«أصبحت اللحوم السودانية والإثيوبية التى تستوردها مصر مهددة بالتوقف التام، وهو ما قد يؤثر أيضا على العلاقات المصرية مع دولتين أساسيتين من دول حوض النيل، على مستوى التفاوض والمصالح المشتركة»، بحسب ما قاله أبويوسف حسن، أحد كبار المنتجين والمصدرين فى السودان، ل«الشروق». واعتبر حسن أن «التصريحات العنيفة التى أطلقها مسئولون مصريون ضد اللحوم السودانية، التى وصفوها بأنها تحمل معها أمراض السل البقرى وأنها طاعنة فى السن وغير ذلك، هى السبب فى التوقف المزمع حدوثه للحوم السودانية التى تستوردها مصر»، مضيفا: «السودانيون يستهلكون نفس اللحوم دون أن يعانوا أمراض الدنيا مثلما أشيع فى مصر».
كانت صحفا رسميا قد نشرت تقارير تفيد بأن وزير الزراعة أصدر قرارا «سريا» بوقف استيراد اللحوم السودانية والإثيوبية، ثم توالى نشر تقارير حول توقف عمل اللجنة المصرية الدائمة بالسودان، وهو ما دفع وزارة الزراعة لنفى قرار توقف استيراد اللحوم، وأكد مساعد الرئيس السودانى جلال يوسف الدقير، أنه تلقى تأكيدات قوية من الحكومة المصرية بعدم التراجع عن استيراد اللحوم السودانية.
ووفقا للأرقام والتصريحات الصادرة عن الغرفة التجارية، أسهم استيراد اللحوم السودانية منذ حوالى العام فى تقليل أسعار اللحوم المصرية ولو بنسبة طفيفة، أو على الأقل أتاح للمواطنين نوعا آخر من اللحوم بأسعار أقل حيث تتراوح اللحوم السودانية ما بين 35 إلى 40 جنيها للكيلو.
ودافع حسن عن اللحوم السودانية، قائلا «تتربى المواشى عندنا على المراعى الطبيعية، ولا نعطيها هرمونات أو أى إضافات صناعية لزيادة أوزانها، ورغم ذلك تعرضت لحملة هجوم غير مبررة، أسفرت عن توقف الكثير من تعاقدات المنتجين المحليين مع شركات تصدر لدول أخرى غير مصر».
كانت مصر قد فتحت باب استيراد اللحوم السودانية الحية العام الماضى، واعتبرها وقتها مستوردون مصريون وسودانيون «فاتحة خير على الجانبين»، بحسب وصف أحدهم، والآن يقف الجانب السودانى مترقبا تحركات الحكومة، وما إذا كانت ستغلق باب الاستيراد بالفعل، مثلما أشيع، أم ستستمر فى دعم الاستيراد من خلال إرسال البعثات البيطرية إلى السودان.
يوسف ممدوح، الذى يرأس الإدارة المركزية للحجر البيطرى بهيئة الخدمات البيطرية، التى تعتبر البوابة الأولى للسماح باستيراد اللحوم من الخارج، وصف «حملات التشكيك» فى اللحوم السودانية، بأنها تشبه أحداث مجلس الوزراء واستاد بورسعيد وغيرها، قائلا «هناك من يحاول زعزعة استقرار البلاد، حتى ولو بإحداث شلل فى علاقة مصر مع دول حوض النيل، وفى مقدمتها السودان المساندة لمصر فى موقفها المائى، وإثيوبيا دولة المنبع.
وأشار ممدوح إلى دخول كميات كبيرة من اللحوم السودانية والإثيوبية إلى مصر خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تتواجد لجنة بالسودان لفحص 5 آلاف حيوان حى، ولجنة فى إثيوبيا لفحص واختيار 5 آلاف حيوان حى آخر، فضلا عن استعداد الهيئة لإرسال لجنتين واحدة إلى السودان وأخرى إلى إثيوبيا للإشراف على رسائل لحوم جديدة.
لكن وفقا لأحد المنتجين السودانيين، الذى طلب عدم نشر اسمه، كان المنتجون ينظرون إلى مصر على أنها سوق جديدة وواعدة لتغطية العجز الذى تعانى منه البلاد فى إنتاج اللحوم، والذى يقدر بنحو 50%، أما الآن فالاستراتيجية التى كنا نسعى بالتعاون مع الحكومتين لتطبيقها بدأت تتغير على أرض الواقع، حتى فى ظل «التطمينات» المصرية السودانية.
وبرر أحد المستوردين المصريين الحملة التى تم شنها على اللحوم السودانية بأن «مستوردين آخرين من الصومال يسعون لفتح باب الاستيراد من خلال التشكيك فى اللحوم السودانية والإثيوبية».