ظلت الدراما السورية خلال السنوات الماضية المنافس الأقوى لنظيرتها المصرية على الشاشات العربية لاسيما القنوات الخليجية التى بات المزاج العام لمشاهديها يميل إلى الدراما الشامية بعد النجاح الكبير الذى حققه مسلسل «باب الحارة» بأجزائه الخمسة. وعلى الرغم من أن الدراما المصرية لم تتأثر كثيرا بتلك المنافسة فى بدايتها، لكنها عانت قليلا خلال العامين الماضين خاصة أن أغلب القنوات العربية كانت تكتفى بعرض مسلسل مصرى واحد على شاشاتها خلال شهر رمضان، بينما تحرص على عرض مسلسلين سوريين فى المقابل.
تفضيل المسلسل السورى من جانب الفضائيات العربية لم يكن فقط للشعبية التى يتمتع بها بين المشاهيدن ولكن أيضا لرخص ثمنه مقارنة بالمسلسل المصرى.
ونجحت الدراما السورية فى ملء الفراغ الذى تركته الدراما المصرية خلال موسم 2011 خاصة بعد تراجع أعداد المسلسلات التى تم إنتاجها نتيجة أحداث الثورة، وأمطر السوريون القنوات العربية بنحو 30 مسلسلا، وهو تقريبا نفس عدد الإنتاج المصرى وكانت تلك المرة الأولى التى يصل فيها الإنتاج المصرى لنظيره المصرى من حيث العدد.
لكن موسم رمضان 2012 يبدو أن الوضع سيختلف تماما، حيث تراجع الانتاج الدرامى السورى على نحو ملحوظ فى مقابل زيادة الانتاج المصرى الذى يتوقع أن يشهد انتعاشة تسويقية فى ظل نية أغلب الفضائيات العربية مقاطعة الدراما السورية واستبدالها بالمصرية.
أزمة الدراما السورية مرتبطة بشكل وثيق بالتسويق الذى أثر سلبا على الانتاج ودفع باغلب المنتجين إلى التريث وعدم المغامرة بأموالهم خاصة وأن الفضائيات الخليجية ترتبط بشكل وثيق بالمواقف السياسية لبلدانها، ولم يعد خافيا على أحد الدعم الرسمى الخليجى للثورة السورية فى مواجهة النظام.
وزاد من صعوبة الأمر التصريحات المؤيدة للنظام التى أطلقها عدد كبير من نجوم الدراما السورية ما يجعل فرصة تسويق أعمالهم على الشاشات العربية صعب للغاية، حتى أنه من بين 30 عملا أعلنت سوريا عن إنتاجها لموسم رمضان 2012 لم يدخل بلاتوهات التصوير منها سوى خمسة أعمال فقط.
وحاولت شركات الإنتاج السورية اللعب فى المضمون والرهان على دراما البيئة الشامية التى جذبت المشاهدين بقوة من المحيط إلى الخليج باعتبارها «عصية على المقاطعة»، فأعلنت عزمها إنتاج نحو 6 مسلسلات تدور فى إطار البيئة الشامية.
لكن كل ذلك ظل حبرا على الورق، ولم يدخل بلاتوهات التصوير سوى مسلسل «الأميمى»، وهو ما يعنى صعوبة لحاق كل تلك الأعمال بالعرض الرمضانى خاصة أن المسافة الفاصلة بينها وبين الشهر الكريم لم تعد تكفى للحاق بالعرض إذا بدأ التصوير من الآن لا سيما دراما البيئة الشامية التى تستغرق وقتا أطول لإعداد الديكورات.
المؤسسة العامة للإنتاج التليفزيونى وإلاذاعى بسوريا حاولت جاهدة التقليل من شأن الأزمة، وقالت فى بيان لها، إنه ستعمل على «حماية المنتج الدرامى الوطنى»، بإنتاج أعمال جديدة بنظام الانتاج المشترك، معربة عن «بالغ اطمئنانها بشأن تسويقها عربيا رغم كل ما يقال فى هذا الصدد».
واستشهدت المؤسسة بنجاحها فى تسويق أعمال من إنتاج العام الماضى كمسلسلى «سوق الورق» للمخرج أحمد إبراهيم و«ملح الحياة» للمخرج والفنان أيمن زيدان لمحطات عربية كبرى وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا إيجابيا على أن خوف المنتجين لا أساس له.
ولم تكتف الحكومة السورية بطمأنة المنتجين من خلال هذا البيان، ولكنها سعت جاهدة إلى التلميح بفكرة «التسويق الذاتى» بعرض الأعمال على القنوات المحلية، وبالفعل أعادت بث قناة «دراما» السورية بعد توقفها منذ اشتعال أحداث الثورة، وذلك للتحضير لعروض شهر رمضان الدرامية للعام الحالى.
وقال مصدر بالقناة: «التوقف كما قلنا سابقا كان بسبب نيتنا ونية الحكومة أيضا دعم قناة الإخبارية السورية التى تم التشويش عيلها كثيرا، لكن فى ذلك الوقت قلنا بأن التوقف ليس إلى ما لا نهاية، بل إننا سنعاود بثنا فى الوقت المناسب».
وتحدث المصدر بثقة حول دورها فى التخفيف من حدة أزمة التسويق عربيا بالقول إن القناة تبث حاليا على ستة أقمار حول العالم وباتت جاهزة لأعمال رمضان المقبل والتى قد تتجاوز العشرين مسلسلا وفق إحصائيات أولية.