ماسبيرو «فابريكة» صناعة الديكتاتوريات، والمؤسسة المتحدثة بلسان الحاكم منذ 60 عاما مضت، كيف سيتعامل مع الرئيس القادم؟، وهل يتخلى الإعلام الرسمى عن عادته القديمة فى تملق القابضين على السلطة؟، أم أننا بصدد تصنيع ديكتاتور عبر الآلة الإعلامية التى لاتزال فى قبضة الحكومة رغم كل ما يقال عن تحرر إعلام الدولة؟، تلك الأسئلة طرحناها على من يملكون القرار فيما يقدمه قنوات، ومحطات ماسبيرو لنعرف كيف يفكر هؤلاء ونحن على طريق انتخاب رئيس جديد، وفيما يلى نعرض وجهات النظر كل على حدة.
إسماعيل الششتاوى: الانحياز للحاكم خيانة للأمانة
«خائن للأمانة» هذا هو الوصف الذى أطلقه الإذاعى اسماعيل الششتاوى رئيس الإذاعة على الإعلامى الذى يقوم بتملق الحاكم ومداهنته، وقال: «الشعب يأتمن الإعلاميين على القيام بدوره فى مراقبة الحاكم ومؤسسات الحكم، ولا يجوز لنا أن نخون ثقته فينا». وأضاف: وعندما يصل الرئيس الجديد للمنصب بإرادة الشعب، سنتعامل معه باعتباره الشخص المنتحب من المواطن الذى نحن فى خدمته، وذلك من خلال معايير مهنية واضحة تكون فيها مصلحة المواطن فى المقدمة».
وقال إن المخاوف التى تساور البعض من إعادة إنتاج النظام السابق هى نتاج مقارنة بأحداث من الماضى، ولكن كل الظروف التى تحيط بالإعلام المصرى تغيرت بفعل الثورة، وحتى الرئيس القادم سيكون حريصا على التعامل مع الإعلام بشكل مختلف عن ذى قبل وأنه لن يتجاهل الإذاعة كوسيلة للتواصل مع الجماهير.
وأشار الششتاوى إلى برنامج «من القلب» الذى تم طرح فكرته على الدكتور عصام شرف، والذى كان من المفترض أن يستضيف رئيس الحكومة على البرنامج العام بشكل شهرى ليتحدث عما تحقق من إنجازات على مدار شهر، وطرح خطة الحكومة فى الشهر التالى، وقال إن هذا البرنامج يمكن أن يخصص للرئيس ليخاطب الشعب أسوة بما يفعله الرؤساء فى الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وعن حدود النقد الذى يمكن أن يوجه للرئيس قال: «الإعلام الرسمى يفترض إنه إعلام ديمقراطى يلتزم بالمعايير المهنية، ويجب أن يكون النقد فيه موضوعيا ويتعلق بكل ما يتخذه المسئولون من قرارات، فنحن نتحول من إعلام سلطوى، إلى إعلام ليبرالى يتيح الفرصة أمام عرض كل الآراء، بصرف النظر كانت ضد قرارات الرئيس أم مؤيده لها، وأن الانحياز الوحيد يكون مع مصالح العامة للشعب المصرى.
إبراهيم الصياد: التأسيس لإعلام قوى هو الضمان
«لا يمكننى أن أقطع وعدا بعدم تكرار أخطاء الماضى، ولكن، أستطيع أن أقول إن الضمانة الوحيدة هى إيجاد إعلام قوى، قادر على مواجهة أى نظام سياسى يمكن أن تفرزه حالة المخاض التى تعيشها البلاد فى الوقت الراهن، فعندما يمد إعلام الدولة بجذوره فى الأرض المصرية، ويأخذ على عاتقه تمثيل كل طوائف الشعب يكتسب بذلك قوة تمكنه من اتخاذ قرارته بحرية، وتحديد المسارات التى يسير فيها دون وصاية من الحكومة أو مؤسسة الرئاسة».. هكذا أجاب إبراهيم الصياد رئيس قطاع الأخبار عن سؤالنا حول كيفية تعامل التليفزيون المصرى مع الرئيس القادم؟، وقال إنه إن لم يحقق الإعلام الرسمى هذه المعادلة على أرض الواقع فإنه سيعود للمربع صفر، وهذا سيكون انتكاسة كبيرة للحرية، وإعادة للإنتاج النظام القديم بوجوه جديدة. وأكد الصياد أن إعلام ماسبيرو لم يعد موجها، وأنه أستطاع خلال الفترة الماضية أن يتخلص من التبعية فى علاقته بالسلطة، مشيرا لطبيعة العلاقة الحالية مع المجلس العسكرى الذى يمثل رأس الحكم فى تلك الفترة، وأن الفيصل فى كيفية التعامل مع مؤسسة الرئاسة أو غيرها من مؤسسات الدولة مرهون بمدى اتفاق القوى الوطنية على ممارسة الديمقراطية، وحجم الانفتاح السياسى الذى ستشهده مصر فى المرحلة القادمة، بحيث لا يكون أحدا فوق مستوى المراجعة والنقد. وقال إن هذا لا يعنى أن النقد سينال من شخص الرئيس أو حياته الخاصة كما هو الحال فى بعض دول الغرب، ولكن النقد المباح فى تليفزيون الدولة هو ما سيتعلق بالقرارات والسياسيات التى سيتخذها الرئيس.
سامح رجائى: احترامنا لهيبة المنصب لن يمنعنا من انتقاد الرئيس
يرى رئيس قناة النيل الإخبارية سامح رجائى أن الرئيس القادم هو الذى سيحدد شكل علاقته بالإعلام، وهو الذى سيختار القناة التى يفضل الظهور فيها والمذيع الذى يختصه بحوار، وذلك وفق قناعاته ورؤيته الخاصة للإعلام، ولكن ما يمكن الحديث فيه حاليا هو كيفية تغطية أخبار مؤسسة الرئاسة، التى ستتم عبر القنوات المتعارف عليها.
وقال إن قناة الاخبار قبل الثورة كانت تقدم طلبات لمؤسسة الرئاسة وتطلب مقابلات خاصة مع الرئيس، وأحيانا كان يأتى الجواب بالرفض، وأحيانا أخرى لم يات أية ردود على طلبها، وهذا قد يتكرر مع الرئيس القادم، والقناة لا تملك ما يلزم الرئيس أو أى شخص آخر بالنزول على رغبة القناة أو العاملين فى برامجها، المسألة مرتبطة بطبيعة الرئيس الذى سينتخبه الشعب، وإن كان يجيد التعامل مع الإعلام أم لا، فدورنا أن نطلب مقابلته، وهو يوافق أو يرفض، ولكنه لن يضع لنا أحد الأسئلة التى سنطرحها عليه.
وأضاف رجائى أن السياسية المتبعة حاليا فى قناة مصر الإخبارية هى التى ستستمر بعد تولى الرئيس الجديد، التى تقوم على معايير مهنية وتحدد مواقع الاخبار وفق أهمية الخبر ومدى اهتمام رجل الشارع به.
وعن إمكانية توجيه النقد لرئيس الجمهورية عبر شاشة النيل الإخبارية، أجاب رجائى: «دورنا أن نناقش الاحداث الجارية ونعرض الآراء المختلفة حولها أيا كانت هذه الآراء، وهذا ما يحدث حاليا مع الحكومة والمجلس العسكرى، وكذلك سيكون الأمر مع الرئيس القادم، فلا يوجد أحد فوق النقد طالما كان النقد موضوعى ويهدف للصالح العام.
وقال إن نقد سياسات الرئيس وقراراته سيكون أمرا متاحا، ولكن مع الحفاظ على هيبة المنصب لأننا سنتحدث عن رئيس مصر، فلا يجوز النيل من شخص الرئيس أو التجريح بتناول الجوانب الشخصية له.
عصام الأمير: حالة الثورة لم تُبق أحدًا فوق النقد
أى شخص سيتقدم ليكون رئيس مصر، يجب أن يعلم بأنه سيكون محل للنقد اللاذع والمراجعة، لأن حالة الثورة لم تبق أحدا فوق النقد، ولأننا سنجرب فيه ممارسة الديمقراطية التى نحن حديثو العهد بها فى مجال الإعلام.
هذا ما قاله عصام الأمير رئيس التليفزيون والذى أكد أن جميع العاملين فى برامج التليفزيون حاليا يعملون دون تعليمات أو توجيهات أو تدخل يذكر فيما يختارونه من موضوعات وضيوف، وأن النقاش ينحصر فى الشئون الفنية، وشكل الصورة على الشاشة، فالتليفزيون أخذ خطوات جادة وواسعة نحو التخلص من الارتباط بالحكومة، وأصبح منحازا للمواطن، فهو يريد أن يكون تليفزيون الشعب، فلم يسع لإرضاء المجلس العسكرى، أو الحكومة، ولم يغازل البرلمان لا أغلبية ولا معارضة، ومستشهدا بالانتقادات التى تطارد الإعلام الرسمى من الحكومة والبرلمان.
وقال الأمير: «لا يخفى على أحد أن مؤسسات ماسبيرو كانت تمثل إعلام الحكومة، الذى يروج لرغبات الرئيس، ومشروعات الحكومية، ويزين قرارات الوزراء، ولكنه الآن يتجه بكل قوة نحو إعلام الدولة، الذى يقف على مسافة واحدة من الجميع بما فيهم مؤسسة الرئاسة نفسها، وليس من الذكاء أن يتملق لإعلام أى صاحب سلطة، خاصة أن الجميع أصبح يعلم بأن الكرسى لن يدوم لأحد، وأن من سيتولى سلطة سيحكم لفترة محددة وفق إرادة الشعب».
ويلفت عصام الأمير انتباه رئيس مصر القادم أيا كان اسمه أو توجهاته، لأهمية الإعلام كوسيلة للتواصل مع الناس، ونافذة يخاطب منها شعبه ويشركه فى قضايا الوطن ويوجد من خلاله رأى يعام يسانده، ويقترح بأن يكون للرئيس موعد ثابت يتحدث فيه للشعب عبر شاشة التليفزيون المصرى، وألا ينتظر المناسبات الرسمية والأعياد الوطنية كما كان بفعل الرئيس السابق.
وأكد رئيس التليفزيون إلى أهمية القنوات الفضائية الموجهة للجاليات المصرية فى الخارج، الذين أصبحوا رقما بالحياة السياسية بعد إتاحة مشاركتهم فى الانتخابات العامة، وقال إن هذه الفضائيات بالضرورة ستكون قنوات تواصل بين من يريد ممارسة العمل السياسى، ومن بينهم الرئيس نفسة، ومن هنا يقول بأن اختيار الرئيس ليختص تلك القنوات بأحاديث سيكون مكسبا كبيرا له، وأنه فى حالة اختياره لقنوات أخرى لن يمنع إعلامى ماسبيرو من طلب لإجراء حوارات مع الرئيس إذا اقتضت برامجهم استضافته.
وعن شكل الحوار الذى يتخيله مع الرئيس قال الأمير إنه سيكون حوارا بهدف لتقديم خدمة للمشاهد، وليس للترويج للرئيس ومشروعاته، لأن الناس أصبحت على درجة من الوعى يمكنها من معرفة أهداف ونوايا من يقفون خلف البرامج، ولو قدمنا أى عمل لا يهتم بهم وبقضاياهم سينصرفون عنه حتى لو كان حوارا حصريا مع رئيس الجمهورية، وأكد أن التليفزيون يملك الكوادر القادرة على إدارة حوار جديد مع الرئيس، وإن تطلب الأمر الاستعانة بكوادر من الخارج يمكنها أن تقدم حوارا مختلفا سيستعين بها فورا ويحارب من أجل تقديم عمل يضاف إلى رصيد تليفزيون الشعب.