قلل سياسيون من شأن تداعيات بدء محاكمة ناشطين أجانب، بينهم أمريكيون في منظمات المجتمع المدني، اليوم الأحد، على العلاقات الثنائية المصرية - الأمريكية، ومنها التهديدات بقطع المعونة البالغة حوالي 1.3 مليار دولار عن مصر. لا وكانت أولى جلسات المحاكمة في قضية التمويل غير المشروع للجمعيات الأهلية والتدخل في الشؤون السياسية المصرية قد عُقدت اليوم الأحد، وقال جورج إسحق الناشط السياسي ووكيل مؤسسي حزب مصر الحرية: "إنه ليس من حقه التعليق على سير القضاء"، إلا أنه تمنى أن يكون القضاء بعيدًا عن تسييس الملف.
كما أكد جورج إسحق: "أن التعامل مع هذا الملف غريب الشكل، لأن هذه المنظمات تعمل في مصر منذ سنوات، إلا أنها هوجمت وتمت مقاضاتها بشكل انتقائي، في حين أن منظمات أخرى دينية لم يتم الإشارة لها من قريب أو بعيد فيما يتعلق بالتمويل".
ورأى إسحق: "أن هناك نوعًا من الترويج الإعلامي القوي، والإشعار بمغامرات وهمية حول محاكمة أعضاء تلك المنظمات، وكأن الأزمة المصرية ليست في الداخل وإنما في الخارج، وذلك في الوقت الذي لا يتم استعراض المشروع السياسي الداخلي وخطة الانتقال الديمقراطي، مبديًا تحفظه على عدم وجود مشروع سياسي، ما يضخم الخوف ولا يحصن ضده، فالقوة الداخلية هي أكثر ما يحمي ضد التدخل الأجنبي".
وفي هذا الشأن أيضًا، قال الدكتور شريف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعي وعضو اللجنة المركزية بحزب التجمع: "إن المعونة اعتمدت عليها مصر بشكل كبير جدًا، ابتداء من السبعينيات مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد وكانت المكافأة الأمريكية لهذه الاتفاقية، إلا أنه في بدايات العقد الأخير انخفضت المعونة تدريجيًا بحيث وصلت إلى حوالي 1.5 مليار دولار، ولم تكن على هيئة أموال وإنما مشاريع تنموية".
وأعرب شريف فياض عن: "عدم اعتقاده بأن إلغاء المعونة سيؤثر بشكل كبير، لأن جزءًا كبيرًا منها يذهب إلى مشاريع في مجالات معينة ولخبراء أمريكان".
من ناحيته، قال أحمد دراج، عضو الجمعية الوطنية للتغيير، إنه يرى أن المضي قدمًا في محاكمة أمريكيين في قضايا التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، تؤشر لخلاف وهمي غير حقيقي مع الإدارة الأمريكية.
وأضاف دراج: "أن الإدارة المصرية سوف تؤول إليها مكاسب سياسية من وراء تلك المحاكمة؛ لأن الصورة التي تم الترويج لها حول تلك المنظمات، هي أنها تتدخل في شئون البلاد، وبالتالي فإن محاكمة أفراد منها يبدو إنقاذًا للبلاد من التخريب".
أما بالنسبة إلى المعونة الأمريكية والتلويح بقطعها جراء تلك المحاكمات، فأوضح دراج: "أنها بالونة لا تستحق الضجة المثارة حولها، إلا أنها اجتذبت مجموعة من المنتفعين"، متسائلا عن الجهات التي كانت تذهب إليها المعونة في السنوات الماضية، مؤكدًا: "أنها لم تكن تذهب في الحقيقة إلى الشعب المصري"، وقال دراج: "إنه من المفترض أن يحدث نوع من المكاشفة والمصارحة حول المعونة العسكرية، بحيث يكون الشعب على علم بما ينفق وإلى أين تذهب الأموال".
وكانت أزمة مجموعة من منظمات المجتمع المدني التي تتلقى تمويلا خارجيُا، قد تصاعدت في 29 ديسمبر الماضي عندما داهمت السلطات المصرية مكاتب المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني الأمريكيين، وصادرت وثائق وأجهزة كمبيوتر وأموال، وتقول الحكومة والمجلس العسكري الحاكم: إن القضية بدأتها السلطة القضائية وخارج أيديهم، حيث يوجد من بين المتهمين 19 أمريكيًا، وأجانب آخرون، إلا أن الأمريكيين الذين مُنعوا من السفر لم يحضروا المحاكمة اليوم.
وكانت المحاكمة قد بدأت، اليوم الأحد، بعد اتهام 43 من العاملين الأجانب والمصريين في جمعيات غير ربحية، بينهم ابن وزير النقل الأمريكي، بتلقي تمويلات غير قانونية من الخارج والقيام بأنشطة سياسية غير متعلقة بعملهم في المجتمع المدني، حيث أعلن رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة، تأجيل محاكمة نحو 40 من المتهمين إلى جلسة 26 أبريل القادم، لحين إحضار مترجمين معتمدين في شأن المتهمين الأجانب.