء شعبنا بكافة فئاته حول قضية الأسرى، خاصة التفاف القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس والحكومة، بعد فضح إسرائيل سياسيًا وأخلاقيًا أمام نفسها والعالم أجمع".
بدوره، قال رئيس نادي الأسير- قدورة فارس، إن "الأسرى الذين مازالوا مضربين عن الطعام في سجن الرملة، بلال ذياب، وثائر حلاحلة، وحسن الصفدي، وجعفر عز الدين، وعمر أبو شلال، ومحمد السرسك، سيتم وضعهم في صورة الاتفاق وإبلاغهم أنهم على الرغم من صيغة القرار، سيتم إطلاق سراحهم مباشرة بعد انتهاء مدتهم من الحكم الإداري".
وأكد أن "هذا الاتفاق كسر للموقف الإسرائيلي، ونحن ملتزمون بقرار الأسرى الإداريين في سجن الرملة ونحترم قرارهم أيًا كان موقفهم باستمرار إضرابهم أو إنهائه، وسنستمر في دعمهم".