كان المسرح بعد الثورة هو اكثر اشكال الفنون تفاعلا مع أحداث الثورة وذلك من حيث التوقيت حيث تزامن مع قيام الثورة وأثناء ال 18 يوما وأيضا من خلال الكم حيث حاول عدد من المسرحيين وخاصة الشباب منهم تقديم عدد كبير من العروض المسرحية التي تحدثت عن تفاصيل وأحداث ثورة 25 يناير، وكان المسرح حاضرا بقوة في ميدان التحرير وتسابقت أكثر من فرقة حرة لتقديم عروضها واسكتشاتها داخل الميادين أثناء أيام الثورة، وجاءت معظم هذه العروض تلقائية ومباشرة تحمل انتقادات واسعة وحادة للنظام السابق ورجاله وبعد الثورة قدم مسرح الدولة مسرحيات انتجت خصيصا من اجل الاحتفاء بالثورة منها «هنكتب دستور جديد» إخراج مازن الغرباوي وإنتاج مسرح الشباب «تذكرة للتحرير» إخراج سامح بسيوني وإنتاج مسرح الطليعة «كوميديا الأحزان» إخراج سامح مجاهد وإنتاج الفرقة القومية للعروض التراثية، «ورد الجناين» إخراج هاني عبدالمعتمد لفرقة المسرح الكوميدي «في إيه يا مصر» إخراج ياسر صادق وإنتاج فرقة المسرح الحديث، «حكايات الناس في ثورة 19» إخراج أحمد إسماعيل وإنتاج المسرح القومي، «قوم يا مصري» إخرج عصام الشويخ إنتاج المسرح المتجول، بالإضافة لتقديم عشرات العروض للفرق الحرة والمستقلة مثل «حكاية ميدان» إخراج عمرو قابيل وغيرها من العروض التى قدمت على مسارح روابط والجيزويت وساقية الصاوى وأيضا ساحة مركز الهنجر للفنون فى الأيام التالية للثورة مباشرة. أما على مستوى مسارح الهيئة العامة لقصور الثقافة فقد قدمت العديد من العروض المسرحية عن الثورة والتى انتهت بإقامة مهرجان التجارب النوعية على المسرح العائم وخصصت الدورة الأولى منه لعروض الثورة، كما بدأت الادارة العامة للمسرح التابعة للهيئة منذ عدة اسابيع بتنظيم مشروع يسمى «المسرح ميدان» وفيه يتم تقديم عرض مسرحى أسبوعيا داخل ميدان التحرير وسط المليونيات المقامة كل جمعة، وقد لاقت هذه لعروض تجاوبا كبيرا من الجماهير فى الميدان. واللافت أنه بمرور الوقت حاولت بعض الفرق الخروج من اطار توثيق أحداث ال 18 يوما فى الثورة الى توثيق الايام التالية لها مثل عرض «تحية للشهداء.. تحية للأحياء» للمخرجة ليلى سليمان والذى تحدث عن مشكلة المدنيين المعتقلين بمحاكم عسكرية وإستعانت المخرجة ببعضهم ليروى تجربته بشكل مباشر على مسرح روابط. وقد اعتبر بعض صناع المسرح ونقاده كل ما قدم مجرد عروض توثيقية فقط لا تملك أن تقدم أكثر من تسجيل أحداث الثورة ولا تتجاوز ذلك لقراءتها أو تحليلها ولا تملك أن تفعل هذا سوي بعد مرور فترة علي قيام الثورة حتي تتمكن من قراءة أحداثها بشكل موضوعي وسليم. وبعيدا عن العروض التى انتجت خصيصا للاحتفال بالثورة قدم البيت الفنى للمسرح مسرحيات تتضمن اسقاطات غير مباشرة على الثورة والفساد الحادث قبلها مثل: مسرحية «بلقيس» إنتاج المسرح القومى واخراج أحمد عبد الحليم، مسرحية «البيت النفادي» إنتاج مسرح الشباب واخراج كريم مغاورى، وأيضا العرض الارتجالى «شيزلونج» اخراج محمد الصغير وانتاج مسرح الشباب والذى اعيد تقديمه بعد الثورة بعد اضافة العديد من التعديلات، والمشاهد التى تواكب الثورة وأحداثها ومع بداية العام الجديد قدمت بعض العروض التى تميزت بتقديم رؤية غير مباشرة للثورة واحداثها مثل مسرحية «اهو ده اللى صار» تأليف محمد الرفاعى واخرج محسن حلمى وانتاج مركز الهناجر للفنون وقد سبق وان اعترضت الرقابة على هذا النص قبل الثورة ولكن مخرجه اعاد صياغته وأضاف بعض التفاصيل والمشاهد عليه وقدمه من جديد. وفى سياق متصل قدم مركز الابداع الفنى عرضين يدور محورهما حول الوطن والثورة وهما «غنا للوطن» وهو نتاج ورشة الغناء، وعرض «حلو الكلام» كنتاج لورشة الالفاء، فى حين قدم القطاع الخاص عرضين فقط هما «البدروم» تأليف د. مصطفى سليم واخراج سامح بسيونى، «دنيا اراجوزات» تأليف محمود الطوخى واخراج جلال الشرقاوى. كما كانت الثورة محوراً للعديد من المهرجانات مثل مهرجان المسرح العربى الذى قدمته الجمعية المصرية لهواة المسرح ومهرجان ساقية الصاوى ومهرجانات المسرح الجامعى فى النصف الدراسى الاول من العام الجديد، وأيضا مهرجان المسرح العربى «زكى طليمات» الذى ينظمه المعهد العالى للفنون المسرحية. وفى النهاية يرى الكثير من نقاد المسرح وصناعه ان ثورة يناير قد فتحت الباب امام تقديم عروض اكثر جرأة وسمحت برفع سقف الحرية وفى نفس الوقت وجد المسرحيون الحل الأمثل لاستعادة الجمهور من جديد للاهتمام بالمسرح فى خروج المسرح للميادين والشوارع والساحات والبحث عن فضاءات مسرحية مختلفة تخرج من إطار المسرح التقليدى.