ما أن نجحت ثورة 25 يناير في إقصاء الرئيس المخلوع حسني مبارك وأركان نظامه عن الحكم، إلا وانطلقت عشرات العروض المسرحية التي تناولت بشكل مباشر أو غير مباشر هذه الثورة التي حركت المياه الراكدة في مسارح الدولة وكذلك الهواة، ولكن يأخذ على غالبيتها الإغراق في الرسالة المباشرة والبعد عن العمق الدرامي . وكان لشباب الهواة السبق في هذا المجال، إذ سارعوا إلى تنظيم عدة عروض ارتجالية عن الثورة وأسبابها والآمال والطوحات المعلقة عليها. فأعد فريق "زمش" المسرحي عرض "حلم الشهيد" كأول عرض مسرحي عن أحداث الثورة من إخراج علاء نصر، وقصة أمل نصر، وأحمد صبري. وهى المسرحية التي عرضت في مارس 2011 على المسرح المكشوف في دار الأوبرا المصرية وعرض للمرة الأولى في قاعة "الواحة" في مدينة دكرنس بعد أيام من تنحي مبارك .
وتناول العرض قصص شهداء سقطوا في أحداث الثورة والآمال التي حملوها في ميادين مصر ودفعتهم غلى التظاهر.
وجاء عرض "ورد الجناين" للكاتب محمد الغيطي، الذي عرض على مسرح السلام وانتجه البيت الفني للمسرح في نفس السياق، إذ تناول قصص عدد من الشهداء وتضحياتهم في الميدان فضلا عن مشاركة الآباء واسهاماتهم في الثورة .
وركز العمل على قصة "الشهيد المجهول" الذي دفع حياته ثمنا لطموحاته وطموحات جيله . وانتهت فترة عرضه على مسرح السلام بأزمة بين القائمين على العمل وادارة المسرح بسبب رفض الأخيرة طلب القائمين على العمل تمديد فترة العرض، ما رد عليه الممثلون بالاعتصام لمدة اسابيع أمام المسرح.
وشاركت هيئة قصور الثقافة بثمانية مسرحيات عرضت على مسارح 7 محافظات، أولها عرض "كان نص حلم" إخراج شريف عباس، وعرض "الفلاح الفصيح" إخراج إيهاب زكريا، وعرض "خروج للداخل" إخراج أحمد الغول، وعرض "مأساة فرعون" إخراج عادل العدوى، و "حضنك يا وطن" إخراج هيثم عمران، وعرض " الورد اللي فتح" إخراج عمرو عجمي، وعرض "للبيع بالمزاد العلني" إخراج محمد المصري، وأخيرا عرض " ثورة دوت كوم". وكل هذه العروض تناولت الأسباب التي دفعت الشباب إلى الثورة على نظام مبارك بعد أن استبد وفسد وكيف أن الشباب تمكنوا من خلال وسائل سلمية أن يهزموا آلة القمع التي حمت النظام طوال 3 عقود .
وركزت عروض الشباب الارتجالية التي نتجت عن "ورشة حلم الشباب" ومنها مسرحية "صورة للشعب الفرحان" على العلاقات الإنسانية التي تكونت في ميدان التحرير بين الشباب والأفكار الخيالية التي انتابت الشباب في اللحظات الحاسمة من تاريخ البلد وفكرة إقامة مجتمع داخل ميدان التحرير .وفي هذا الإطار يأتي عرض مجموعة "أنا الحكاية" بعنوان "ببساطة كده"، الذي تمتزج فيه حكايات الشباب الواقعية مع ما هو متخيل .
كما قدمت مجموعة من شباب الثورة عرضا مسرحيا تحت عنوان "حكاوي التحرير" لسرد وقائع الثورة، بعد أن استلهموا فكرة العرض من قصص حقيقية حدثت في ميادين الثورة، سواء التعرض للقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، أو موقعة الجمل الشهيرة، والهتافات وانتهاكات الأمن المركزي ضد المتظاهرين .
وكان القائمون على العمل طلبوا الشباب عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" من كل من يملك وقائع مسجلة بالصوت والصورة لأحداث الثورة، أو كل من يريد أن يسرد تجربته الشخصية خلال الثورة التي عاشها ملايين المصريين، أن يتواصل معهم حتي يتسني له عرض ما يريد على المسرح من خلال "حكاوي التحرير".
وعلت نبرة الثورة في مسارح الدولة، إذ ركزت غالبية العروض بعد 25 يناير الماضي على الأحوال السياسية للبلاد قبل الثورة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتناولت بعض الأعمال الثورة صراحة، مثل مسرحيات "تذكرة للتحرير" و"هنكتب دستور جديد" و"ورد الجناين" و"كوميديا الأحزان" و"النافذة"، كما تناولت مسرحيات مسببات الثورة حتى ولو كانت في عصور أخرى، مثل "حكايات الناس فى ثورة 19" و "مفيش حاجة تضحك" و "سلطان الغلابة".
غير أن مراقبين كثر لم تستهواهم هذه الأعمال لأنها كتبت في وقت يقول البعض بأن "الثورة لا زالت مستمرة" ولم تنضج بعد .وهناك عروض تم اقتبسها من المسرح العالمي وتمصيرها بعد أن أسقط صناعها بعضا من ملامح الثورة عليها، مثل مسرحية "بدلة سموكن"، المأخوذة عن مسرحية للكاتب الإيطالى داريوفو ومصرها عادل أنور، وكذلك مسرحية "الديكتاتور" للكاتب جون رومان التى قام الشاعر خميس عز العرب بتمصيرها وعكس كل أحداثها على مبارك وعائلته وخلعه وديكتاتوريته .